دمعةٌ و أقفُ حيث لا سبيل إلاّ نكران الغياب / أسماء مطر
“سراب بدوي” لوحة للفنان التشكيلي المغربي عبد القادر غربال
دمعةٌ و أقفُ
حيث لا سبيل إلاّ نكران الغياب
….
أقترب من معناك
السنابل التي في عينيَّ يحصدها المطر
و الطقس يتجوّل فيك
و فجوة في رمق الضوء تكسر الصفو
هل أدلي بك لصوتي
و الوطن ينشّق عن طفل و خراب؟ …..
في مغامرة المجاز كنّا
نعجن من فتيل الآتي حرقة الناي
نندسّ في المسافات المركونة إلى خدش
و . . .
تسقط الدمعة الأولى..
تسرع إليها بفوضاك..
تتكّئ عليها من اللغة و تهشّ على حلم الوادي..
مهلك..
قد ترديني غبارًا فأقترف الذاكرة و الرفّ و الخشب
قد يتمدد فينا السرج.. و تمضغنا الصحراء.. …..
هل تمنحنا الدمعة الأولى ظل نخلة تشبهنا..
أو رقصة متعبة من فضاءات الخطو
و من صخب النجوم الراكضة إلينا؟ ….
يحفر الشعر بفأس الصباح مساءا..
حين تموت الأغنيات
يطل كوكب قديم نسي اسمه في فنجان النار
و مضى يؤرخ للشوق برجَه “الأسدَ” …
و أنت في العطش تتدحرج إلى الصورة
يطبق عليك الليل غربته
تندسّ في المسافة عيناك
لا ضلع للكفن..كي يجاورك..
أنا ما كنت مبعثرة في الرحيق
و في أناقة اللون حين يتكرّر بدرجات
أنا ما كنت حتى في الرماد وجها لصخرة لا تنام
هي ما كانت إلا عكازًا يقيك الشيب
و يقي انسكابك في النار..
ليتها ظلت/ك و ليت ظلّك شحذ مني الزكاة.. ……
يلتوي في خرفك الجنون
و ألتقيك كما تلتقي شجرتان تركضان بخصر التراب
تنهضان من النسغ المريب و تصفعان العشّ:
كم من عصفور في يد الشك تشكّله الرسوم الملوّنة
و الكائنات التي تشبه الرمد.. … ؟
على بعد صمت منك..
أسحبُ جزركَ و أجلسُ سأقصّ عليك غيابك…
و سنشرب معا قهوة النار..
زيوت الظهيرة و هي تتعرّق عشبًا..
و خبلاً مشبوها بالزكام .. ….
دمعةٌ هاوية..
تذكرة للغروب كنتُ..
أمسكُ حبركَ و أبصقُ سمّها/الكناية
جاءوك بالسحر….
تبّتْ في حبرك اللغة..
منذ/ني لا امرأة ستنهل منك الصهيل.. …
لا طين لشجرك الخافت..
لا خيال سيفضح في أصابعك الخبز..
و لا حرقة سترديك شهيدًا..
أحتاج صوت الوطن..
لأجفّف المواويل من هدر النص..
من فوبيا “التخثّر”.. و أحسبك المجاز..
فأكشف عنك ساق الوتر.. ……
تسحبُ صوتي و تقفُ..
هل أهدرك و أنفق منك الرجم؟
هل الريح خدعةُ موعدنا؟
ضحكاتُ من مرّوا إلى الشمس محترفين الأسئلة؟
تطرُقني الوشاية:
قالت عنك النساء.. خدعة الوشم و الدقيق المحمّص
مرآة الفصاحة
بلورًا في النبش الآتي نحو الفراغ…
تمسكني الريح…
أشلّ بها فشلي في البكاء
و أمضي إلى السياج أحسب مساحتي في الظل.. …..
……
الظلام صديق فاره
يأوي من المسك ضلعه النبض
تكسره الغيرة يصرخ:
كم دربا يسلكه اليتامى ليأخذوا معي شكلا؟
كم خطأً في الشكل يشبّهني باليقين؟
أحمل مدّك و أحبو في حزنك
شاخت فيك الفجائع قبلي…
بعدي تقاسمتك الشروخ طعنة طعنة نصًا… …..
حين أمكنني الغياب تجرّع في كفي الصهيلُ رحلتَه
في المدى خانك السفح عمامة القرية المخرّبة
و كل سيوف الرجال..
تقاسمتك نبرتي
و المتاهات
و الطرق المتقاطعة في السراب
تشاطرتك المساءات المريرة
يدك على قارعة النبض تلوّح بالماء:
أهبك هاجسا على شكل وطن…
قد يحترق(مثله)
قد تنشده المدارس
قد يتشظىّ في فناء الرماد
قد يغادر..
و يترك لنا عطش التراب.. …
أتشبّت بالفكرة و اعجن منها التنّصت..
أفكر في المواضبة عليك قهرًا
و حزنًا
و عقدة تربط بها حظك لتمشي إليّ.. ……
متعبٌ هو الركض في الرمل
خجولة هي الصحراء ونحن نسّاقط منا
الجرائد مزدحمة برجال يحسدونك
بنساء يغتــــــــبن ظهيرتي..
و في كل صفحة عصفور يلهث بثوب جميل… …..
…….
دمعةٌ و أقف.. . . .
تستعد المصابيح للبدء..
أكسر ساق البحيرة و هي تعدو..
أسبق اللغة في مداك ..
يفترش الحب شكّنا من كل الجهات
يدأب على المضغ
على القصّ
على اللصق
على الضدّ
على الضرب
على الظنّ
على الشوق..
أتفقّد فيه فجوة ترديني إليك
أتقمّص طفلةً في اعوجاج القمر
في زاوية تسكنك بالحساب الفلكي
تدلّل فيك مقابر الأعياد و زوابع العتاب.. …..
…….
كل ما يؤلمني في الريح أنها تنسى
و تعثر علينا حين نطويها في الدفّ كفا معلنين براءة اليمّ و الذّئب
و من يسكنون نعاسنا..
كل ما يصفعني فيك عطر نجمة ضلّت رؤاك
قلبوها على الصوت..
تصيح كلما صادفتك:
هي التي تتباهى بالنهوض باكرا في مدينة لا تنام…
في قرية مجبولة على الخرق الأعمى للصباح..
في أرض تتجاذب فيها الفجائع بسخرية الغناء.. …..
عثرت على الموجة تتسلّق الصيف
توشّحت بها لظلّين
ثم فقدت الرنة ….
فيك ما تبقى منها
ما تجعّد في الغضب المميت
ما تصدّع في الطعنة الوسطى…
أسماء مطر بن مشيرح قسنطينة/الجزائر .
نعاند مرارة تنشدنا على مسمع اللون..و يغفو ما يجهش بنا حد الصمت..حد الصباحات التي تسكب جدل اللغة...خطاب الصورة الأنيقة في تخوم البياض...كم تشبه اللوحات بعضنا المكسور في قصيدة...شكرا لك أستاذ محمد..سعيدة بأن أنشدني هنا بكل الغناء المتاح..كل الاحترام./ أسماء مطر
ردحذف