ربيع التشكيلي عبد الحليم كبيش والمستحيل الممكن !!! / بوكرش محمد
ربيع التشكيلي عبد
الحليم كبيش والمستحيل الممكن !!!
ما من مبدع في
العالم الا ويمر بأربعة دوائر أو البعض منها، كل حسب قدراته ومؤهلاته.. دائرة
الممكن ، دائرة السهل الممتنع الممكن ، دائرة المستحيل الممكن ودائرة مستحيل
المستحيل. من التجريب والمحاولات وهذه الدوائر نأخد عينتين كأمثلة للخوض في صلب الموضوع.
عينة من أربعة كلمات عنوان قصيدة غناها ولحنها
المرحوم فريد الأطرش هي : (قدام عينيا وبعيد عليا) والعينة الثانية تلقيب الشاعر لزهر عجيري نفسه بالفيروزي .
يكون البوح عند معظم الفنانين والاستمرار فيه بشتى
الطرق والأساليب، حرقة متجددة ومستمرة تبحث عن مطافئ أو النيل من الهدف واصابته..
انطلاقا من هذه الاعترافات
الغير مباشرة التلميحية المشتركة والإصرار الضمني على أن الوصول للأهداف قد يكون شبه
مستحيل .. لكن .. لكن ما دامت الأهداف متاحة للعيون، فالبعد ربما بالعمل والمحاولة
قد يذلل، أو يقلص بنسب متفاوتة.. ويصبح المستحيل مصنفا في خانة المستحيل الذي قد
يكون ممكنا .. والمثل الشعبي المشجع يقول : الدوام يثقب الرخام .
هذا ما يحدث معنا
كلنا ، وبالاجتهاد قد يكلف الكثير منا العمر كله ..العمر الذي يقاس في النهاية بما
قدم فيه كإنتاج ونتائج : قصائد ودواوين شعر، قصص ، روايات، سانفونيات أو أعمال
تشكيلية الى غير ذلك..
الفنان التشكيلي عبد
الحليم كبيش كنموذج ، من ولاية جيجل
الساحلية شرق الجزائر العاصمة .. الولاية التي حباها الله بالجمال الطبيعي النادر،
حباها الله بالفنانين، بالمفكرين بالأدباء
والشعراء كالمرحوم أبوالعيد دودو، القاص والناقد المحلل سعيد بوطجين والشاعر
الكبير عبد الله لحيلح، في طبيعة عذراء وكأنها قطعت الآن من الجنة لتكون لنا فكرة
شبه نموذجية لمفهوم الجنة التي يعد بها الخالق كمثوى للبارزين منا..
هنا كانت تنمية ذوق
الطفل عبد الحليم وحسه بالجمال قبل أن يعرف شيئا عن الفن والفنانين ..
من خلال الصورة
بكتاب القراءة، ومن خلال التعبير
الانشائي بالمدرسة، بدأ الطفل تكوينه الخيالي الذي مهد له وأعد ه أن يكون من
الممتازين بمجرد التحاقه بمدرسة الفنون
الجميلة.. حيث لا أبجدية تلقن غير لغة الحس بالظل والنور وبما حفل به الاثنان من
ألوان تسبي الأنظار وتعد بالكثير..
الفنان عبد الحليم
كبيش بالممارسة أخذ من الألوان والأشكال لسان حاله التعبيري، رغم صعوبة ذلك.. شق
طريقه الفلسفي الميزاجي المتقلب حسب احتياجاته النفسية ورغباته التي لا تتحقق في
الواقع كما يريد ويتمنى..عاش ويعيش الشتات الدائم بين جمال نسبي مفروض بطبيعته
وتوقع النيل من باقي الجمال الأصلي (الكمال.. ) كلما انحنى بالقبض على نسبة منه
هنا، خانه مكمل ذلك وهو هناك، وفي مواقع مختلفة ، لن يجد الفنان له حيلة وسبيلا الا بالتمزق والذهاب قدما قاصدا مكمل ذلك
، تاركا بألم خلفه الجزء الآخر مرغما..
لذا نجد لوحته جامعا
مركبا من ثنائي أو ثلاثي وأكثر، محاولة منه بذلك القبض على ما يشفي غليلة بنسبة مقبولة
مؤقتا على الأقل..
عبد الحليم كبيش
تناول في المعظم من أعماله، تكرار الزهور بإيقاعات اهتزازية مختلفة وذبذبات ايحائية كرموز واشارات لما يحتاجه من
جمال في تصوره، تناول بذلك شتاته وحالات يمر
بها بالتخطيط والتصاميم .. معرجا على جمع كل ما يحتاجه ويتطلبه مثل هذا ، لعل ذلك يكون
من فضاء مريح يخدمه ويطفئ نسبة من شعلة الرغبة والتعطش..
الفنان عبد الحليم
كبيش يصارع ما يشبه المستحيل الى حد الآن ومصر على ذلك .. مصر على تذليله ..وتحقيق "مستحيل يراه ممكنا.. "
ربما بفضاء سماء متسعة لبدر تاه عشقا بما حوله من نجوم.. ربما بجمع الكل بمدينة
تتسع له ولرغباته المجونية الجميلة والمجنونة في نفس الوقت..
واصل ويواصل الفنان
عبد الحليم كبيش طريقه الفني الحافل بالخيبات النفسية وعدم الرضى عن النفس من جهة،
وبأعمال يرى أنها تعده بتحقيق "المستحيل الممكن" من الجهة الأخرى..
كم أنت جميل صديقي
بحروبك المشتعلة جمالا، وبوسع طمعك المتواصل..
بوكرش محمد
09/05/2016
تعليقات
إرسال تعليق