إصلاح الثقافة …إصلاح السياسة…مسؤولية حضارية / الناقد والقاص السعيد موفقي
إصلاح الثقافة …إصلاح السياسة…مسؤولية حضارية.
كتبها السعيد موفقي ، في 25 أبريل 2012
إصلاح الثقافة …إصلاح السياسة…مسؤولية حضارية. المثقف من الوجهة الحضارية أخطر عنصر في تحريك دواليب الدولة ، و لا يمكن لأيّ مثقف ، حقيقة أو إدعاء ، أن يصل إلى هذه الحقيقة في أبعد نقطة في مرتكزاتها ما لم ينضج لديه الوعي بقضايا الأمّة ، و من المؤسف أنّ كثيرا من المثقفين في مجتمعاتنا تنقصهم خبرات عديدة ، و لم تكتمل لديهم طبيعة العلاقة بين هذا البعد الحضاري و تفاعلات أخرى تفضحها ممارسة السياسة فيما بعد.إذ المشاركة أو المساهمة في بناء مجتمع متكامل التكوّن يتطلب مرجعية صحيحة بعيدة عن الأهواء و الصراخ في المغاور و الكهوف و أماكن محكمة الكتم بعيدا عن أسباب الألم و مكامن الضرر ، و لعل ما ينتظره مجتمع ما من فاعلية الثقافة هو هذا النضج الصحيح و التشكيل المتكامل و الإيمان الراسخ بحاجة المجتمع إلى تغيير حقيقي يشعر إزاءه الفرد بجدّية المسعى و صدق الرغبة في إنشاء معالم واضحة و قوية ، يحققها الخطاب البناء و ليس الكلام الديماغوجي المستهلك و صب في قوالب الاتصال مصطلحات جافة أعيد صبغها أو جددت صياغتها بلغة ذر الرماد ، فصورة المثقف في نظر الشيخ الإبراهيمي هي دعوة إلى نهضة الأمة بمقاييس الحقيقة و الوضوح و مادة الخطاب ينبغي أن تكون مقنعة إذ "المثقفون في الأمم الحيّة هم خيارها و سادتها و قادتها و حراس عزها و مجدها تقوم الأمة نحوهم بواجب الاعتبار و التقدير ، و يقومون هم لها بواجب القيادة و التدبير "01 و من هنا فالسياسي ينبثق عن هذه الصورة التي رسمها الإبراهيمي إذ ليست مهمته النجاح في اللحاق بالركب ، من أدنى مستويات السلطة إلى أعلاها و لا يعي رسالته الحضارية تجاه أمّته ، و لا يمكن للمال أو الوصول إلى سدة الحكم هو نجاح الأمة ، نعم هو نجاح و لكنه محدود في الزمان و المكان ، و إذا لم تكتمل لديه صورة الحياة ، يظل ذهنه شاردا في منافسة الناجحين سياسيا غير كافية ، فهذا لا يعني إصلاحا ، و قبل تفكيره في المشاركة ووسائل الوصول إلى مبتغاه عليه أن يدرك مخاطر ما ينتظره من فضائح تظهر تدريجيا و بلا استئذان ، لذلك "إنّ أول واجب على المثقفين إصلاح أنفسهم قبل كلّ شيء ، كل واحد في حدّ ذاته ، إذ لا يُصلح غيرَه منْ لم يُصلح نفسَهُ "02 و بهذا التوازن تتحقق أحلام الأمّة تدريجيا و تختفي محاولات الأدعياء و بالتالي من الصعب على أفراد تنقصهم هذه المعادلة أن يفكّروا في تصدُّر الأمّة و تسيير شؤونها نظرا لموضوعية شروط اللحاق بالركب و بالتالي منافسة الأمم المتحضرة عن يقين ، قد تكون وسائل المشاركة في صنع الحضارة الدخول في معترك السياسة التي تؤطر الخطاب و تدقق في تشكيله و تفسح المجال أمام النخبة الحقيقية الصادقة في مسعاها بعيدا عن لغة "كيف ما اتفق" فالمثقف الجزائري الحقيقي بمختلف توجهاته بامكانه أن يلعب هذا الدور عندما يدرك المعنى الحقيقي لوجوده الإنساني و ما يمكن أن يقدمه أو ينتجه أو ما يصلحه من نفسه و تتوازن لديه مختلف الرغبات على مستواه الشخصي أولا ، و لكي لا ينتقل الخلل منه إلى خارج ذاته فتنتقل العدوى إلى المجتمع ، ففكرة مالك بنبي لم تكن مجرد حشو أفكار و رصف نظريات و اقتراح تصورات غير مستوعبة ، نظرته للنهضة بشروط واعية و لغة متعالية عن شوفينية الخطاب الذي تمارسه بعص القناعات المستوردة و الأفكار البالية ، والحديث عن النهضة و شروطها ليس موضوعا إنشائيا تكثر فيه الأحزان و مناجاة الماضي ببؤس أو التفتح على الحاضر بما تجود به فلسفة النشوء و الارتقاء لا تروم مجتمعنا في خصائصه و مكوناته التاريخية و الثقافية و لا تصلح إلا لبيئتها، وهذا لا يعني رفضها مطلقا أيضا ، فوجود المثقف بهذه المواصفات في دوائر القرار ، عن الطريق التعيين أو الانتخاب وهو الأسلوب الأمثل ، له دلالاته الحضارية لمجتمع يقود نفسه بنفسه ، له طبيعته التاريخية و الاجتماعية التي تقتضيها الحضارة ، هذه " الطبيعة توجد النوع، ولكن التاريخ يصنع المجتمع، وهدف الطبيعة هو المحافظة على البقاء، بينما غاية التاريخ أن يسير بركب التقدم نحو شكل من أشكال الحياة الراقية، وهو ما يطلق عليه اسم الحضارة"03، ليَسعدَ و يُسعدَ الفرد
تعليقات
إرسال تعليق