الفنان نصر الدين العسالي Nasreddine El Assaly وسانفونياته التونسية الخالدة !!! / بوكرش محمد



ترددت على تونس من سنة 1979 كقبلة للفنون التشكيلية لفك حصارنا الثقافي المفروض علينا الى اليوم بعدة طرق .. يشارك فيها أشباه المثقفين وأشباه الساسة معا.. رغم ما ينفق على هذا القطاع بالمليارات...
والعيب ليس في الأنظمة المتعاقبة بقدر ما هو في المواطن عديم الشخصية والموقف هذا الذي لا يثبت على حال، المواطن الذي يفكر تماما عكس ما نعرفه عنه سابقا قبل أن يوظف بهذا القطاع ..
مرض تفشى في البلاد العربية وأصبح يحول بيننا وبين التعرف عن الفنانين كان ذلك محليا أو بالدول العربية وأقرب هذه الدول لنا تونس والمغرب.. واذا تعرفنا على مثل هذه الشخصيات الفنية يكون الفضل في ذلك الى نوافذ التواصل الاجتماعي خارج دواليب وزارات الثقافة وأدوارها التي عجزت فيها تماما..جراء استحواذ المقاولين والسماسرة عليها..
سعدت جدا اليوم بالتعرف الى سانفونيات الفنان التونسي نصر الدين العسالي عن طريق الفايسبوك وهو الفنان التشكيلي التونسي الذي نافس ما قام به زبير التركي برسومه الحبرية بالريشة الفلاذية تخليدا للحياة التونسية اليومية وحياة التونسي المليئة  بالفرح والخيبات..
يكون بهذا الفنان نصر الدين العسالي متميزا جدا عن استاذه زبير التركي بثراء اللون وما قدمه له بعد تجربة سنوات مخبرية وتجريبية عكست ما فلت من زبير التركي وريشته واللون الأسود الحبري وابيض الورق.. ذبذبات ألوان الفنان العسالي واهتزازاتها تحت ضربات سكينه استحضرت عمق الثقافة الروحية وطقوس الحياة التونسية بالمدينة بجميع مرافقها الشرقية والمغاربية..
صخب الألوان كان بالفعل من صخب الأسواق صوتا وروائح بما في ذلك صخب المآذن خمسة مرات باليوم  ما أن ترى اللوحة إلا وتستحضر كل هذا.. تستحضر مواويل المزود ونواح القصبة والزكرة على ذلك بالطبول المدوية شاهدة.. في ركن كل موضوع وكل لوحة..
ما أن تتوغل بين الألوان الا ويخيل لك أن روائح شوارع العطارين والتوابل غزت انفك تتخللها روائح  خبز الأفران المتقدة بكذا شارع بالمدينة..تتخللها روائح الحلويات.. آه .. ما أشهى من هذا وألذ إلا  اذا كنت قد عرفت الحياة التونسية وعشت ولو يوما واحدا منها.. بين البارح واليوم تغيرت مثل هذه الطقوس التي يستحضرها الفنان من حين لآخر والحنين الى ذلك يؤرجحه بين ما هو معاصر.. وما هو بالذاكرة عالق.
شكرا للفنان التونسي نصر الدين العسالي على تواضعه واستمراره في استحضار طقوس اسماعيل الحطاب صليحة التونسية ونجمة الطرابلسية عبد العزيز العروي والجراري ثم الهادي الجويني والجاموسي .. آه...ما أقرب ذبذبات الألوان للأهازيج الموسيقىة.. ويكون بهذا الفنان الأذن التي قد رأت والعين التي قد سمعت..


بوكرش محمد الجزائر29/06/2015

BOUKERCH MOHAMED

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الهدم البنّاء و مفهوم الزائل في الفن المعاصر لمحراب التشكيل / محمد فارس

الصورة في الفن المعاصر بين الإدراك و التأويل / محمد فارس تونس

أعلام الموسيقى والغناء في العالم العربي الشيخ العربي بن صاري (1863-1964) / محمد بن عبد الرحمن بن صالح