عاشق الحاره المصريه ( الفنان التشكيلى ) صلاح عنانى/ ثريا عامر
عاشق الحاره المصريه ( الفنان التشكيلى ) صلاح عنانى
par Thouria Amer, jeudi 10 novembre 2011
.كلما تأملت لوحه الحاره لعنانى، أجدها تمتلئ بحب وإقبال على الحياه و بها أيضاًُ القناعه والرضى. ورغم الاحزان الملونه، إلا اننى أرى نشاطات لا تنتهى وحالات نفسيه عديدة كل واحده حدوته.
و اليوم لن أقدم سيره ذاتيه عن الفنان عنانى، فهذا المقال هو رؤيه خاصه لعمل واحد فقط ... عمل تحتشد وتتزاحم فيه التفاصيل والعناصر اللا منتهيه، فى مشهد لشارع او حى مصغر أو حاره ... وأى مشاهد للعمل سيشعر بالألفه والقبول للعمل.
صلاح عنانى (مواليد 1955) ، وسمى بفنان الحاره. ومن يشاهد هذا العمل لن ينساه بل يحلم بإقتناء مطبوعه منه
و ولكن يتعزر الحصول على مطبوعات فنانى مصريين للأسف أنه من السهل جداً الحصول على اى مطبوعات لأى فنان غربى
التحليل البصري للعمل : .
و وجهة نظرى هى: إن الاستمرار فى العمل والاضافات المستمره هو اسلوب يعيش خلال الالفه النفسيه و الشعوريه للعمل ... وأيضا الشعور بالأمان و الرغبه فى الاكتشاف. و ذلك لأن الفنان يكتشف أبعاداً لم تكن موجوده، والفنان هو الانسان الوحيد الذى يشعر بهذا ...
وكأن العمليه عباره عن perfect moments ... وهذه اللحظات النادره فى المتعه البصريه الكامله visual orgasm أو ال climax التعبيري، هذا الشعور يحدث ولا يشعره سوى الفنان أو كاتب القصه او القصيده أو نحات الصخور أو الملحن المبدع أو المغنى القادر على التلاحم مع صوته الى المستمع مثل العظيمه فيروز والرائع على الحجار ,,
النشوه الفنيه تختلف عن النشوات الاخرى مثل المخدرات، الخمور ... و ليس معنى هذا إن كل لوحه يصل فيها الفنان إلى النشوة، أو الاقتناع التام total satisfaction ... بل هى لوحات قليله لكنها خلدت الفنان الذى رسمها ... مثل الموناليزا لدافنشى، أو الصرخه لمونك.
وبعد هذا التوضيح أعود الى لوحة الحاره لعنانى.
المحاور العريضه للتصميم، ومن خلال نظره شامله the mass، تجد أنها حارات أو شوارع ضيقه مثل المتاهات .. شارع رايح وشارع جاى وشارع يقطع شارع وأزقه.
"التعدد" فى المكان يعطى شعور للمشاهد بالترحيب وكأنك تدخل العمل، وهذا يسمى بـ "التكوين المفتوح"، و قد بدأ فى الظهور فى لوحات فنانى النهضه فى إيطاليا.
و عنانى إستخدم منظورين هندسيين: واحد جانبى كالمسرح و واحد علوى، حتى تشاهد اللى فوق واللى تحت ... وهذه المتاهات أعطت إحساس بإتساع المساحه، رغم الاختناق السكانى. وكأن السكان قد هجروا شققهم وخرجوا الى الشوراع، و لكن هناك من تبقى منهم.
يوجد مراكز إهتمام متعدده فى اللوحه، مع تصميم لكل عمارة ... وهذه العمارات أيضا تعددت أشكالها و فى تصميماتها، وأحيانا كأنها شواهد قبور أو مقامات، تكيات، جوامع ... فى تحويرات كاريكاتيريه للعمارات الشعبيه !!
والمنظور الثنائي "الجانبى والعلوى"يوضح الاسطحه الخاصه بالمنازل، وأجمل حاجه لم يضيفها عنانى هو إنه لم يضع أى "دش" على أى سطوح ... فالاسطح تظهر كأنها مكان القعدات واللت والحواديت. و هناك من يصلى وأيضا من يجلس لوحده يتأمل الفرج اللى جاى بكره ... والمؤذن يؤذن ومن الشبابيك نشاهد أنشطه مختلفه.
وأجمل شيئ هو إعلان الكينا ... فهناك شخص يحمل زجاجه وأيضا ربما إعلان لفيلم يصور وجه شرس بشوارب !!
أما الحوارى، فرغم ضيقها لكنها تمتلئ، بل فعلا هى مزدحمه، بكل ما تتخيله: قرداتى وقرد - كلب أسود ضال نحيل مالوش صاحب - بتاع العيش شايل العيش على دماغه وشادد طرف الجلابيه بسنانه وهو على بسكلته !!!
نجد أيضاً: بتاع الفول المدمس - السقا - أعمى ومعاه حفيده بيرشده للطريق - بائع الجرائد - مساح الاحذيه - جلساء المقهى - المداحين ومعاهم الطبال - الكارو وعليها نسوان و واحدة بترقص - الموتوسيكل القديم والمقطوره الملحقه به، بس مافيش توك توك !!
نشاطات وصور متعدده تشعر بأن عنانى قد تعمد أن يسقطها فى الظلال ... و أشعر بالتهميش والاهمال المظهرى المتعمد من عنانى، لكنهم يعيشون ويستمرون فى أحلامهم ... ويستمرون أيضا فى الحركه وفى التوهان فى هذه المتاهات التى قدمت فى صورة الحاره المصريه.
لكن هل هى المتاهات بس فى الحاره؟
لن اشطح الى المشاكل السياسيه، بل اعود الى اللوحه الرائعه التى تشعرنى بحب عنانى لأدب نجيب محفوظ ... لفكرة الحاره المصريه. فمن الجماليه خرج نجيب محفوظ، و من السيده زينب خرج حامد ندا ، و من باب الشعريه خرج عبد الوهاب ... وكثيرين خرجوا من احضان الحارة المصرية.
اتمنى أن تكونوا قد قضيتم وقت ممتع مع التأمل العميق لهذا العمل الجميل فى تهميشه وفى أحزانه وفى أفراحه ... هذا العمل الذى يعرض شريحه مهمه من المجتمع المصرى ... وهى الحارة
في الشوارع
شيء غريب بيناديني
شيء بيفرض جوه مني
حزن عيني
شيء ياخدني يشدني
يرمي حزني ع الشوارع
اترسم كل الوشوش
تتقسم بينا المواجع
ابقى واحد منهم
جرحي هوّه جرحهم
والحقيقة متوهاني
ف الشوارع
حلم عاشق للنهار
شفته ف عيون طيبين
حلم مطحون بالمرار
يطرح غناوي المجروحين
حلم مطحون بالمرار
يطرح غناوي المحرومين
ولامته هنعيش في انتظار
وعلينا بتمر السنين
اترسم كل الوشوش
تنقسم بينا المواجع
ابقى واحد منهم
جرحي هوه جرحهم
والحقيقة متوهاني
ف الشوارع
ليه بنسأل ميت سؤال
و الطريق نمشيه و تاني نرجعه
كل حاجه فوق حدود الاحتمال
كل واحد فينا جرحه بيوجعه
اترسم كل الوشوش
تتقسم بينّا المواجع
ابقى واحد منّهم
جرحي هوه جرّ حهم
والحقيقة متوّهاني
فن جميل ..عربي اصيل و مليء بالروح الشرقية الجميلة
ردحذف