الكاتب والفنان الجزائري محمد بوكرش... في ضيافة المقهى؟؟! / فاطمة الزهراء المرابط


الكاتب والفنان الجزائري محمد بوكرش... في ضيافة المقهى؟؟!  / فاطمة الزهراء المرابط



فاطمة الزهراء المرابط 

الحوار المتمدن - العدد: 3741 - 2012 / 5 / 28 

 المحور: مقابلات و حوارات - الحلقة 104 - 

مبدع وفنان يمزج بين الألوان والكلمة، يبحث عن الحرية الحمراء بالريشة والقلم، يرسم أحلامه بالكلمات، فينثر أريج نصوصه هنا وهناك، جسد علاقته بالمقهى في لوحاته التشكيلية وفي نصوصه الإبداعية، من أجل التعرف على الكاتب الجزائري محمد بوكرش وعلاقته بالمقهى، كان الحوار التالي.. 

سؤال لابد منه.. من هو محمد بوكرش؟
 من الغير المحظوظين أنا...انتهت الثورة التحريرية الجزائرية بدل من أن تطول وأكون من الشهداء...الثورة التي لن ترفض الشباب أخذت بيدهم وأخذوا بيدها فاز من فاز وظفر بالشهادة من ظفر، عربون محبة وإخلاص للوطن وللإسلام ولجزائر مستقلة... غير محظوظ بمن تبقى...، بمن باع وبدل تبديلا... غير محظوظ باستقلال مفخخ لفضنا بمجرد وفاة الراحل الشهيد بومدين...غير محظوظ بالاستقلال الملغم... ركبت مجبورا راحلة تتحكم فيها الأهواء، ركبت مطية تقاذفتها كل الأمواج في محيط لا شاطئ له إلى اليوم... بين ليل وليل يفترض أنه بين ليل ونهار. كنت بذلك كنت، وأصبحت بذلك أنا...على أجمل شاكلة خلقت وبأحسن المواهب وهبت، كل ما ملكته وأملكه من جميل وجمال تذروه رياح سوء التسيير وإدارة شؤون البلاد والعباد، تجهض محاولاتنا قبل أن تولد... أما ما يخص ما وصلكم من قليل ما... وعرفتمونا به لا يمثل إلا ما تسرب من هفوات وثغرات عدم قدرة الأوصياء على...على خنق كل شيء... لو لم يكن الأمر كذلك... لكان الآخر بي أنا وأنا بالآخر وكنا غير ذلك، غير هذا الذي...أنا لا شيء سيدتي ما عدى ذاك الذي خلق الله... ما هي الحوافز التي جاءت بك إلى عالم الإبداع؟ من جملة الحوافز سيدتي هذه الالتفاتة الكريمة منك... التي لا تقدر بثمن، هذه التي تحسسني بإنسانيتك وبوجودي إنسانا حتى وان كان مكروسكوبيا، بمثلها كان الكثير من أمثالي في المعمورة... ولا أراه إلا فعل خير أو بما يخدم الخير. أما ما يخص عالم الإبداع والولوج فيه بغير تحكم ومسئولية تامة تجديني لا أتشرف به ولا أتشرف أن أكون منهم...من المبدعين والإبداع ما قتل وان لم يكن كذلك تسبب في كل المتاعب التي يعيشها الإنسان اليوم...إبداع بلا ضوابط وحدود، موظف بكل الطرق والوسائل بكل أنواع الاستثمار الوحشي الكارثي...الكل صفق وهلل للتطور الفني التكنلوجي وغيره بفكرة أنه إنساني وفي خدمة الإنسان، لكن طول المدة وطول الأيادي الوسخة التي أطرته وما زالت تتكالب وتتسابق لتأطير أنواع منه، عاكفة اليوم على فك ضوابط ما تبقى من غيره لئلا يقف أمام النيل من الكل، فك ضوابط كل جميل بالتهديم والمغامرة ليتشابه القبح به، لن يبقى في نظري المتواضع بين الجميل والقبيح إلا مقياس جزء من شعرة، هذا في أحسن الأحوال، تأثرت المدارس ببعضها البعض، تقاربت المستويات، تنافس حاد كلف أصحاب رؤوس الأموال الكثير، وبالتالي أصبحت مشروعية المردودية والربح تملي عليهم فعل ما هو غير مشروع...وهنا يتورط من جديد الفنان والإبداع في وجود الطرق والسبل لخدمة ذلك والترويج له... لأقول أن من جملة الحوافز التي جاءت بي لعالم الإبداع دون التخطيط لذلك هي الجزائر الافتراضية، الجزائر الخيالية الجزائر التي تكلم عنها أجدادي وحملوها معهم في قلوبهم أينما حلوا، فتحت عيناي في تونس بالحدود الجزائرية التونسية 1951 بولاية الكاف وسجلت بالجلفة 1954 مع اندلاع الثورة التحريرية، يفصل بيني وبينها خط موريس المكهرب والملغم وجدت أبي في الخدمة وهو الذي لقنني اسم الجزائر ومعنى أن أكون جزائريا، وبالتالي اقترنت الجزائر بالإبداع والإبداع بالجزائر، والثورة تحديدا هي العملية الإبداعية... وما زلت على هذا العهد إلى يومنا هذا... معركة اليوم الإبداعية مع أبناء جلدتنا أصعب وأشق وأنذل من معركة البارحة يوم كان الصف واحد رغم الاختراقات والخروقات والعدو واضح تماما. أما اليوم الخيانة والعدو بركن البت فرد من الأسرة، خيانة بين القلم والفرشاة بين اللون والزيت بين الإطار والمسند وبين الزمن والمكان. ضحايا متتالية بين السيف والزمن والنتيجة أنت أنا وخط شال الذي لا يموت... وعليه نحن خارج زمن ومكان الإبداع...سيدتي. كيف تقيم وضعية الحركة النقدية في الجزائر؟ وهل تساهم في تشجيع المبدع الجزائري؟ الفنون التشكيلية بمفهومها الأكاديمي وبمفهومها الإبداعي المتفق عليه بمسميات المدارس حديثة العهد بالمقارنة مع الأدب شعر، قصة، رواية... إذا كان النقد كاختصاص فني تحليلي إبداعي يكاد يكون معدوما ليواكب ما يقال عنه إبداعا كتابيا ينتابني الشك في مستوى معظم ما كتب، لأن النقد في حد ذاته من مستوى ما يكتب وما كتب وما دامت محتشمة جدا فهو وحدة قياس الباقي... على هذا المنوال والمستوى أيضا كان النقد والفنون التشكيلية. ما هي طبيعة المقاهي في الجزائر؟ وهل هناك مقاه ثقافية؟ في بلدان مثل بلداننا أين تعشش البطالة المقنعة، البطالة، التسيب المدرسي، جامعات تكون ما لا يحتاجه سوق التوظيف، تصبح المقاهي التقليدية ملاجئ ومصحات، تمتص على الأقل المظالم والمتاعب باستماع كل طرف مصائب الآخرين... فيها من الألعاب ما ينسي الهموم... هذا إذا كانت بعيدة عن تناول الحشيش والكحول وأشياء أخرى...بين ذا وذاك هي المتوفرة بين الواحدة والأخرى واحدة أخرى ملاذ كثير من المبدعين ومصادر إلهامهم... أما المقاهي الثقافية بمعنى النوادي أين تتجمع النوابغ فهذا من ضرب الخيال والمستحيل ونحن بين أيادي غسالين محترفين... " المقهى فضاء مناسبا للإبداع" ما رأيك؟ إذا كان هدف الإبداع بعيدا عن ذر الرماد بأعين المستضعفين فهو خدمة إنسانية بحتة ببحثه عن النقائص قصد تقديم البدائل الذي يعمل بها ولا يمكن الاستغناء عنها، فلا يجدون مكانا حافلا بكل الدروس والعيوب التي تنتظر علاجا أحسن من الأماكن كالمقاهي الشعبية التي تحمل الصورة الحقيقية لعيوب المسيريين والأنظمة وتقصير الفنانين على اختلاف توجهاتهم واختصاصاتهم كوسيط بالمنظومة... هل توجد علاقة بين المبدع محمد بوكرش والمقهى؟ طبعا لي علاقة حميمية بها من أيام الدراسة إلى أن بدأت الآنتارنات، وجدت في من يترددون عليها من قدموا لي مساعدات ما زلت أذكرها لهم إلى اليوم... معظمهم بحارة يعملون بالليل ويقضون طوال أيامهم بالمقاهي وخاصة في فصل الشتاء، أقضي معهم كل العطل على ظهور زوارقهم أساعدهم وأتقاضى ...ما ساعدني وأتممت به الدراسة، إلى أن صادفتني سنة عوز، قضيتها كلها معهم عرفت يومها ما معنى معاناة صياد بحري... الشيء الذي فرض نفسه وتجسد في أحد أعمالي التشكيلية مجسمة نحاسية عنونتها بأبطال جهنم الزرقاء. ماذا تمثل لك: الجزائر، اللوحة، الكتابة؟ الجزائر: بغير الأمير عبد القادر...، بن باديس...، جمعية العلماء المسلمين...، مفدي زكرياء...، مالك بنبي...، بومدين... امحمد اسياخم...محمد خدة...محمد راسم... لا تمثل شيئا...غاب الكل وغيب الباقي... اللوحة مثلها مثل الكتابة، تصور... لا قيمة له إن لم يحقق على أرض الواقع بنفوذ ضمنية تضمن بقاءه واستمراريته... كيف تتصور مقهى ثقافيا نموذجيا؟ المقهى الثقافي النموذجي (...) لا يكون بغير الأوتوماتيكية وطبيعة الأشياء بعيدا عن التمثيل والتكلف وهذا لا يتحقق إلا بما يحقق تقاسم الثروة والثمرة والعدالة التامة وتصبح المؤسسات مخابر وورشات عمل ولهو ممتع ومفيد ولا يبقى للمقهى مكان بالتعويض الحسن والهواية. ـــــــــــ فاطمة الزهراء المرابط من مواليد أصيلة شمال المغرب. حاصلة على الإجازة في التاريخ القديم / طالبة في السلك الثالث تخصص اركيولوجيا، متخصصة في مجال الإعلاميات و الانترنيت، مهتمة بالقضايا الاجتماعية بشكل عام و قضايا المرأة بشكل خاص. عضوة مسؤولة في عدة جمعيات ثقافية و نسائية بأصيلة، و بعض المدن الشمالية بالمغرب. 

http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=309493

 http://www.ahewar.org/m.asp?i=1372 

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الهدم البنّاء و مفهوم الزائل في الفن المعاصر لمحراب التشكيل / محمد فارس

الصورة في الفن المعاصر بين الإدراك و التأويل / محمد فارس تونس

أعلام الموسيقى والغناء في العالم العربي الشيخ العربي بن صاري (1863-1964) / محمد بن عبد الرحمن بن صالح