بهجة النظر في اللهجات المرسومة / بقلم : عدنان بشير معيتيق


الخطاط الليبي محمد الخروبي


بهجة النظر في اللهجات المرسومة
بقلم : عدنان بشير معيتيق
بهجة النظر في اعمال الفنان التشكيلي والخطاط الليبي محمد الخروبي , متعة القراءة بتأني وعلى عجل امام نصوصه البصرية :آيات قرآنية وأقول مأثورة وأبيات شعرية مختارة بعناية فائقة , تغمر وجه المتلقي نسمات باردة للألوان شفافة ممزوجة بخبرة سنوات من الدراسة و العمل الشاق في مجال الرسم والتلوين والتعامل مع مناخات تشكيلية تقترب من الاعمال التجريدية الخالصة في شكلها العام وترنو في اغلب الاحيان من حروفيات ومخطوطات قديمة مهترئة في مظهرها متماسكة في بطنها فنصوصه التشكيلية تتشكل على اسطح لوحاته ككتل ملونه متداخلة الحروف والألوان فتجدها تارة في حالة عراك وتارة اخرى في حالة عناق وكلا الحالتين لا تخلو من الانسجام والتناسق .
اعماله لا تضيع في متاهة الصنعة فهي دائمة التجدد والتنوع رغم نسقها العام والموقف التشكيلي الذي يتخذه في مسيرته الفنية .. فالمهارة عنده اداة من ادواته الطيعة يستدعيها حسب الحاجة الفنية فتكون حاضرة بقوة في اعمال وتغيب قليلا في اعمال اخرى فالموضوع يحدد الضرورة لاستخدام القدرة الفنية ونسبتها في الاعمال المنجزة.
العملية الابداعية عند الفنان تبدءا كـ (شفرة مورس) التلغرافية حاملة معها تتابعات ذات اطوال موجية مختلفة تعبر عن حروف وأرقام ورموز تصبح مكانا لتوليد الافكار ومعمل انتاجه يتواصل معها المتلقي عبر اسطح ملونه ومكتظة بالأشكال المعبرة عن نصوص الفنان المقترحة في اعماله الفنية ومرتبطة بذائقة المتلقي وخبرته الفنية ايضا في التعامل مع هذا الاطوال وفك شفرتها واستخلاص مضامينها ورغم ان الفنان لا يركز على مضمون النص المكتوب بقدر تركيزه على الحالة التشكيلية التي يصنعها حضور كل المفردات التشكيلية مجتمعة بما فيها النص المكتوب نفسه فيصبح العمل الفني نصا تشكيليا قائما بذاته حاملا معه النص المكتوب في داخله كوحدة واحدة بعد التفاعل الكيميائي الناتج من خلطة الالوان والاحبار ومواد الرسم والتفاعل النفسي والوجداني العميق الناتج من تفاعل حساسية الفنان بالمحيط .
يركز الفنان في اعماله على اللهجات المرسومة بعد ان تعلم فن الخط المغربي وهو اقرب في شكله الى الرسم منه الى الخط فتصبح نصوصه البصرية ذات اصوات مسموعة باختلاف لهجاتها ونغماتها المرسومة بها من انواع الخطوط التي تعلمها في مراحله التجريبية كالخط الكوفي والخط المغربي وخط الثلث وخط النسخ وخط الرقعة والديواني والفارسي والمكي والمدني وكل اشتقاقتها الاخرى فهي تحمل اصوات متباينة لكل من ابتكرها وتعامل معها وتفنن في خطها من انبياء وسلاطين وشعراء وامراء وفنانين وتجار عبر كل تلك العصور المضيئة والمظلمة.
يصف الفنان حالة الرسم والتدوين عنده في حوار سابق : "في لوحاتي غالبا ما يكون النص حاضرا ، ولكن بعد تحويله لمدلول بصري ، لا اسعى من خلاله لإبراز دور الخط التدويني في نقل المعاني ، وانما اجعله عنصرا مكملا للون ، وانا لا اعتبر هذا تفريغا للمحتوى او للرسالة المباشرة التي يود المتلقي ان يجدها في اللوحة ، فبصفتي حروفيا فرسالتي الاولى بصرية بالدرجة الاولى ، ومع ذلك تستطيع قراءة بعض اللوحات ان امعنت البصر والفكر ، واضيف ايضا ان المضمون متغير حسب الثقافات المختلفة والادراك البصري الجمالي متفق عليه تقريبا ، وعلى الحروفي ان يسعى لعمل لوحة خطية معاصرة ذات طابع شخصي ،تحمل جماليات تتفق مع الفنون الاخرى. "
تدرب على يد شيخ الخطاطين ابوبكر ساسي ولازم الاستاذ الفنان ابراهيم المصراتي. تحصل على الترتيب الثاني والثالث في مهرجان الجزائر الدولي للخط العربي لسنة 2009 و 2012 وشارك في ملتقى الشارقة لفن الخط العربي وملتقى المدينة المنورة لخطاطي المصحف الشريف و معرض الماضي يضيء الحاضر المركز الثقافي الروسي بتونس 2007 ومعرض (( همسات الصمت )) بقاعة ((دي فيلا)) طرابلس 1998 معرض بعنوان (( تمائم ضد النسيان )) بدار الفنون طرابلس 2001 ومعرض مشترك بسوريا عام 2001 و بينالي القاهرة الدولي لفن الجرافيك ومعرضه الشخصي ( نقطة ) بقاعة كازا لونج 2010 طرابلس والكثير من المعارض والورش في داخل ليبيا وخارجها.
من مواليد طرابلس , بكالوريس كلية الفنون طرابلس 1997, دبلوم دراسات عليا 2006 .عضو مؤسس بالاتحاد العالمي للخط العربي والزخرفة الاسلامية، ونائب رئيس الاتحاد بليبيا. عضو مؤسس لنقابة الخطاطين الليبيين . عضو مؤسس لمركز ليبيا برنت ميكر لفنون الحفر والطباعة.

عدنان بشير معيتيق
فنان تشكيلي من ليبيا
2015.05.01

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الهدم البنّاء و مفهوم الزائل في الفن المعاصر لمحراب التشكيل / محمد فارس

الصورة في الفن المعاصر بين الإدراك و التأويل / محمد فارس تونس

أعلام الموسيقى والغناء في العالم العربي الشيخ العربي بن صاري (1863-1964) / محمد بن عبد الرحمن بن صالح