المشاركات

عرض المشاركات من مارس, ٢٠١٧

الفنان التونسي مراد الزارعي يتحدث عن تجربته النحتية: "ليس كل نحات الاها... وإنما من الجماد ما نطق"

صورة
لن انسى تلك الوهلة الاولى التي وقع فيها ناظري على بعض الاسلاك الحديدية التي كانت ملقاة على الارض.  وقتها لم افكر ابدا ماذا سأفعل بهذه القذارة ، بقدر ما كنت مشغول بتفحص تلك المادة البائسة المتلاشية ومحاولة جمع بعض من اوصالها المتقطعة... وبدون وعي،  رحت امسكها بها، و اتلمس اجزائها محاولا ترويضها بين اصابعي. وكأني بتلك الام الحنون التي تحتضن وليدها للمرة الاولى، فتقربه منها وتشعره بحنانها، فتعوده على رائحتها. تلك الرائحة التي تذكرني بأمي، بمادتي ، بالأنثى التي تنساب شعرا وجمالا وخصبا ... فهي الحنين ، وكذلك الجنين الذي سيتكون من رحم المعاناة، ويتشكل  ليصير ذلك الكائن الجامد الذي ينطق في صمت، ويبوح للعلن عن حكاية خلقه المثيرة. هكذا حاولت ان احتضن مادتي ، وأعانق ملهمتي في هوس وأقربها شيئا فشيئا لنفسي، وأشعرها بخفقان قلبي لأفقه لغتها، فتحس ولعي بها، فتنشا بين جسدينا تلك الكيمياء الغامضة التي سرعان ما ستتحول فيما بعد الى معاشرة ابدية بين جسدي الحي و جسد المادة الاصم. و التي ستتحول مع مرور الايام و السنوات  الى عشق وجودي يتبدد بخاطري ووجداني، ويحول عبثي الطفولي الى اصرار وعزم  ف