المقدس والمدنس والخطاب النقدي/ مقال لسامي بن عامر

 

المقدس والمدنس والخطاب النقدي. مقال لسامي بن عامر 

 par Sami Ben Ameur, mercredi 13 juin 2012

  

انه من الثابت أن المس بالمقدس، كمس الذات الإلاهية أو الرسول عليه السلام أو القرآن الكريم، هي أشياء تعتبر في مجتمعنا الإسلامي ضرب من الخطوط الحمراء التي لا مجال لتخطيها. وهي من بين المكونات الأساسية التي تصنع هوية التونسي الباحث اليوم عن إشارات استدلال تضيء طريقه في خضم هذه الأزمات الكونية والوطنية التي نعيش فيها والمؤثرة على العلاقات في ما بيننا والعلاقات التي تربطنا بمحيطنا وجذورنا، والتي قد يجد فيها خير حصنا يحتمي به وعنوانا ينتمي إليه. ولذلك فان أية محاولة بطريقة مباشرة أو غير مباشرة، للمس بهذه الأبعاد الروحية والعقائدية من طرف أي كان، سواء كان سياسيا أو فنانا أو أي مواطن عادي، وخصوصا في هذا الظرف الحالي، قد يفضي إلى طريق مسدود من شانه أن ينمي الخلاف مع الآخر ويعصف بالوحدة الوطنية التي قد تخدم أجندات أجنبية هي تعمل على تغذيتها، وحدة نعتبرها مسالة جوهرية وحياتية لنا. نفس الشيء بالنسبة لمن اتخذ من نفسه وصيا على الإسلام ليجعل منه آلية تخدم مشروعه السياسي المتطرف والذي يفضي بنا إلى مسلمات سياسية واجتماعية خارج إطارها الزمني والجغرافي. نقول لهؤلاء: إن أردتم

 

الحوار فأهلا. لكن حوار الفكر لا حوار الهراوات. لذلك فإن مراجعة الحداثيين أنفسهم، وتقييم أخطائهم وتجنب الأحكام المسبقة والنظر إلى واقعهم بكل موضوعية، أمر حتمي. وهذا يستوجب تجميع الصفوف، والتركيز على خطاب وبرنامج سياسي واقتصادي وثقافي واضح وعملي وموحد، يكون بعيدا عن المفاهيم المغرقة في الأكاديمية والشعارات الحداثوية الفضفاضة، واللامتناغمة مع واقعنا التونسي والمستفزة. كما يستوجب الاقتناع بان لا خطاب سياسي حداثي ممكن في بلادنا، خارج مسألة الهوية. هوية تستوجب منا أن نكون على معرفة أكثر بتاريخنا وعلى فهم بجذورنا، معتمدين في ذلك، الفكر النقدي القادر أن يحلل ويبرز ويوضح ويختار في النهاية. وانه من الثابت أن التونسي المتشبث بهويته من جهة وغير المتنازل على حريته الفكرية والدينية والإبداعية من جهة أخرى، قادر من خلال خطاب نقدي، على التفريق بين مفهومين متضادين، المساحة التي تفصل بينهما هي جد غامضة، وهما المقدس والمدنس. خطاب يخدم الابداع والفكر النير المتحرر والمتفتح. وهو ما يستوجب حوارا وطنيا أصبح متأكدا وفي الحين. 

 سامي بن  عامر فنان تشكيلي واستاذ تعليم عال