أدلجة الأدب ثمّ الجوائز الأدبيّة / بقلم : غنيّة كبير





حين تمنح الأكاديميّة السويديّة جائزة نوبل للآداب للمنشقّة البيلاروسيّة سفيتلانا ألكسيفيتش، فهذا يجعلنا نتكلّم مجدّدا عمّا أثير منذ عقود عند العرب، عندما منحت الجائزة لنجيب محفوظ وحرم منها جزائريون كانوا مرشّحين بقوّة لنيلها بجدارة واستحقاق، كلّ العرب تكلّموا وقتها عن السياسة المصرية والتطبيع مع اليهود، في المقابل ظلّ الموقف الجزائري وقتها ثابتا في دعم القضيّة الفلسطينيّة، فاستبعد أدباؤنا من الجائزة التي لها ضحاياها ومنسيّيها بالرّغم من أنّها في معظم الأحيان تنبّهنا إلى كتّاب كبار معظمهم كان مظلوما من طرف الإعلام والنقد الأكاديميّ أيضا.
وقد ثبت سنوات الحرب الباردة أنّ الجائزة كانت تقف في صفّ ضد المعسكر الاشتراكي، فتحتفي بمنشقّين دعما لهم وللمركزيّة الغربيّة التي يرسّخها الأدب الغربي، إذ كان الحديث وقتها عن أدلجة الجائزة، التي صارت تخلط ما هو جمالي أدبي بالسّياسة والحروب والسّلاح.
والملاحظ على كثير من الجوائز الأدبية الغربية، أنها تراعي المقاصد السياسية أيضا في تقييمها للأعمال الأدبية المرشحة من دول أخرى، متخذة إدارة جائزة نوبل كنموذج يحتذى، فقد كانت دوما تمنح الجوائز للمنشقين كي تغيض روسيا والصّين، واليوم بعد عودة روسيا إلى صناعة القرار في العالم واستعادة جزء من مجدها الغابر، أصبح من الضروريّ إغاظتها مجدّدا بعدما أُهملت لسنوات عندما ضعفت سياسيا واقتصاديا.
وحتى إن لم نكن قد اكتشفنا القيمة الفنيّة لأدب الكاتبة البيلاروسيّة بعد، لكن أوّل ما ذكره الإعلام هو أنها مناهضة للإرث السّوفييتي الذي يطمح بوتن إلى إحيائه ودفاعها عن الحريات، وهذا لا يعيب الكاتبة لكنه يجرنا إلى طرح السؤال نفسه "ما علاقة المواقف السياسيّة بالتقدير الأدبي؟"، خصوصاأنّ تعليقات الكاتبة نفسها بعد الفوز جاءت حول مواقفها السياسية وليس شيئا آخر.
Kghania2014@yahoo.com

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الهدم البنّاء و مفهوم الزائل في الفن المعاصر لمحراب التشكيل / محمد فارس

أعلام الموسيقى والغناء في العالم العربي الشيخ العربي بن صاري (1863-1964) / محمد بن عبد الرحمن بن صالح

آعـظـم 100 كتاب فـي تـاريخ الـبشريـة ... (جميعها جاهزة للتحميل)