الى محمد بوكرش / الفنان التشكيلي التونسي مراد الزارعي
الى محمد بوكرش :
في الحقيقة احترت واشتدت حيرتي عندما دنوت اتلمس عملك النحتي "الحمال" الشامخ الحارس لجزائركم الممتدة من شرقها الى غربها بحضوره الملفت ، بعلوه وضخامته ، التي تستثيرك بعنف و تداعبك برفق ، فتسيطر على حواسك اولا ،ثم على المكان برمته ثانيا. تحتويك عمق نظراته المتوسلة المتحدية، فتجبرك ان تحييه وتخاطبه بشتى اللغات التي يفقهها ولا يدرك معناها.
هو الحمال ، حمال اوجه كثيرة وحمال خطابات عديدة وحمال قسوة حاكم متجبر و معاناة شعب بائس ويائس من التغيير والبوح والصراخ عاليا في وجه الظلم والجور والصمت المميت.
احترت يا سيدي الكريم من منكم الحمال ، من يحمل هموم الانسانية بوزرها ويمزجها بالتراب والدم لكي تستحيل مادة حية تقاوم بصمتها وجمودها رغبة سيدها لتفصح عن مكنونات امة تتصارع مع ويلات القدر وانزلاقاته التي تتعثر فيها خطواتها كلما حاولت التقدم والافلات من قبضته المحكمة. ولكن بعبث تحاول ان تفك اسرها من شبكة العنكبوت او من اصابع الاخطبوط التي تربط العالم بكل شيء وتفصله عن كل شيء ...
ام أنه ذلك الذي يقف شامخا حمالا وحاملا ومحملا بافكارهم الشاردة وقضاياهم المنسية واحلامهم المؤجلة الى بعد حين ، يحاول النهوض ولا يستطيع يقاوم في صمت بأسه وحركات جسمه المتثاقلة من وطأة جبل الجليد الذي يحمله ولا يبالي ... لكنه في الحقيقة يبالي ويحس ويشعر بعطفهم ويأسهم وقلقهم الوجودي الذي لا ينتهي .
سألتك صديقي ، فأجبتني بأنك الحمال الأصلي وبان موادك ومنحوتاتك ماهي الا رائحة من مشاكلك وهموم أمتك ، لك ذلك ما دمت مؤمنا بما تفعل ، ما دمت قادرا ان تحمل مشاغل شعبك ، وتقاوم وتنحت في نفسك بالتوازي مع ما تنحت من اشكال واحجام تنحوا بقدرها نحو ناحية ، توجهها برغبتك وإرادتك الحرة الى ما تريده انت من المادة لوجهة محددة انت تعلمها وغرض معين انت من يرسم ابعاده وحدوده لوجيستيا وجغرافيا وفنيا وجماليا.
كيف لا وانت الحمال الناحت لعباراتك الصوفية التي تستلهم وجدها من ايمانك الموحد بعقيدة ان يحمل الفن فكرا مقاوما لكل ما تحمله نفوس المستضعفين من وهن وصمت وخوف من النفس ذاتها ومن الايمان المتجبر ومن السلطة الغاشية، فحيثما توجد السلطة والخضوع تنفجر الحناجر باصوات المقاومة و التحرر والنضال...
مراد الزارعي
باريس في 28 افريل 2017
في الحقيقة احترت واشتدت حيرتي عندما دنوت اتلمس عملك النحتي "الحمال" الشامخ الحارس لجزائركم الممتدة من شرقها الى غربها بحضوره الملفت ، بعلوه وضخامته ، التي تستثيرك بعنف و تداعبك برفق ، فتسيطر على حواسك اولا ،ثم على المكان برمته ثانيا. تحتويك عمق نظراته المتوسلة المتحدية، فتجبرك ان تحييه وتخاطبه بشتى اللغات التي يفقهها ولا يدرك معناها.
هو الحمال ، حمال اوجه كثيرة وحمال خطابات عديدة وحمال قسوة حاكم متجبر و معاناة شعب بائس ويائس من التغيير والبوح والصراخ عاليا في وجه الظلم والجور والصمت المميت.
احترت يا سيدي الكريم من منكم الحمال ، من يحمل هموم الانسانية بوزرها ويمزجها بالتراب والدم لكي تستحيل مادة حية تقاوم بصمتها وجمودها رغبة سيدها لتفصح عن مكنونات امة تتصارع مع ويلات القدر وانزلاقاته التي تتعثر فيها خطواتها كلما حاولت التقدم والافلات من قبضته المحكمة. ولكن بعبث تحاول ان تفك اسرها من شبكة العنكبوت او من اصابع الاخطبوط التي تربط العالم بكل شيء وتفصله عن كل شيء ...
ام أنه ذلك الذي يقف شامخا حمالا وحاملا ومحملا بافكارهم الشاردة وقضاياهم المنسية واحلامهم المؤجلة الى بعد حين ، يحاول النهوض ولا يستطيع يقاوم في صمت بأسه وحركات جسمه المتثاقلة من وطأة جبل الجليد الذي يحمله ولا يبالي ... لكنه في الحقيقة يبالي ويحس ويشعر بعطفهم ويأسهم وقلقهم الوجودي الذي لا ينتهي .
سألتك صديقي ، فأجبتني بأنك الحمال الأصلي وبان موادك ومنحوتاتك ماهي الا رائحة من مشاكلك وهموم أمتك ، لك ذلك ما دمت مؤمنا بما تفعل ، ما دمت قادرا ان تحمل مشاغل شعبك ، وتقاوم وتنحت في نفسك بالتوازي مع ما تنحت من اشكال واحجام تنحوا بقدرها نحو ناحية ، توجهها برغبتك وإرادتك الحرة الى ما تريده انت من المادة لوجهة محددة انت تعلمها وغرض معين انت من يرسم ابعاده وحدوده لوجيستيا وجغرافيا وفنيا وجماليا.
كيف لا وانت الحمال الناحت لعباراتك الصوفية التي تستلهم وجدها من ايمانك الموحد بعقيدة ان يحمل الفن فكرا مقاوما لكل ما تحمله نفوس المستضعفين من وهن وصمت وخوف من النفس ذاتها ومن الايمان المتجبر ومن السلطة الغاشية، فحيثما توجد السلطة والخضوع تنفجر الحناجر باصوات المقاومة و التحرر والنضال...
مراد الزارعي
باريس في 28 افريل 2017
تعليقات
إرسال تعليق