الفنان العالمي محمد بوكرش النحات الناجح هو الذي يجعل من نفسه ومن محيطه ما يريد


29/01/2012



الفنان العالمي محمد بوكرش :
النحات الناجح هو الذي يجعل من نفسه ومن محيطه ما يريد

هو فنان لا يفقد متعة الفن الذي تصنعه أنامله، ابدع بمنحوتاته ورسوماته ثم كتاباته، جعلته يتبوء مرتبة الفنانين الكبار الذين خدموا وطنهم على مر السنين، اختزل تجربته الرائدة التي تجاوزت نصف قرن منحها لتلامذته الذين أصبحوا اليوم من خيرة الفنانين التشكيليين، ولم يتردد يوما عن تقديم تجاربه ومعارفه ونقذه في جميع المحافل والمناسبات، ومنها مروره على الاذاعة والتلفزيون، فتألق وأبدع ومازال يبدع، استحق جوائز عديدة داخل وخارج الوطن وكرم في العديد من البلدان، وليس غريبا أن يختاره المعهد الامريكي لدراسة السير رجل سنة 2004. هو إذا الفنان الجزائري العالمي محمد بوكرش، الذي يتحدث لنا عن تجربته في مجال الفن التشكيلي والنحت التي قضى فيها نصف مسيرة حياته، مخلدا الموروث الثقافي الجزائري في مجسمات وتماثيل لا تزال صامدة، وغيرها من المواضيع نكتشفونها من خلال هذا الحوار.

أولا نود معرفة بداياتكم الفنية بصفة عامة ،كيف كانت وما هي العوامل التي فتحت لكم الأبواب لولوج فن الرسم ثم النحت؟ وهل لتنقلات العائلة بين عدة مناطق في تونس ثم في الجزائر دور في تعدد ميولاتكم الفنية ؟
أولا وقبل كل شئ أنا سعيد جدا بهذه الالتفاتة الكريمة بعد مدة ما يقارب 22 سنة العهد الذي كانت فيه “الشعب” منبر كل الفنانين والأدباء الجزائريين أعلام الجزائر اليوم...
مثل ما كانت بداية منبر الشعب وبالأحرى لسان حالهم كجامعة ومدرسة وفضاء تعبيريا كان لكل واحد منا أيضا بداياته معها ومع أقلامها أذكر على سبيل المثال دور ما قام به خدمة لنا وللتعريف بنا الصحافي والإعلامي الناقد المرحوم المهدي لزوم و...
أما ما يخص بداياتي طفلا، كانت متزامنة وبدايات الثورة التحريرية ولدت بتونس ب”سيدي بورويس” ولاية الكاف حيث كانت الثكنات التدريبية لجيش التحرير الوطني الجزائري سنة 1951 .
التحقت بالتمدرس متأخرا بمدينة “السرس” (ولاية الكاف) لأن مولدي سجل متأخرا وبالتحديد سنة 1954 أي مع انطلاقة شرارة الثورة... ويرجع هذا لعدم الاستقرار في مكان واحد تحضيرا للثورة يوم كان الوالد مكلفا بالإحصاء وجمع التبرعات والاشتراكات من الجزائريين المتواجدين بتونس ومن ميسوري الحال من التونسيين.
التنقل من مكان لمكان بالخيمة المعروفة “بيت الشعر” منحني وإخوتي الفرصة بأن نترعرع في الطبيعة المفتوحة مرفوقين بجد وجدة يحسنان معا الرماية تربية الخيل والماشية التي كانت مصدر معيشتنا... جدي بوكرش علي بن النعيمي الكيلاني كان فارسا متمكنا لفت بسمعته انتباه باي تونس وأصبحا يخرجان معا مرة على مرة للصيد معا...مثل ما يحسن الرماية كان يحسن العزف على آلة القصبة”الناي” ولجدتي الصوت العذب الذي عرفته يضاهي صوت المرحومة بقار حدة وعيسى الجرموني..
كنا ننام على ركبتيها ونحن ننتظر العشاء بالغناء ومرات على الحكي على بطولات أجدادنا الذين غادروا الجزائر إلى تونس بعد ملاحقاتهم من المستذمر الفرنسي يوم نفي الأمير عبد القادر والسبب في ذلك أنهم يحسنون صناعة الأسلحة وتحضير البارود وجزء لا يتجزأ من عاصمة “الزمالة” المتنقلة عاصمة الأمير.. وهذا يعني أنهم جمعوا بين النحت الوظيفي وكيمياء المتفجرات..
تربيتنا ونشأتنا كانت على هذه الممارسات التقليدية والموروث الشعبي وهي تقريبا ممارسة يومية للجد ولعمومتنا، لنا فيها دور مهم دور الشد لمساعدة الكبار في ممارسة هذه الأعمال اليدوية حيث كانت بمثابة المدرسة الإعدادية لي ولإخوتي وأبناء العمومة..
بين المدرسة الحقيقية، الكشافة الجزائرية والموروث الشعبي الثقافي اكتشفت الرسم والكتاب، واكتشفت المجلة وأخبار الثورة والقضية الجزائرية...القضية التي عرفتها برموز وأعلام ونشطاء مرسومين وبصور، انطلاقا من الحديث عن ماسينيسا، الشيخ بوعمامة، الأمير عبد القادر والشيخ بن باديس.
هي النماذج، الصور والرسوم التي بدأت بتقليدها دون أن يوجهني أحد... إلى درجة أن الأسود والبني في علبة ألواني تنفذ قبل الألوان الأخرى، والسبب هو أن أكون على شاكلتهم أن أرسم اللحية والشنب وتلوينها على وجهي لأبدو مثلهم... أنعم وأفتخر بالانتماء...
زاد هذا رسوخا وقيمة يوم التحقت بالكشافة الجزائرية سنة 1960 بباردو بالعاصمة التونسية حيث قضينا السنتين الأخيرتين من الثورة...
تمدرست بحي قريب من باردو يسمى “رأس الطابية”، هنا اكتشفني المعلم وأصبح من مهامي رسم صورة الدرس مكبرة على السبورة قبل دخول الصف للدراسة وهذا يتطلب مني الحضور للمدرسة ساعة كاملة قبل وقت الدخول...
دقت ساعة الفرج... دخلنا الجزائر 1962 مرورا بتبسة، برج بوعريرج ونزلنا أخيرا ببلدية عين تاغروت حيث وجدت بالمدرسة أستاذا خريج الزيتونة متمكن من اللغة العربية، كان ينتمي لجمعية العلماء المسلمين من مهامه أيام الثورة متابعة الجالية الجزائرية بفرنسا.
معه عرفت معنى المكتبة وماهية المكتبة، بمجرد انتهائنا من الدروس يأخذنا معه لبيته يقدم لنا بنفسه حليبا وحلوى ويعطينا الكتب قرضا على أمل إرجاعها بعد الاطلاع على ما فيها... وخاصة منها كتب الإنشاء ودراسة الأشياء، معظمها من نشر لبناني برسومات رائعة جدا، مثيرة ومشوقة لقراءة ما معها من نصوص...
بين درس ودرس نلقن بعض من الأناشيد والمحفوظات ونطالب برسم معانيها وفحواها...باختصار هذه جملة من مغريات وبدايات ثقافية، الثقافة البصرية والمعرفية بالممارسة في آن واحد.
ماذا يمثل النحت بالنسبة لكم وما سر اهتمامكم واختياركم لهذا الفن؟ وما هي أهدافكم والرسائل التي تودون إيصالها من خلال أعمالكم؟ وماذا أعطاكم هذا الفن؟
النحت مدرسة عمرها ضارب في عمق تاريخ البشرية، بدأ على شاكلة نقوش جدارية على جدران المغارات والكهوف الصخرية، الرخامية و”الغرانيت”..
تطورت مع تطور الإنسان الجزائري كلغة تواصل وحكي قبل وجود اللغات واللهجات المعمول بها حاليا، كانت بمثابة لسان حالهم بإشارات ورموز واختزال مشاهد كمشاهد الصيد المعروفة حاليا في محميات تمنراست، عين البل بالجلفة وبلدية “تيوت “بعين الصفراء ولاية النعامة...
بدأ تطورها بإحداث رموز خاصة بالكتابة وهو ما يعرف بخط “التيفيناغ”.
لكن الذي لفت انتباهي بقوة للنحت هي المنحوتات التي عرفت بها مدينة سطيف وأنا بالثانوي هناك، منحوتة عين الفوارة منحوتات رخامية بحديقة الأمير عبد القادر ومنحوتات برونزية بالحمام الروماني بسطيف زيادة على البرونزيات الموجودة بشرفة المسرح الوطني لسطيف....
لم أكن أعرف يومها أنها من صنع الإنسان إلا بعد مدة ولقائي الفنان الفرنسي” شاربونال “أستاذ الرسم بثانوية محمد قيرواني بسطيف هو من عرفني بأنه مهنة وحرفة فنية.. والمتطور منها فنا وإبداعا وهو الذي بفضله عرفت أن لمثل هذه الفنون مدارس وتسمى بمدارس الفنون الجميلة وألح عليّ أيضا بأن ألتحق بها.. بعد أن علّمنا الديكور المسرحي والتزيين (الماكياج) وبعض الشيء من الزخرفة.
النحت لم يكن اختيارا بقدر ما كان جزء من قضاء وقت فراغي في صنع لعبتي، تصورها برغبة واحتياج، ثم انجازها واللعب بها وكلما تغيرت اللعبة تغير معها الاحتياج وتغير الشكل والمضمون.
كبرنا وكبرت اللعبة معنا تغيرت الاحتياجات من بسيطة طفولية إلى معقدة ناضجة تحكي هموما وانشغالات تمثل عموما عامل احتياج مشترك...
لكن بلغة المجاز التشكيلي وأبجديات التشكيل رموزا كانت أو إشارات وإيحاءات، تعانق في مجملها الأسلوب والطريقة الإسلامية يطغى عليها الجانب التجريدى...
لكن المشكل المطروح حاليا وخاصة مع الفن التجريدي عموما وفن النحت تحديدا هو حلق وصل بين الفنان والمتلقي المستهلك.. ونعني النقد والنقاد، هذا العنصر المهم الغائب المنعدم بشكل ملحوظ في الساحة الفنية ميدان الفنانين والآداب...
أما ما يخص الرسائل.. فالطريقة التعبيرية التشكيلية تختلف نهائيا عن الطريقة الأدبية والسرد المعروف به الإنسان العربي خاصة ونعني بذلك الخطاب الشفوي المقروء أو المسموع.
الخطاب التشكيلي عموما والنحتي خصوصا هو خطاب ملموس مادي بصري يعتمد عل ثقافة بصرية تتلمس طرح المنتوج بتفاعل ورد فعل ناتج عن طريق نفوذ العمل الإيحائي الاستفزازي على المتلقي.. والرسالة فيه تكون استنتاج يختلف من شخص لآخر وليست بالضرورة ما يقصده الفنان.. والجميل في العملية هو هذا الحدث، الإثارة والبحث، التأويل والاستنتاج...
الفن التشكيلي والنحت وفوائدي منه بالتحديد في تجربتي الشخصية أني تعلمت كيف أرى كيف أصنع تكوينا وبالأحرى تعلمت كيف أكتب
هذه الكتابة التي بدأتها من سنة 2006 الى اليوم، ليست كتابة المحترف والأدباء لكن كتابة ما يخطر بالبال عندما يخونني حضور وسائلي التشكيلية للتعبير عن حالي الظرفي كغلاء المواد وكساد مردود العمل الفني وعدم الاهتمام به تركني ألجأ للتعبير بالوسيلة الأقل تكلفة... وأنت أعرف مني أن الفنان الحقيقي معروف بتذليل الحواجز والقدرة على الانفلات من الضيق إلى الفضاء اللامنتهي... الفن واحد والوسائل كثيرة ومختلفة عليك أن تكون فنانا فقط، تحقق ما تتمنى.. تحقق ما لا يباع في الأسواق تحقق غذاءك الروحي وسعادتك بالقناعة والقليل.. عكس من يشقى ويتشتت بماله.
ما هي خصوصيات فن النحت عند بوكرش؟ وما هي أشكاله؟
النحت الحقيقي هو نجاحنا في تشكيل المادة الحقيقية التي يعول عليها ولا تفنى إلا بفناء العالم وهي الاستثمار في القطاع البشري، في الإنسان، لأنه مادة حية من جملة المواد الثمينة.. كلما زادت العناية به زادت قيمته وكانت كما تريد ولا أجد منحوتة أحسن من نحت (تربية) إنسان..
كلمة نحت الكل يعرف أنها تعبير مجازي يتجاوز الجانب التقني المادي الى ما أسمى الى الجانب الحي الجانب الروحي...
لو طلبنا منكم المقارنة بين النحت وبقية الفنون التشكيلية ماذا يمكن أن تقولون؟ أيها أكثر تأثيرا؟
على اختلاف الأساليب والمدارس، و ما عرفنا منها وما لا نعرف بعد، لتشكيل إبداع، تشكيل معنى ومفهوم الجمال الحقيقي... نحت الجمال المنتظر والمتفق عليه، لكن مازلنا عاجزين أمام آيات الطبيعة.. لهذا نهوى دائما ركوب المغامرة المكلفة لفك أنفسنا من المستهلك والسائد إلى الجديد والإضافة الحسنة، من المعقول إلى اللامعقول... الذي يصبح بدورة معقولا...
ما هو النحات الناجح حسب رأيكم؟
هو أن تجعل من نفسك ومن محيطك ما تريد...
كيف تقرؤون واقع ومستقبل فن النحت ببلادنا وهل ترون أن الفرد الجزائري يتذوق هذا الفن؟
مستقبل النحت بالبلاد مهمة الجميع من القاعدة للقمة، يوم يكون الفرد أداة ووسيلة تتوفر فيها شروط التكوين والتربية بالمستوى الراقي يكون نفوذها بالغ التأثير.. به تتجاوز المحن التي فرضها فاقد الشيء المسيطر الحاجز... السؤال كيف يكون تذليله ومتى؟ يتكلمون على الإصلاحات من أين يأتي الإصلاح وهم أرباب الفساد... من أفسد الحرث والنسل؟.
النحت يعني التنحي... يعني أن ينحو السوقة للسوق واللصوص للقضاء والعدالة.. المعلم للمدرسة والحكماء لتسيير البلاد والعباد...
على مر الزمن اهتمت الإنسانية بفن النحت ألا ترى بأن الإنسان القديم كان أكثر اهتماما وإحساسا به؟
لو لم يتذوق الجزائري وخاصة الشباب منهم جميع الفنون ما كان أن يكون العزوف على صناديق الانتخابات ب”لالالالالالالا” تصبح بعد عشية وضحاها نعم مفروضة بالحديد والنار... ما كان أن يضع يده بيد رئيس الجمهورية لحقن دماء الأبرياء.
ما هو العمل الفني الذي ما زال الفنان بوكرش ينظر إليه كأفضل أعماله وأكثر قربا منه، ولماذا؟
لا تصدقني إن قلت لك الأعمال الفنية التي أنظر إليها كأفضل أعمال وليس عملا واحدا، هم عدد من مر من التلاميذ والطلبة البارحة بورشة النحت التي ترأستها بمدرسة الفنون الجميلة بالجزائر العاصمة مدة سنتين وتلاميذي اليوم بمتوسطة خميستي المدينة بدائرة بوسماعيل من 1980 الى اليوم، هم أجمل وأنفس النماذج النحتية التي قمت بها... حتى لا أقول منحوتة الربيع بـ”شانق شون” بمتحف الأعمال العملاقة بالصين الشعبية، “الحمال “بتافورة العاصمة وكل أعمالي المتواجدة بمتحف الفنون الجميلة بالجزائر العاصمة ومتحف زبانة بوهران...
ما هو رأيكم في مدارس الفنون الجميلة في الجزائر وماذا قدمت للطالب الجزائري؟ وما هي نظرتكم لواقع الفن التشكيلي ببلادنا؟
المدرسة الوطنية للفنون الجميلة بالجزائر العاصمة المسماة اليوم بالمدرسة العليا للفنون الجميلة كانت بالفعل مدرسة ذات شأن دولي كونت أجيالا من المبدعين والتقنيين في جميع الاختصاصات الفنية، أما اليوم وهي “سفلى” عفوا العليا، لست أدري بماذا هي عليا؟ والكل يعلم أن المدارس الجهوية أرفع شأنا وقيمة ومستوى منها... هذا المستوى الذي يعادل البكالوريا الفنية” زائد” سنة. وهي الشهادة التي ترفضها وزارة الثقافة ووزارة التعليم العالي للالتحاق بها وبدلا منها فرض (الباك ) العادي أي” باك “بمعدل ترفضه كل الاختصاصات التي تتطلب معدلا يحفظ ماء الوجه...
كيف لنا أن نكوِّن فنانا بكفاءة علمية معرفية محتشمة جدا أما الفنية والموهبة حدث ولا حرج.
أما ما يخص واقعنا الفني عموما مزر والتشكيلي منها منعدم تماما إلا القليل المتخبط هنا وهناك نراه في مناسبات ذر الرماد في الأعين في ما يشبه صالونات بدور الثقافة المتناثرة في ربوع البلاد لتبرير فواتير استنزاف خزينة الدولة والمواطن، دون أن نستفيد لا بالأرشفة ولا بالإشهار ولا بشراء الأعمال، فقط لقاء من أجل اللقاء يكلف خزينة الدولة كذا 100 مليون...
بدأتم بالرسم ثم النحت وانتقلتم للكتابة حدثنا عن تجربتكم الجديدة مع الإبداع بالقلم؟ وهل هناك رابط بين الفن والكتابة؟ وكيف جمعتم بين النحت والرسم والكتابة والتأليف والتدريس، وأيها اقرب إليكم؟
قبل أن أبدأ الكتابة كنت منشط ومنتج معد لبرامج ثقافية فنية للإذاعة الثقافية الجزائرية مدة ثماني سنوات، متتبع لبرامجها وما يقدم أصدقائي من بحوث ولقاءات مع أعلام البلاد في جميع ما يهم المثقف.
من بين هذه اللقاءات طرح موضوع لماذا الجزائري لا يكتب؟.
قلت في قرارة نفسي: بالفعل نعم سؤال في محله، لماذا لا أكتب؟ وبدأت من يومها ببعض التعاليق المتواضعة على مواضيع تنشر بالمجلات والمواقع الإلكترونية إلى أن أصبح لي جمهورا، فقط بالتعاليق.. هذا زاد من تشجيعي ومنها خطر ببالي أن أكتب ردودا وقراءات لبعض ما ينشر...
ما هي أهم إصداراتكم لحد الآن وكيف كان صداها؟
كل ما كتبته منشورعلى الـ”نات” مواضيع متواضعة أعتبرها قراءات شخصية تشكيلية لبعض أعمال فنية جزائرية وعربية... لي مخطوط أيضا وهو عبارة عن بحث واقتفاء أثر يتعلق بكيفية اختراع الأرقام المغاربية الإسلامية المعمول بها اليوم دوليا، التي تسمى بالأرقام” الغبارية “وهي في نظري المتواضع تؤسس وتؤرخ بداية المدرسة التشكيلية المغاربية الناضجة فلسفيا فكريا عقائديا وعلميا... قبل نضج ما عرفناه من فنون أخرى في المعمورة، مازال قيد الدراسة والتصحيح... أتمنى أن يرى النور لاحقا... وهو معنون وموسوم باسم (سعاة الصفر).
كانت لكم تجربة مع العمل الإذاعي والتلفزيوني كيف حصلت وماذا أضافت لكم وكيف تقيمونها؟
كنت محظوظا في مشواري الفني ولي فيه حضور مميز ملفت للانتباه وبالتالي أعلق بسهولة في ذاكرة من احتك بي وعرفني عن قرب.. لهذا يوم وصل الإعلامي محمد العميري لإدارة الإذاعة الثقافية وهو الفنان في طبعه وتكوينه وسلوكه وتفهمه للفنانين والمبدعين.. بادر باختيار الطاقم التمثيلي والمستوى الذي رأى به تكون هذه الإذاعة ثقافية بأتم معنى الكلمة وهو اليوم مدير إذاعة البهجة نشكره بالمناسبة على أداء مهامه بالصور والحضور المشرف.
نفس الشيء تم بالتلفزيون، لكن باقتراح من مدير التلفزيون الجهوي لولاية ورقلة... يوم كان مشرفا على إعداد البرامج الثقافية بالقناة الثالثة للتلفزيون الوطني بشارع الشهداء.
تشتغلون في صمت هل هي قوة الفنان؟
من يعمل ... ويثق

بنفسه وبما يقدم لا يهمه النور واللهث وراء فلان وعلان أو وراء الشخصيات والوساطات لأنه يعي تماما، كل من يريد الاحترام من الآخر يحصن نفسه بما يحميه ويزيد في قيمته والعملية برمتها تصبح ضمن ما هو تحصيل حاصل ... على سبيل المثال: الرئيس الحقيقي لأي بلد أو المسؤول الحقيقي في أي مهمة هو أكبر من يكون رئيسا أو مسؤولا.. وكل من يتحصل على دكتوراه في الواقع والمستوى هو أكبر من أن يكون لقبا أو شهادة... وأعني أنه الحكيم ولا يكون غير الحكيم.
تحصلتم على عدة جوائز وطنية، عربية وعالمية وتتواجد أعمال لكم في العديد من الدول ما السر الذي صنع المكانة التي بلغها الفنان بوكرش هل هي ظروف، أم أفراد، أم بيئة، أم هي إرادة الحس الإبداعي التي تفرض نفسها؟
شكرا على ضمنية السؤال، هذا الذي أعتبره إجابة شافية وكافية...
هل من مشاريع مستقبلية؟
نعم، التحاقي بأكاديمية المجتمع المدني، بدعوة من الأكبر من دكتور الإنسان الجميل أحمد شنه الأمين العام الوطني، لتأسيس لجان استشارية مؤقتة لتحقيق وتنصيب مرصد الفنان الجزائري، فهو في نظري أكبر مشروع وطني يستحق التقدير، سيتحقق في غضون الشهر المقبل ليتحقق به حلم الأكاديمية الوصية ومن خلاله يتحقق حلم كل من له مواصفات فنان وأداء فني. تراني أتمايل طربا ومتعة وأنا أحضر اجتماعات تاريخية لفنانين كبار، اجتماعات تناقش مصير الفنان وبالأحرى مستقبله كشريك فعال في منظومة المجتمع المدني، هذه التي سيذكرها التاريخ ويذكر أكاديمية المجتمع المدني بخير.
بأكاديمية المجتمع المدني ومراصدها في ربوع الوطن بأكمله تكون المشاريع المستقبلية، مشروع كبير وهو جزائر الإنسان المناسب في المكان المنساب، جزائر الاتكال على الذات، جزائر العمل والمنافسة ومن خلال كل هذا يكون مشروعي مشروعا يرى النور من بين مشاريع كل الجزائريين...
هل انتم راضون عما قدمتموه لحد الآن؟
سؤال يحال بعد إذنكم للمختصين والمهتمين بمستوى وأهمية عمل المثقف والفنان الجزائري، يوجه لأهل التقييم والتقدير الإبداعي، حتى لا ينطبق علينا المثل: كل “خنفوس” في عين أمه غزال...
من الفنان أو الإنسان الذي تأثرتم به؟
أجاب أفلاطون قبلي بقرون على مثل هذا السؤال بقوله: ما أنا سوى هبة من النحن لي أنا.
لأقول: بدون تحديد وذكر أسماء، ايجابية فضائل نبهاء العالم علينا في جميع المعارف تتطلب منا التأثر بهم جميعا، مع حب وتقدير.
نتحدث كثيرا عن الالتزام في الغناء والسينما؟ هل يمكن الحديث عن فنان تشكيلي ملتزم؟
لو لم يكن الفنان بصفة عامة ملتزما ما كان أن يستحق لقب فنان، والفنان التشكيلي أحدهم.
تعيش الأمة العربية حراكا سياسيا مفاجئا للبعض ومنتظرا للبعض الأخر، ما موقع المثقف مما يحدث وما هو الدور الذي يمكن أن يلعبه في هذا الظرف الحساس؟ وهل تتوقعون حدوث حراكا ثقافيا مواز؟
الشارع الجزائري بجميع شرائحه أجاب وانتهى عن سؤالك قبل أن أجيبك... لو لم يكن مثقفا وسط أعلام ثقافية ورموز فكرية قامت بمهامها على أحسن وجه لتأثر بالمحيط العربي وحرق الأخضر واليابس استجابة لأهل السوء والمحاولات الشيطانية المأجورة المتعودة على المتاجرة بالأرواح وسفك الدماء.
لنتحدث عن الثقافة ببلادنا كيف تقرؤون واقعها، وما هو الدور المنتظر منكم في تطوير العمل الثقافي بالجزائر؟
أسئلة أحيلها بدوري عن طريق منبركم إلى المعني الأول والوصي بوزارة الثقافة ومستشاريها.
ما هو رأيكم في مبادرة وزارة الثقافة لتأسيس مجلس وطني للفنون والآداب؟
السؤال أراه كالتالي:
ما الفائدة من تأسيس مجلس وطني صوري للفنون والآداب...؟
وماذا حضرتم من عمل بمناسبة خمسينية استقلال الجزائر؟
بالمثل يحال الشق الثاني منه إلى وزارة قدماء المجاهدين..

حاوره : محمد مغلاوي

http://www.ech-chaab.net/old/index.php?option=com_content&task=view&id=16150&Itemid=159

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الهدم البنّاء و مفهوم الزائل في الفن المعاصر لمحراب التشكيل / محمد فارس

أعلام الموسيقى والغناء في العالم العربي الشيخ العربي بن صاري (1863-1964) / محمد بن عبد الرحمن بن صالح

آعـظـم 100 كتاب فـي تـاريخ الـبشريـة ... (جميعها جاهزة للتحميل)