أسئلة محيرة لا أجد لها إجابات... / الفنان يزد خلوفي
أسئلة محيرة لا أجد لها إجابات... / الفنان يزد خلوفي
ما يعيشه العالم العربي هذه الأيام من تدافع مرير و قتامة في المصير، في مشهد درامي فريد عنوانه السلبية و الانعدام تام لروح التعايش و التسامح. وضع يحيلنا حتما و مجددا الى الوراء، الى "سقيفة بني ساعده" و ما تمثله من أسى عميق في وجدان الإنسان العربي... مفرداتها الانكسار و الانقسام و الموالي... دوافعها العصبية و الانتماء القبلي..
إذن ليس من المستغرب أن نسمع و نحن على أبواب القيامة بالمفهوم الديني السخيف للألفية الثالثة خطابا على شاكلة : "الى أهلي و عشيرتي"!
صورة محزنة جدا...
فإذا كانت الشروط الراهنة بمثل كل هذه السليبة البائسة و الحالة بكل هذه القتامة، فماذا ينبغي لنا أن نفعل؟
أن نهاجر نحو فضاءات الحرية؟ أو الانزواء الوجودي و بالتالي الاكتواء بنار الحرقة!
أسئلة محيرة لا أجد لها إجابات...
الكل ينادي بالتغيير في هذا العالم الصاخب بالضجيج، و كأن التغيير يتم هكذا على وزن مصباح علاء الدين: بمجرد تحييد زيد أو عمرو.. متناسين أن التغيير الحقيقي لا يتم إلا في القطيعة الحقيقية مع بعض الأنماط المعرفية في تركيبة بنيتنا الفكرية القابعة وراء تلك الصورة التبجيلية لماضي سحيق أصبحنا نشكل عبئا عليه.
إن التقلص و الإفقار الذي أصاب ساحة التفكير العربية و بالتالي الإسلامية لا يؤهلنا أن نجيب عن تساؤلات و هموم هذا العصر المتسم بالسرعة و الذي أصبحنا فيه مجرد أدوات تجيد الاستهلاك. فإذا تفحصنا عناوين ما ينشر من طنجة الى جاكرتا لفهمنا السبب و بطل العجب .... شبه غياب كامل لكتاب في علم الأخلاق من مستوى كتاب مسكويه "تهذيب الخلاق" القرن الرابع الهجري.... غياب كامل لكتاب في اللاهوت أو التيولوجيا من مستوى كتاب "المغني" للقاصي عبد الجبار أو من مستوى مقالات الإسلاميين للأشعري؟... قحط كامل لأي كتاب في فلسفة القانون من مستوى كتاب " الموافقات للشاطبي" و غياب كامل لكتاب في الفلسفة من مستوى كتب الفارابي أو ابن سينا و ابن رشد! انعدام كامل لكتاب في علم الأجناس و الجغرافيا من مستوى كتاب البيروني في وصف الهند؟...
و الشيء نفسه في ما يخص النقد التاريخي، فليس هناك أي مؤلف يضاهي "المقدمة" لأبن خلدون. و الشيء ذاته في مجال النقد الأدبي و الفني..فأين هي المؤلفات التي تضاهي كتب ابن جني أو عبد القادر الجرجاني .. أو الكتب التي تنزع هالة الأسطورة عن الفكر الديني ككتب الجاحظ و أشعار المعري؟...
و قل الأمر نفسه عن نزعة الاحتجاج الأخلاقية، فأين هي الكتب التي ترقى الى مستوى كتاب "مثالب الوزيرين" لأبي حيان التوحيدي؟ و في مجال التفسير و الدراسات القرآنية، أين هي الكتب التي ترقى الى مستوى التفسير القرآني النقدي الشمولي الذي أنجزه فخر الدين الرازي؟
السؤال:
لماذا انعدمت هذه النظرة النقدية الاستكشافية المستقلة في الظروف الحالية؟
لماذا نميل دائما الى التمكين للمواقف الذوغمائية القمعية الاستعبادية؟ و نغذي بمواقفنا و صمتنا خطابات التدجين و الدفاع الهجومي عن الدين و المتسم بالصياح الغير المجدي...؟
أسئلة فعلا محيرة...!!
كل عام و انتم بخير
يزد خلوفي
تعليقات
إرسال تعليق