تطبيق الشريعة ...ولكن / عبد المجيد بنعبدالله

تطبيق الشريعة ...ولكن / عبد المجيد بنعبدالله

من ابرز ما يتعلق بتطبيق الشريعة هو ذاك القضاء الذي يحكم بقطع يد السارق عند ثبوت الفعل الموصوف والمعلوم ان وضع الحد فيه مقصده بيّن ردع تكرار الفعل وترويع الغير بهول الجزاء ..ولعل التامل الحصيف لايخفي تعامل الشريعة في المضمار مع الجسد الانساني بصفة حصر المسؤولية الجزئية في العضو المعني حسيا بجرم السرقة فتم وضع العقاب على عضو اليد بسفته مسؤولا جنائيا بالاقتراف دون سائر الاعضاء غير المعنية اصلا بتبعة الجزاء وحتى الدافع النفسي والذهني تم عدم اعتباره كما لو ان اليد هي الطولى وحدها في الجرم ولعل النظر الى المسالة في بعدها الاجتماعي لا يخفي الخلفية الطبيقية : لان السرقة قبل ان تكون فعلا مدانا من المبدا الاخلاقي الديني هي بالاساس فعل طبقي لان السارق ياخذ ملكا اقرته العلاقات الطبقية وخصته بالمالك الذي تمثل سرقة ملكه تهديدا لنظام توزيع الثروة القائم ولذلك كان الشطط بينا في العقاب وكان حصر فعل الجرم على اليد قاسيا رادعا لان السارق هو كائن لا مبرر للانتفاع بيده لانه في نظر الطبقة المالكة لن يستعملها الا للنهب وهو بطبيعته معطوب الوظيفة في مجتمع اساس نظامه اما ان تكون مالكا وصاحب اليد الطولى او ان تكون مملوكا وان مددت يدك ولو تحت الحاح الضرورة الى ملك غيرك تقطع واكثر ما يحفظ كرامتك ان تمد يدك فقط للسؤال ...والقياس العقلي في هذه المسالة يطرح المسكوت عنه في تطبيق الشرع : ان كان تجريم اعضاء الجسم وفق مسؤوليتة كل عضو عن الفعل المقترن به حسا وفعلا ونتيجة فلماذا لا يقطع لسان من يسرق غيره بحيلة الكلام ومن يقتل غيره بخبيث القول ومن يقذف غيره بالسوء ؟ لمذا لا تسمل عين من يزنى ببصره ؟ المسالة مسكوت فيها عن قبول القياس العقلي لانه ما من جرم مما ذكر يهدد الملكية الفردية ويمس جوهر بناء النظام الطبقي ومواضعاته ..تطبيق الشريعة يقدم مثال العدل والنقاء في المستوى الادنى ولا يقبل ولو من باب الافتراض تطبيق نفس الالية على الحيتان الكبيرة التي تسرق وتنهب بلا ايادي وتلحق افداح الاضرار بالذات المعنوية للاخر بلا لسان وتظل في كل الاحوال تقدم نفسها على انها المثال الصفوي للدين رغم ما في بواطنها من اخلالات مربكة ومتهافتة