الكاتب والسيناريست عيسى شريط لـ''الخبر'' / حاوره حميد عبد القادر


الكاتب والسيناريست عيسى شريط لـ''الخبر'' / حاوره حميد عبد القادر

 يعتقد الروائي والسيناريست عيسى شريط، مؤلف سلسلة ''ساعد الفط''، أن التراجع مايزال مستمرا على مستوى الإنتاج التلفزيوني الجزائري خلال شهر رمضان، سواء أكان دراما أم أعمالا فكاهية. وقال، في حوار مع ''الخبر''، إن كل ما ينتج من أعمال تلفزيونية يتم بأسلوب هاو، ويخضع للرغبة في الربح السريع

 بصفتكم كاتب سيناريو، إلى ماذا ترجعون هذا التدهور الحاصل مجددا على مستوى برامج رمضان الجزائرية؟ 

 يعود تدهور مستوى برنامج رمضان إلى جملة من الأسباب، أهمها الفقر الاحترافي بامتياز، كل ما يتم تقديمه من أعمال تلفزيونية، يتم إنجازه بأسلوب هاوٍ لا أكثر ولا أقل. واعتماد أسلوب الهواة له سبب جوهري، ينحصر أساسا في الربح عبر سرعة تصوير العمل بارتجالية، واختيار ممثلين لا صلة لهم بالتمثيل على الإطلاق والذين لا يتقاضون أجورا مقابل ذلك، بل لعلهم يدفعون من أجل الظهور، أو لنقل هم مجرد ممثلين هواة، لا يكلفون ماديا بقدر تكلفة الممثلين المحترفين. أضف إلى ذلك، غياب النصوص المحبوكة، وإن وجدت، يتم تجاوزها وتحريفها تبعا للتكلفة المالية. هنا نقف، كما سلف الذكر، على غياب العامل الاحترافي الذي لن يتوفر إلا بتوفر فعل استثماري حقيقي.. ومن العوامل المنتجة لهذا الزخم من الرداءة، غياب النصوص والاعتماد على الفعل الارتجالي، وهذا الأخير لا يمت بصلة، مهما كانت، إلى الاحترافية، وهو فعل قاتل للعمل عبر ابتذاله وعشوائيته وثرثرته ولغطه.. إذا كثر اللغط كثر الغلط كما يقال..

 معظم الأعمال خالية من اللمسة الفنية، هل تعتقدون أن عدم فتح المجال أمام الكتاب والروائيين هو الذي أدى إلى هذه الوضعية؟

 أصدقك القول لا أحد على الإطلاق ممن ينتجون مثل هذه الأعمال التلفزيونية يفكر في اللمسة الجمالية، بل أغلبهم يعتقد أن العمل الدرامي فكاهي، وغيره مجرد حوار وثرثرة طويلة تكتشف في النهاية أنها جعجعة بلا طحين، ويتجاهلون اللمسة الجمالية التي ذكرت، سواء عن جهل أو تجاهل، علما بأنها المميزات الأساسية للعمل السمعي البصري، هذا إذا ما ذكرنا الصورة فقط.. ويعود السبب دائما وأبدا إلى غياب النص الدرامي الذي يوفر مثل هذه اللمسة الجمالية وغياب منتج محترم يصر على إنتاج عمل يحترم فيه الفن أولا والمتفرج الجزائري ثانيا، وهذا لن يتوفر إلا بتوفر الاحترافية بكل معاني الكلمة، لكنهم لا يفعلون ما دام الأمر يتعلق بالربح وفقط.. نعم يمكن جدا وجزما للروائيين الجزائريين المساهمة في إنتاج نصوص قيمة موضوعا وجمالا، وأن يسدوا هذا الفراغ سواء عبر اقتباس أعمالهم الأدبية أو استدراجهم إلى عملية الكتابة السمعية البصرية. وفي اعتقادي، فإن الاستمرار في إبعاد هؤلاء وتجاهل ما يمكن أن يقدموه، سيكرس الرداءة أكثر ويمدد عمرها، واليقين أنهم لن يفعلوا خوفا من التكلفة المالية دائما وأبدا. 

المستوى يتراجع من سنة إلى أخرى، هل تعتقدون أنه يوجد اعتقاد لدى المنتجين بأن الجمهور الجزائري ''أحمق'' يطلب الحماقات؟ 

 أنا لم أر جمهورا أكرم من الجمهور الجزائري، يقدمون له المهازل والحماقات والتفاهات ورغم ذلك يصفق لهم، على أمل أن ينتجوا أعمالا في يوم تحترمه وتحترم ذوقه. واليقين أن استمرار المنتجين في إنتاج مثل هذه الأعمال المنحطة، يؤكد أنهم لا يعيرون أدنى اهتمام للجمهور الجزائري، غير أن الجمهور الجزائري يسخر من هذه الأعمال باستمرار ويصفهم بالحمقى، بل ينفر منها ويلجأ إلى مشاهدة الأعمال المحترمة ذات المستوى الفكري والجمالي الراقي، وهو يدرك جيدا أنهم صورة تعكس حالة المجتمع في عمومه، حيث الرداءة هي مقياس النجاح. 

خلال كل رمضان نجد نفس الوجوه، هل سئم منها الجمهور لأنها غير قادرة على التجديد؟

 كثيرا.. ووقف على مستوى أدائهم البائس، والقاعدة تقول إذا زاد الشيء عن حده انقلب إلى ضده، لننظر مثلا الممثل القدير المثقف ''عثمان عريوات'' الذي لم يظهر منذ زمن بعيد، لكن صورته كممثل محبوب لم تهتز على الإطلاق لدى الجمهور الجزائري، لأن الرجل قدم أعمالا راقية احترمت الجمهور، ولم تعامله كأحمق مثل ما يفعل هؤلاء، بذلك هم سقطوا وأصبحوا سخرية الجميع، وظل ''عثمان عريوات'' شامخا لأنه يعتمد الاحترافية، وقد اتصل بي مؤخرا كي أكتب له عملا ، وسأفعل إن شاء الله وأنا كلي اعتزاز للتعامل معه. على المنتجين مستقبلا إدارة ''كاستنيغ'' محترف بعيدا عن المحاباة والمعرفة في اختيار الممثل أو الممثلة، الذين يمكنهم إحداث الإضافة، وعليهم أيضا أن يتنقلوا إلى عمق الجزائر، حيث المواهب المدفونة وألا يقتصروا على العاصمة.
http://www.elkhabar.com/ar/culture/298147.html
 

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الهدم البنّاء و مفهوم الزائل في الفن المعاصر لمحراب التشكيل / محمد فارس

الصورة في الفن المعاصر بين الإدراك و التأويل / محمد فارس تونس

حوار الخامات وولادة الأثر، قراءة في تجربة سامي بن عامر / رياض بنالحاج أحمد: باحث جامعي