الدكتورة والقاصة حفيظة طعام لــ "الحياة": "الإعلام الجزائري يقصي المبدع الحقيقي"/ صبرينة كركوبة


الدكتورة والقاصة حفيظة طعام لــ "الحياة":
"الإعلام الجزائري يقصي المبدع الحقيقي"

صبرينة كركوبة


قالت الدكتورة والقاصة حفيظة طعام أن الإعلام الجزائري عكس الإعلام المشرقي أو الغربي يقصي المبدع في كثير من الأحيان، مطالبة كل الصحفيين بضرورة تقديم الخدمة العمومية وخدمة المبدعين.
وأبرزت في سياق آخر أن جائزة غسان كنفاني للقصة 2016 إضافة في مسارها الإبداعي، وتنتصر لمجال الأدب في الجزائر والقصة على وجه التحديد.
وأقرت طعام أن الحركة النقدية الجزائري تملك نقاد شرفاء وأكفاء أمثال مخلوف عامر والسعيد بوطاجين وغيرهما، فهي ستكون بخير كلما شعر الناقد بالمسؤولية، لم يتطور الأدب إلا بوجود نقد مسؤول، مؤكدة أننا بحاجة إلى مشروع نقدي حقيقي يحتم على كل النقاد الإبتعاد عن المجاملات.
*** حفيظة طعام أهلا بك على صفحات "الحياة":
أهلا وسهلا ، وشكرا لصحيفة "الحياة" على هذه الالتفاتة الطيبة.
*** حضرتك دكتورة في الأدب المعاصر بجامعة تيسمسيلت وفي نفس الوقت مبدعة تختص في مجال كتابة القصة... لماذا القصة بالتحديد؟
لم أختر أن أكون قاصة في يوم من الأيام أو أكتب القصة. هكذا دون سابق إنذار وجدت نفسي أكتبها، ومع مرور الوقت توطدت علاقتي بهذا الجنس الأدبي، فالقصة جنس أدبي قريب أكثر من حياتنا اليومية، فنحن كل يوم نعيش قصة أو نعايشها أو تحدث قريبا منا، والقصة ليست جنسا دخيلا على الأدب العربي، إن تراثنا القديم زاخر بهذا الجنس الأدبي، وكتب القدامى الأدبية حافلة بذلك.
*** هل ستقتحمين يوما ما مجال الرواية؟ 
ولماذا الاقتحام ما دمت في البداية في الداخل قد اقتحمت منذ مدة مجال الكتابة، فالرواية جانب فقط منها، ونتاج فني مثله مثل القصة والشعر، كل منهم يتطلب أن نوفيه حقه في أن نصل به إلى حدود الإبداع، الاختلاف في الشكل، أما الجوهر فهو القيمة الإبداعية في كل منهم، إن الرواية تحتاج منا إلى تخطيط ورصد الصور، كما تحتاج إلى وقت أكبر حتى تختمر كما يقولون. وبالتالي فأنا لست مستعجلة على كتابة الرواية مع أنني أشتغل بهدوء على مشروع روائي لا يمكنني أن أتحدث عنه حاليا، ما أعمل عليه في الوقت الراهن هو أن أنبش عن شيء ما في القصة والقصة القصيرة جدا، وأطور أدوات الكتابة وآلياتها حتى أقدم للقارئ نصا يستحق أن يقرأ.
*** فزت مؤخرا بجائزة غسان كنفاني للقصة 2016 عن مجموعتك القصصية "من مذكرات غرفتي" الصادرة عن دار الكلمة بالجزائر... ماذا تقولين على هذا الإنجاز الذي حققته، خاصة وأنه يعطي صورة مشرفة الجزائر؟ 
في الحقيقة لم أتقدم للمسابقة بنفسي، فدار الكلمة لصاحبها الكاتب والمبدع عبد الكريم ينينة هي من رشحت المجموعة مع أعمال لكتاب آخرين، وحصل أن نالت مجموعتي "من مذكرات غرفتي" رضى اللجنة المحكمة وفازت بالجائزة الأولى، وكما قلت سابقا ولأنني لا أريد أن أغير فكرتي حول موضوع الجائزة ولازال ذلك هو شعوري واعتقادي فإن الجائزة شكلت لي فرحا استثنائيا، لأن هذا التتويج بالنسبة لي كان تتويجا للأدب في بلدي، هو لكم ولكل الكتاب. وحينما يأتيك هذا من طرف محايد لا يعرفك ولا يعرف حتى شكلك، فإنه يعزز ثقتك بنفسك ويمدّك بطاقة لمواصلة ترقية أدوات الكتابة لديك..، سعيدة أيضا لاحترامي الكبير لغسان كنفاني الشهيد ولأدبه، وأعيد ما قلته للأشقاء في الأردن من أن غسان أشرف من نوبل، هذه قناعتي، إن غسان يحيلك إلى أدب المقاومة والشهادة، هذا الأدب الآخذ في الضمور والاضمحلال، ويكاد ينعدم في الكتابات الحالية، ربما للاعتقاد الخاطئ بأن أدب المقاومة يتناقض مع قيم السلم والمحبة، إن الاستعمار لم يخرج كليا من الوطن العربي بوجود الاحتلال الصهيوني، ومازال أمامنا تقديم الكثير من التضحيات حتى نحافظ على الاستقلال في الجزائر وفي الدول العربية الأخرى، الذي تحاول انتزاعه منا قوى الشر.
*** عندما نتحدث عن الساحة الأدبية في الجزائر... كأكاديمية وكاتبة ما هو المؤسف فيها؟
نحن بحاجة إلى مشروع نقدي أكاديمي يقضي على الهوة بين المبدع والناقد، على الناقد أن يدرك أن مهمته ليست سهلة وأن يتحلى بالمصداقية والموضوعية والجدية ويبتعد عن المجاملات التي تقتل النص، في حين على الكاتب أن يعي هذا الدور المنوط بالناقد فيحترم عمله ويعلم أن النص حين يصدر لا يعود ملكه، المؤسف كذلك هو هذا الاكتظاظ الإبداعي دون ضابط كاف من المرجعيات العلمية النقدية، المؤسف أيضا تقسيم الساحة إلى أجيال بغرض الصراع غير المفيد للأدب. المؤسف أيضا تجاهل بعضنا البعض بعد تجاهل المؤسسات الرسمية والإعلامية لنا.
*** الكثير من المبدعين يلومون الإعلام في إقصائهم وتجاهلهم... هل لك نفس النظرة للإعلام الجزائري؟
الإعلام الجزائري عكس الإعلام المشرقي أو الغربي يقصي المبدع في كثير من الأحيان إلا من رحم ربك، فهو يرفع من يشاء، ويتغاضى عن المغمورين الذين يعيشون من أجل قضية وطنية جادة. رغم أن كلاهما ينتميان إلى نفس الوطن، حاليا أنا بعيدة عن المجال الإعلامي، ولا أعلم آلياته، وما يتحكم فيه، لكنني أقدم نصيحة من خلال صحيفة "الحياة" إلى كل الصحفيين بالعمل على التغلب على مشاعرهم الذاتية، كي يقدموا الخدمة العمومية التي هي حق للمواطن.
*** لديك كتاب نقدي تحت الطبع "إضافات في الأدب الجزائري"... هل لنا أن نعرف هذه الإضافات؟
"إضافات في الأدب الجزائري" هو مجموعة من المقالات تقدمت بها لدار الكلمة التي طبعت لي مجموعتي القصصية "من مذكرات غرفتي" وهو عبارة عن دراسة حول مجموعة من الكتاب الذين قرأت نصوصهم، شعراء وقصاصين وروائيين، فقد جرت العادة أنني كلما قرأت كتابا أرخت له بقراءة نقدية تكشف عن جمالياته، والكتاب جاء في هذا المضمار خدمة للأدب الجزائري.
*** هل أنت مقتنعة بالحركة النقدية في الجزائر؟
الحركة النقدية في الجزائر مرتبطة بالإبداع والإبداع مرتبط بالنقد، هذا هو قدرهما المحتوم، لا يمكن أن نتكلم عن النقد في غياب الابداع، النقد وجد من أجل تقويم وإظهار جماليات النص، وستكون الحركة النقدية بخير أكثر كلما اقتنع المبدع بالناقد وقدر عمله، لم يحدث أن نال كاتب الشهرة قبل أن يتكلم عنه النقاد أو يقيموا عمله. 
إن في الحركة النقدية الجزائرية نقاد شرفاء أمثال مخلوف عامر والسعيد بوطاجين وغيرهما، فهي ستكون بخير كلما شعر الناقد بالمسؤولية، لم يتطور الأدب إلا بوجود نقد مسؤول، وأيضا لا يجب أن ننسى آلاف الرسائل الجامعية، حول أعمال كتاب ومبدعين جزائريين، أنا متيقنة من أن نصفها على أقل تقدير يستحق الطبع، فذلك يساهم في دفع وتطوير الحركة الأدبية، شخصيا أشرفت على رسائل جامعية أثار انتباهي وإحكامها ودقتها ، لهذا اعتبرت أولئك الطلبة مشاريع نقاد سوف يخدمون الأدب في المستقبل إن شاء الله.
*** تشاركين قريبا في الملتقى الوطني للقصة القصيرة جدا نهاية جويلية الجاري بزرالدة -العاصمة- كيف ستكون مشاركتك؟
مشاركتي تتمثل في تأطير مداخلة في موضوع حول القصة القصيرة جدا، وسوف تكون مزاوجة بين النظري والتطبيقي وستسلط الضوء على مجموعة من الكتاب الذين رأيت أن نصوصهم تندرج ضمن هذا الجنس، وأنهم فعلا نجحوا في كتابته بشكل جمالي مثير.
*** كلمة أخيرة؟
شكرا لك أنت صبرينة وللجريدة على هذا الحوار.
http://www.elhayatonline.net/article61442.html


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الهدم البنّاء و مفهوم الزائل في الفن المعاصر لمحراب التشكيل / محمد فارس

الصورة في الفن المعاصر بين الإدراك و التأويل / محمد فارس تونس

أعلام الموسيقى والغناء في العالم العربي الشيخ العربي بن صاري (1863-1964) / محمد بن عبد الرحمن بن صالح