الاستشراق الفني و شعرية الجسد الشرقي التعرية بوصفها فعلا كولونياليا /د. عبد القادر رابحي




الاستشراق الفني و شعرية الجسد الشرقي
التعرية بوصفها فعلا كولونياليا
د. عبد القادر رابحي
كلية الآداب و اللغات و العلوم الاجتماعية و الإنسانية
جامعة مولاي الطاهر. سعيدة
 
مقدمة:
     لقد مهد الفن التشكيلي الغربي فيما أنتجه من تمظهرات فكرية و جمالية خلال القرن الثامن عشر خاصة، للشرط الكولونيالي  و ساعده على التحقّق ليس فقط في الجغرافيا الشرقية و لكن في المخيال الشرقي كذلك كحقيقة جمالية يتعالى بها و من خلالها المستعمر على الذات الشرقية بوصفها موضوعا قابلا للتعري أمام الفنان الغربي من أجل إعادة تشكيله وفق النظرة الاستعمارية التي دامت أكثر من قرن من الزمن لم يكن فيها سحر الشرق يتجاوز جماليات الجسد المتعري كما صورته أدبيات كتاب (ألف ليلة و ليلة)، الباب الوحيد المفتوح على النهم الغربي في قضم التفاحة الشرقية المكتنزة.
    و على الرغم من الصورة التي يحيل إليه مفهوم التعرية أمام الآخر في المجتمعات الشرقية من تحريم و قدسية ، فإن الإرث التشكيلي الغربي يطرح في هذا المجال – و من وجهة نظره- عديد القضايا المتعلقة بالمقاربة الفكرية و الفلسفية للجسد الشرقي بوصفها مدخلا (موضوعيا) للولوج إلى عالم الشرق و استكشاف عوالمه المتخفية. و ذلك من خلال التأسيس لترسيخ الشرط الكولونيالي في الممارسة الفكرية و الجمالية الغربية المتشبعة بالإنجازات العلمية و المعرفية المستعدة للتضحية بالإرث الروحي الغربي من أجل عقلانية الكوجيطو الديكارتي الغائبة عن سحر الشرق بوصفه مدونة استعمارية ناشئة.



1-التأسيس لشعرية الجسد الشرقي:
      
أسست الرؤية الاستلابية لما يسميه برند مانوئيل فايشر بـ(الشرق في مرآة الغرب)(1) نسقا فكريا و جماليا ترددت من خلال تمظهراته الفكرية و الجمالية الأصداءُ الداخلية التي يُكنُّها المثقفون و الفنانون الغربيون للشرق و هم يحاولون اكتشاف عوالمه المُسيّجة بوصفها جنة محرمة عليهم       و على غير الشرقي بصورة عامة. و ربما كان هذا 'التحريم' سببا رئيسيا في تشكيل المخيال العام الغربي لما تزخر به هذه الجنة في نظرهم من 'محرمات' لم تكن في متناول تصورهم العقلاني للـ'محرّم'، و كان لابد لهم و من واجبهم الدخول إليه و تعريته من وجهة نظر استعلائية           و الوصول في النهاية إلى نزع هالة التقديس عنه، و ذلك من خلال ما تتيحه 'العين المجردة' من سعة نظر تطال الصورة المبحوث عنها في المكان الشرقي بزاوية دائرية تضمن سلطة الاختراق لتحقيق 'التعرية' و تتحول بموجبها العين من 'عين مجردة إلى 'عين مُجسِّدة' للصورة المثالية التي سيتم تثبيتها في المخيال الغربي كحقيقة جوهرانية للشرق.
     لقد كان "الحدث الأبرز بالنسبة لتاريخ الأمم الغربية هو اكتشافها للشرق"(2).  و لطالما  بقيت هذه الرؤية الاستكشافية عاكسة للتوجه العام الذي حمله هؤلاء المثقفون أساسا إبهاريا لما وفروه من أدوات سخروها في خدمة مخطط تعرفهم على الآخر و الدخول إلى جنته المحرمة        من أجل تعرية صورتها المنطبعة في العين الغربية لا بوصفها جزءا من عالم تتكامل شموليته باكتمال صورته ذات الأبعاد الأربعة التي تحددها الجغرافيا(3) ،و لكن بوصفها تفاحة ديونيسية  قابلة للقضم ، و من ثمة قابلة لإعادة التشكيل نظرا لما تحمله من اكتنازات إغرائية تطفح بها العين الغربية الخارجة لتوّها من سبات حضاريّ دام قرابة العشرة قرون كان لابد للتصور الغربي المستيقظ أن يحدد معالمها و يميزها بما تتيحه بوصلة الذات من تعيينٍ للآخر في صورته الجغرافية ذات البعد المكاني و صورته الجسدية ذات البعد الإنساني من خلال "استقطاب التمييز و تعميقه- إذ يصبح الشرقي أكثر شرقية و الغربي أكثر غربية- و فرض حدود التعامل الإنساني مع الثقافات،           و التراثات، و المجتمعات المتخلفة"(4) .
    لقد شكل بحث العين الغربية عن الأدوات الفكرية و المادية التي تحقق إعادة صياغة الآخر وفق المنطق المتعطش للتوسع، آليةَ اتصالٍ و أساسَ انفصالٍ في الوقت نفسه ساعدَ على صياغة مدونة الأفكار العامة لخريطة الطريق التي سيتأسس بموجبها 'الاستشراق' بوصفه علما لمعرفة الآخر        في صورته المثلى و صورته المتخفية و دراسته بغرض احتوائه فكريا و حضاريا و ماديا(5). و قد ساعدت هذه الآلية ذات البعدين المتناقضين على البحث عن لوازم العمل الضرورية الكفيلة بتحقيق السبل الفنية و الجمالية التي تمكّن من تثبيت هذه الصورة المثلى في المتخيل الثقافي الغربي العام المتأهب للزحف عليها ماديا و تأكيد جدارة الاستيلاء على أيقوناتها الفكرية و الحضارية المتخفية في 'الجسد المستور' بوصفه قيمة حضارية تعكس التصور الشرقي للجنوح بالخيال إلى أقصى درجات التجريد و السمو عن الماديات التي طالما كانت المحرك الحقيقي للمقاربة الفكرية    و الفلسفية الغربية منذ أن تمكنت من التحرر من النظرة القروسطية المغلقة و الخروج إلى العوالم التنويرية التي زخر بها القرن الثامن عشر.
     لقد كان الشرق بالنسبة للغربيين دائما مُبهرا و جذابا.. مضيئا و شفافا.. يُرِيهم هم القادمين من عمق ظلمتهم المعرفية ما معنى أن يستر الإنسان رؤيته للعالم و للكون لأنها أشدّ إضاءة في عالمه الداخلي و أشد انسجاما مع الامتداد الطبيعي للنفس و هي تأخذ طمأنينتها من امتداد أشعة الشمس المزروعة في الأفق كأنها النهار الدائم إلى الأبد. ليس ثمة ما يجعل الأنظمة و القوانين السارية على تشكيل رؤية الفنان للعالم سريان الدم في العروق مفعمةً بهذا النوع من الاندراج ضمن شمولية الطرح التي توفرها الجغرافيا الشرقية غير ما تتيحه هذه الجغرافيا (الجسدية خاصة) من اقتراح ٍ جماليّ لالتقاءِ التجسيد بالتجريد  يحقق للكثير من الفنانين المولعين ببهارات الشرق شعريةً مفعمةَ بالاقتراح يحاولون من خلالها اختراق منظومة الأقفال الشرقية المزروعة بسرية تامة في جسد الشرق الثاوي على حرارة الأزمنة المتوقفة عن الدوران منذ السقوط المتهاوي للفعل الحضاري الشرقي في نمطيّات ما اصطلح على تسميته بعصر الانحطاط.
     إنها اللحظة الحاسمة -التي ستنطبع فيما بعد بطابع الكولونيالية-لالتقاء التجريد بالتجسيد على الرغم مما بينهما من اختلاف في فهم جوهرانية الانتساب للقطب النقيض في البوصلة الفكرية ذات الاتجاهين، و التي سيصبح بموجب تقسيماتها الكولونيالية الانتمائية الشمال غربا  و الجنوب شرقا. لقد "برزت محاولة التماثل بين حضارتي الشرق و الغرب على أعتاب مرحلة جديدة من تطورهما التاريخي (على تخوم القرن الثامن عشر التاسع عشر). و كانت قد شهدت تقاربا و تبادلا ثقافيا ليس بطرف متناقض حضاريا و حسب، و إنما عملية تأثر و تأثير و في حالة من الازدواجية والتثقف واضحة المعالم" (6) . غير أن هذا التماثل كثيرا ما اصطدم بواقع المعاملة الحقيقية للغربي مكتشفا للشرق و هو يحاول أن ينفّذ العامل الأساسي في تحرك العقلانية الغربية نحو الشرق الروحي بدافع احتوائه و ترويض المساحات المستعصية على الخضوع و تفكيك الأنساق التخييلية المودعة في الأقفال الدينية و الاجتماعية التي تحيط بقداسة الجسد الشرقي.
2-الفعل التنفيذي للتعرية:
     لقد ترسخت صورة الفعل التنفيذي لـ(لتعرية ) بوصفها أداة لإرضاخ  الآخر في المخيال الغربي  و بوصفها أيقونة تحيل إلى صورة السيد المسيح(عليه السلام) مصلوبا، و صورة أمه مريم العذراء أيقونة دالة على جوهرانية (الانتساب). و لأن الفعل التنفيذي يقتضي الممارسة  الواقعية للفكر من أجل الوصول إلى الهدف، فإن صورة الترسيخ المتعمد  كانت آليةً نافذة في إعادة تشكيل الشرق في المخيال الغربي من خلال  تعميد دائرة (الاستشراق الفني) بمعناه التشكيلي الرسومي (7) و بمعناه الفكري التعبيري بما أحدثه الفنان الفرنسي (أوجين دو لاكروا) (1798/1863) وغيره من الفنانين التشكيليين الاستشراقيين من صدمة إحيائية للرغبة الغربية المكبوتة في قضم (التفاحة الشرقية) لا بوصفها تفاحة ديونيسية تتخاصم حولها إلاهات الرغبة و المعرفة و القوة كما تورده الأسطورة اليونانية فحسب، و لكن بوصفها (تفاحة نيوتينية) تحيل إلى جاذبية التعلق بالحقول المعرفية العذراء و المتوحشة باعتبارها "نصبا أثريا"(8) على حد تعبير ميشال فوكو. ذلك أن الغرب"قام بفرض تلك التعديلات و التصحيحات على الواقع الخام للشرق بما يضمن تحويله من هيولى رخوة عائمة إلى معارف محددة و مقبولة تسمح للغرب و ثقافته باستيعاب هذا الواقع        و هضمه"(9). و لعل الارتباط الوثيق بين ترسيخ الحضور الشرقي في التصور الفني الرومانسي      و تزامنه مع ترسيخ الحضور الاستعماري بوصفه فعلا كولونياليا يطمح إلى الاستحواذ على الشرق في صورته الجغرافية و الإنسانية يؤكد بصورة أو بأخرى الأثر الفاعل للقطيعة الفكرية و الجمالية التي أحدثها الفنان الفرنسي أوجين دو لاكروا في التأسيس لـ"الاستشراق الرومانسي [الذي]من  المفترض أن نبدأ به منذ صالون عام 1824 نظرا لظهور أولى لوحات دي لاكروا المستوحاة من الشرق والتي تضمنت الثورة على المدرسة الكلاسيكية  وفتحت الباب واسع( لمعركة رومانسية ) خاضها مجمل الرومانسين الفرنسين في الأدب والفن طيلة العشرينيات"(10) .
     و قد كان مبدأ التعرية، لا بوصفه فعلا تفكيريا فحسب ولكن بوصفه فعلا تنفيذيا كذلك، هو المبدأ الوحيد القارّ بالنسبة للفكر الغربي في صياغة أبجديات التعامل مع الإنسان الشرقي        (و مخياله) باعتباره جسدا مستورا داخل المفاهيم المادية للحريم التي يجسدها المكان المغلق (الحمّام) و (القصر المغلق) و (الحريم) من وجهة النظر الشرقية من خلال الاعتماد على" على الإشاعات والتخيلات التي مصدرها السكان المحليون، وهؤلاء السكان بشكل عام كثيراً ما يبالغون في وصفهم للظواهر أو المشاهد التي تعرض عليهم،  أو يسمعون بها من الغير" (11) .
      و لم يكن هذا الفعل التنفيذي إلا(كشفاً للمستور) الذي يبني عليه الشرق وجوده و كينونته الأخلاقية و الدينية. و لعل هذا ما أدى إلى الوصول إلى مبدأ هتك العرض الشرقي (من الوجهة التشكيلية) الذي بنا عليه الإنسان الشرقي رفضه المطلق للمخيال الغربي، و من ثمة ، بنا عليه فعله التنفيذي المؤسس على الرؤية العنيفة في تصوراتها، و في بناء علاقاتها مع الغرب. و ذلك من خلال اعتماد الفنانين الغربيين على رسم" مشاهد الحرملك، وبخاصة سلوكيات النساء والعبيد من النساء، وجاريات الملك، وهن مستلقيات عاريات، أو بالثياب الشرقية، من السكان العاديين الذين لم يتسن لهم دخول الحرملك والاطلاع على أسراره"(12) .
     و لعله انطلاقا من هذه الفكرة المؤسسة لفعل التعرية بوصفه اعتداءً ، يتأسس الجزء العاشق من الذات الشرقية للجزء الآخر العاشق من الذات الغربية. و هو عشق لا مكان فيه للوسطية التي تحيل إلى إمكانيات التواصل من خلال الانفتاح على الآخر، و إنما تحيل إلى صورة العشق العنيف للنقيضين المتضادين الذي  تتحقق رغباته و مكبوتاته في أقصى مظاهر انفجارها في صورة الصدام الدائم الذي ينسف كل محاولات إعادة تجسير أسس الحوار كلما عادت الفكرة الكولونيالية إلى محاولة الاستيلاء على الحاضر و إعادة قص طموحات التجارب الشرقية الطامحة إلى تحقيق الذات من خلال التأكيد على أحقية الحفاظ على الجسد الشرقي و أسبقية الدفاع عن حرمته الترابية       و التخييلية. و يصبح الحوار العنيف المتشنج هو الاحتمال الوحيد القابل للتشخيص الذي تقترحه عادة الاستراتيجيات المتجددة للمفكرين الغربيين و هم يؤسسون للقواعد المستقبلية التي تمكن من الالتقاء بين قطبي البوصلة(الشرق و الغرب) داخل ما يسميه صامويل هنتنجتون بـ(صدام الحضارات)(13).
    إنها نفسها البصيرة المعرفية التي ستتحول فيما بعد إلى آلة فكرية منهجية تسمى اصطلاحا (بصرية)، و التي أدت بالكاتب الأرجنتيني ذي الثقافة النخبوية الضاربة في عمق التاريخ  الأوربي خورخي لويس بورخس إلى اعتبار عنوان كتاب (ألف ليلة و ليلة)(14)، لا عنوانا مُوفَّقًا لحكاية شرقية مطولة كما يحبها الغرب فحسب، و إنما عتبةً إشراقية تمهّد لانفتاح الشرق النائم على النص بوصفه (جسدا/جوهرا) مُشبِعاً للرغبة الدفينة التي تؤدي إلى انفجار مضمرات الحرمان المعرفي الذي عانى منه الإنسان الغربي في ظل تسلط الكنيسة المسيحية لما يقارب عشرة قرون مظلمة.
    يخلص بورخس، و هو يعيد قراءة الذات الشرقية من خلال كتاب (ألف ليلة و ليلة )ببصيرة تتجاوز الرؤية البصرية الملتصقة بالصورة من حيث هي امتثال عارض-لأن بورخس كان ضريرا-، إلى أن عنوان (ألف ليلة و ليلة) يدل على لانهائية المغامرة المعرفية و الإبداعية التي يعيشها الإنسان الشرقي و هو يتحاور في خدر المعرفة مع من يعتقد الغرب أن الرجل الشرقي الذكوري المتسلط قد جعل منها مجرد أنثى تحيل إلى تراكمية التناسل الليلي في اللاوعي الإبداعي و التشكيلي للغرب كما صوره الفنان دولاكروا و غيره ممن أسسوا لمدرسة الاستشراق التشكيلي. و لعله أدرك بطريقة نهائية أن (الليلة) المضافة إلى (الألف ليلة) هي مفتاح صيرورة المعرفة الشرقية التي يجب أن تقضمها المساحات الشاغرة للتسلط الغربي في كشف ما يكتنز في داخله من رغبة جامحة و جوع وجودي إلى الانتهاء عند الجسد بوصفه مادة زائلة و لكنها قابلة للتجسيد المابعدي الجامد و صورته الأسطورية التي يحققها بيجماليون في عشقه الأسطوري لما نحتت يداه.
    و لعل هذا ما يفتح عنوان (ألف ليلة و ليلة) على فضاء خارج عن شمولية المعدود الممكن الخاضع لحسابات القسمة المصلحية و الطرح الاستعلائي و الضرب الإلغائي، وخارج كذلك عن إمكانية ما يمكن أن تعده تيليسكوبات الرصد الاستباقي للظاهرة الشرقية من إلكترونات شاردة في ديمومة الفضاء الراسخ في المخيال الغربي، ليدخل- أي العنوان – في لا نهائية السيرورة الوجودية للجوهر الذي لا يحُول، و الذي طالما أرّق فلاسفة الغرب و متصوفيه باعتباره وقودا سرديا محرِّكا لآلية التخييل الغربية المعطلة.
    و لعله من هنا، لم يكن كتاب (ألف ليلة و ليلة) غير ذلك الكنز الثمين بالنسبة للفنانين الشرقيين و هم يقرؤونه مترجما إلى الانجليزية أولا ثم إلى اللغات الأخرى ، فيحيلهم إلى إعادة تأثيث المخيال الغربي  بآليات الكبت المعرفي المترسبة منذ قرون الانحطاط و القهر المسيحي بما يجود به المخيال الشرقي من أيقونات  معرفية ستساهم بصفة جذرية في صناعة الصورة الشرقية للمرأة   و الحمّام و الحريم من خلال إعادة أنتاج جدلية (شهريار/شهرزاد) في الموروث التشكيلي الغربي من دون الحاجة في كثير من الأحيان إلى السفر إلى الشرق. و لعل "هذا ما فعله الفنان ' اوغست دومينيك أنغري' الذي لم يسافر أبداً إلى الشرق، غير أنه استخدم مشاهد الحرملك، من خلال استحضاره إحساس الثقافة والجمال الشرقيين، مشبعاً برغبة انعزالية يطمح إليها العديد من الفنانين الغربيين"(15).
3- 'نساء الجزائر في بيتهن':
    
 
يؤكد الفنان أوجين دو لاكروا في تأسيسه للبعد الرومانسي للاستشراق الفني (التشكيلي) على أهمية التخييل في الجلسة الحميمية للمرأة العاصمية (نسبة للجزائر العاصمة) المحاطة بالتفاصيل الحياتية ذات المغزى، و التي طالما أوْحَت للفنانين الغربيين بانبجاس طاقاتهم الإبداعية، و ذلك و من خلال رسمه للوحته المشهورة (نساء الجزائر في بيتهن) (Femmes d'Alger dans leur appartement) سنة  1834، أي أربع سنوات فقط بعد دخول الاستعمار الفرنسي إلى الجزائر.
     مدةٌ كافية بالنسبة لعين هذا الفنان الفاحصة من أجل ترسيخ أنموذج المرأة الشرقية الجزائرية التي تظهر تحت حركات ريشته من زاوية ضوء لم يعهدها في حياته من قبل، وأَسْرِ زاوية الضوء العاكسة لأبهى ما يمكن أن تكون عليه المرأة الشرقية في مرآة النفس الغربية المتعطشة إلى تعرية الآخر بالنظر إلى الواقع المعاش الذي يعرفه الفنان الغربي في هذه الفترة عن الشرط الأنثوي للمرأة الغربية.
   لقد كانت لوحة أوجين دو لاكروا تمهيدا استشراقيا غاية في الإبهار لما ستصبح عليه المجتمع الجزائري مباشرة بعد استقرار الفعل الكولونيالي في باحة الأرض الجزائرية و توطيد دعامة الرؤية الغربية في إعادة تشكيل المجتمعات ما قبل الكولونيالية  من خلال ترسيخ ما توارثه هذا المجتمع من تراكمات التجربة العثمانية المنزوية إلى جغرافيتها الأورو- أسياوية بعد استنفاد حمولتها الحضارية الحالمة بتمديد مساحة الامبراطوية العثمانية إلى أقصى المغرب العربي. لقد كان أوجين دو لاكروا، باكتشافه للضوء المبهر المنبعث من الشمس الجزائرية، إيذانا بميلاد ما ستكون عليه منظومة إعادة التشكيل الغربية للجسد الشرقي في تعامله مع الإنسان الجزائري و محو الأسس الثقافية التي طالما دافع عنها بقوة و دفع من أجلها النفس و النفيس . و لم تكن هذه اللوحة من وجهة نظر هذا الفنان غير تلك الصورة العالقة في المخيال الاستشراقي للمُعمِّر و هو يستقوي على (الأهالي) بقوة الشرط الاستعماري و يحاول تدجين الأنساق الشرقية غير الخاضعة لمنطق الاندراج داخل المقترح الغربي للحضارة. و لذلك كان الفعل الكولونيالي نافذا في محاولة التدجين من خلال تفكيك هذه الأنساق و إعادة ترتيب ما يصلح منها لرؤيته وفق آلية التطهير الثقافي و المعرفي و ترسيخ  صورة الثواء القابعة في الذات الشرقية منذ العهد العثماني كمعطى جوهري في الذات الشرقية بناء على ما سيقوله (لوتسكي) و هو يصف أحوال المغرب العربي في أعوام 1868/  1870"(16)،أي بعد أقل من ثلاثين سنة من بداية العد التنازلي الذي حمله الفعل التنفيذي للرحى الكولونيالية.  و لعل هذا ما لم تستطع تجسيده الرؤية الفنية الاستشراقية – بدافع التعالي أو بدافع التستر- و هي يحاول انتقاء الصورة المثلى للجسد الشرقي كما حلم به الغرب و هو يقرأ كتاب (ألف ليلة و ليلة) و يبني مجموع التسييجات الوهمية للثنائية السحرية(شهرزاد/شهريار) التي صنع من خلال اقتراحاتها السردية مجده الفني في العصر الرومانسي. غير أنه كان يجب على التصور الغربي للجسد الشرقي أن ينتظر أكثر من قرن من الزمن قبل أن يتفطن إلى مكابدات الجسد الشرقي تحت الريشة الاستشراقية للفنانين الأوروبيين، و ذلك من خلال إعادة رسم اللوحة نفسها من طرف الفنان بابلو بيكاسو الذي سيجد في لوحة أوجين دولاكروا (نساء الجزائر في بيتهن) من ضمن كل أعماله الفرصة الحقيقية لتحقيق البعد التراجيدي الذي عاشه الإنسان الغربي في حروبه العالمية المحلية و تجريبه لما يمكن أن يكون للجسد من دلالة تعكس الطباع الغربية العنيفة المتخفية من خلال التعبير عن سقوط الملايين من البشر جراء الرؤية الشمولية للفكر الغربي و هو يحاول أن يعيد زراعة آلة الحرب في عقر داره و يحصد من خلال الاستقواء بها ما جنت يداه.

 
 
    إنها نفسها اللوحة التي حاول الفنان بابلو بيكاسو أن يعيد تشكيلها ثانية من خلال  لوحته المشهورة (نساء الجزائر) (Femmes d'Alger) سنة  1954 من زاوية سريالية  تعتمد أساسا على تعرية المتعري و كشف المكشوف من خلال اختراق الوعي المستور الذي ألمحت لوحة دولاكروا إلى كمونه في عبقرية توصيفه الرسومي لطريقة ظهور المرأة الشرقية للآخر، و ذلك من خلال إضافة البعد السريالي الذي أسس من خلاله  الفنان بابلو بيكاسو رؤيته الخاصة للعالم المُحترق تحت وطأة الحروب المدمرة التي أنتجتها الآلة الفكرية و الحضارية الغربية و هي تحاول أن تجد لها في النظر إلى الآخر و اختراقِ جسدِهِ المستورِ المبررَ العقلاني الوحيد للبقاء في واجهة الفعل الحضاري حتى و لو كلفه ذلك قلب المفاهيم الفنية و الجمالية من خلال إعادة التدليل على ما أكد عليه من انهيار للمفاهيم الفكرية و الجمالية الغربية أثناء الحرب الأهلية الاسبانية في لوحته المشهورة (الجورنيكا).
     لم يكن من باب الصدفة إذن أن تؤرخ لوحة أوجين دولاكروا لبداية استعمار و أن تؤرخ لوحة بيكاسو المستوحاة منها لبداية ثورة. الأكيد أن الفنان بابلو بيكاسو المنهوك بمعايشته للحرب الاسبانية المتزامنة في جزء منها مع حربين عالميتين مدمرتين للكينونة الغربية،لم يكن ليرى غير ما تراه الرؤية الباريسية المتولدة عن جلسات السرياليين الحميمية، و عن بياناتهم المتجاوزة لآفاق ما كانت تنظر له الرؤية الهايدجيرية من صرامة فكرية من جهة، و ما كانت تدعو إليه السارترية من التزام وجودي بقضايا الإنسان المعاصر من جهة أخرى، حتى و لو أدى ذلك إلى اتهامه بحمل حقائب المجاهدين/الفلاقة الجزائريين أثناء الثورة التحريرية.
      ربما كان التاريخ في حد ذاته مجرد صدفة رقمية أضاف لها التنسيق حمولة فكرية لازمة بأصحابها، غير أن رمزية التاريخين لا تخبر عن دلالتهما الحسية المتفجرة من الجسد الشرقي بوصفه أداة للاستهلاك البصري من وجهة العين الغربية المسترقة للنظر فحسب، و لكن بوصفها مُولِّدا متجددا للشحنة الشرقية القابلة للانفجار في وجه التصور الغربي المأسور داخل الآليات الإيديولوجية التي تضع الجسد الشرقي في دائرة التهويل المؤدي إلى ترسيخ الصورة من خلال تشكيلها بأدوات العصر و إعادة تحيين أيقوناتها الفكرية و الجمالية وفق ما تقتضيه مقترحات المرحلة التاريخية من تمزق في البنية الفكرية و الجغرافية للجسد الشرقي. و لعله من هنا كذلك، كان استغلال الغرب لهذا التصور من خلال ما شهدته – و ما تنبيء عنه- بداية الألفية الثالثة من:
-  تفجير الجسد (الفلسطيني) في وجه المحتل الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية المحتلة عن طريق ما اختُلف حول تحديد منطلقاته الإيديولوجية المُراوحة بين المنطق الانتحاري و المنطق الاستشهادي    و دلالاتهما المتخفية في الأنساق المعرفية للخطاب و الخطاب المضاد.
- حرق الجسد في وجه الدكتاتور المحلي المالك للدولة المناولة للاستعمار من خلال تفجير الغضب الكامن في الذات الشرقية التي طالما اتصفت بالصبر على الأذى و تحمل المكابدات عن طريق أنموذج محمد البوعزيزي فيما أحدثه فعل الحرق من غليان أدى إلى تحولات اجتماعية و سياسية في خارطة الشرق (العربي) لم تتضح معالمها و مآلاتها بعد.
- تفجير الجسد في عمق التصور المعاصر للدولة الشمولية التي تنطلق من القوة لتسخير الإرادة بوصفها فعلا كولونياليا مسيطرا لا على حاضر الآخر (العدو) فحسب، و إنما على مستقبله كآخر قابلٍ للتمرد ، و ذلك فيما أحدثه الحادي عشر من سبتمبر من تغييرات جيوسياسية و تحولات إستراتيجية أيقظت عديد المسلمات النائمة في عمق الإنسان الشرقي عن التصور الغربي للجسد الشرقي بوصفه كيانا جغرافيا.
      ذلك أن " تصوير عدو مجهول في صورة شيطان و إلصاق صورة 'الإرهابي' به كي يضل الناس على غضبهم و حماسهم كلها أمور تمنح الصور الإعلامية قدرا هائلا من الجاذبية و الإثارة، و بالتالي يسهل استغلال ذلك التأثير الإعلامي في زمن الأزمات و الإحساس بعدم الأمان ، أي على النحو الذي شهدناه في أعقاب اعتداءات 11 سبتمبر"(17). و هي حالات  يحملها الجسد الشرقي جرحا نازفا في وجه الرؤية الاستعمارية للاستشراق التي طالما شكلت المخيال البصري للإنسان الغربي في سعيه الدائم نحو قضم التفاحة الديونيسية للتخفيف من النهم المادي المسيطر على التصور الغربي للوجود المفضي في متنه الفلسفي إلى العدم حسب التعبير السارتري. و لعله السبب نفسه الذي جعل (إتيان دينيه)، و هو ينتقل من حالة التعميم إلى حالة الاستثناء في المتن التشكيلي الغربي، يحوّل اسمه إلى( نصر الدين) و يكتب سيرة متكاملة عن النبي الأكرم صلى الله عليه         و سلم من وجهة نظر العين المبهورة بما وراء الصورة كذلك ، ليخبر عن إمكانية تجاوز الرؤية الغربية المنغلقة في طرحها الاستعلائي من خلال انتقاله من مرحلة الاستشراق إلى مرحلة الإشراق، و تكذيب استحالة تحقيقه سدّا منيعا في وجه كل محاولة لتطبيق نظرية التعرية في الاتجاه المعاكس.
     لقد تم التأسيس للتعرية بطرق و مناهج مختلفة  لمنظومة استغلال الطاقة  واستعباد الجسد             و استغفال العقل من خلال ترحيل(Délocalisation) كل ما لم يعد ترحيله خطرا على الذات المركزية الغربية، و كل ما لم يعد لبقائه جدوى في صلب الذات المركزية الغربية من مرتجعات فكرية و مادية. و ذلك من خلال تغليف هذه المرتجعات في الصورة المؤنسنة  تلعب فيها الدعاية الممنهجة دورا مركزيا في إقناع الآخر بتفتح الذات الحضارية الغربية على الجرح الشرقي المتخلف. و يتم بذلك و من خلاله تشغيل آلية إبهار الذات الشرقية بأهمية الدور الذي يلعبه الغرب في إخراج الإنسان الشرقي من براثن التخلف و الجهل و الأصولية ، حتى ليبدو لأبسط من يتعامل مع واقع المجتمع الشرقي المُنتج للتخلف – و هو جزء منه- أن هذه الصورة هي عين ما يمكن للشرقي      أن يتبعه إتباعا و لا عيب، و يتأثر به تأثرا و لا عقدة. ذلك أن الخلاص في نظره لا يمكن أن يكون في هذه الحالة إلا بيد من بيده مفاتيح التطوير و التعمير و التنوير. و هي "تفاعيل" لا حيلة للشرقي في توليد مفاهيمها، و لا دور له في التأسيس لمضامينها نظرا لانشغاله الحضاري بالنظر إلى صُرّية انجازاته السابقة و وابتعاده المنطقي عن دائرة الفعل الحضاري النافذ في آنية تحققه المادي المتولد من المنظورات العقلانية للفلسفة الغربية. ذلك أن القنوط العام الذي يستولي على المثقف الشرقي        ( العربي الإسلامي خاصة) ليست في تأكيده على أحقية البحث عن الجسور الوهمية في المدونة الاستشراقية و إعادة ترميم ما خلفه الدافع الكولونيالي للاستشراق من أثر بالغ في الجسد الشرقي المستور بوازع 'التعرية' المتعمدة، فذلك أصبح أمرا واضحا للعيان بعد النتيجة الحتمية التي أدت إليها منطلقات الفعل الاستشراقي ذي النزعة الكولونيالية في خريطة الكيان الشرقي، و إنما في ضرورة تغليب الرؤية العقلانية في التعامل مع خطاب الآخر لا بوصفه غربا باحثا عن زوايا النور المتخفية في سماء الشرق الزرقاء كما تظهر رد الفعل الشرقي المبهور بإنجازات الاستشراق، و لكن في تجاوز المفهوم المصلحي للشرق الذي يجيد الغرب استعماله في كل مرحلة تحت غطاءات حوار الحضارات مرة و التثاقف مرة و العولمة مرة أخرى من دون أن يكون للشرق القدرة الواعية على تفكيك توجهات النزعة الكولونيالية الغالبة و المهيمنة على المشاريع الغربية و هي تحدد المنطلقات و المآلات التي يجب أن يكون عليها الشرق من وجهة نظر غربية. و هي الرؤية التي من المفروض أن تدرك أن "مفهوم الشرق مفتعل و يخدم أغراضا سياسية أكثر منها علمية"(18) ، و أن الشرق كما تريد تكريسه النظرة الاستشراقية من خلال إعادة تشكيل الجسد الشرقي" ليس شرقا فقط، بل الأصح ليس شرقا على الإطلاق، و إنما هو مجاز للتابع الذي يشكله القاهر. و لهذا نجد آليات الاستشراق مستخدمة في تعالي البيض على السود و في استغلال الرجال للنساء"(19).
   ربما كان الجسد هو الدليل المادي الوحيد على تمرير فكرة الاستيلاء على أيقوناته الفلسفية من أجل تجهيز خرائطه غير المكتشفة بما سيتعرض له من 'تدنيس' بالمفهوم الشرقي لا يطال بنياته المادية باعتباره (الموديل) القابل للبقاء طويلا أمام الفنان و هو يحاول إعادة تشكيل فضاءاته العذراء،        و لكن يطال كذلك الذات الشرقية بوصفها جغرافيا قابلة في أية لحظة للتعرض لما تسميه الفلسفة الكولونيالية الغربية الجديدة بـ'الحق  في التدخل' نظرا لما يعتري الجسد الشرقي من سكون و ما لحق به من تجمد جراء الثواء الحضاري المتوقف بعيدا عن عجلة التاريخ كما تحركها النزعة الكولونيالية المعاصرة وفق المقتضيات المصلحية و الضرورية التاريخية و الإستراتيجية . "و لما كانت استراتيجية الغرب تقوم على أساسا على فهم و استيعاب ( المغزو) فإن ما سبق و قاله أحدهم عن الاهتمام بالشرق كوسيلة ...(و ليس بذاته) يصبح مفهوما على صعيدين، الصعيد الاستشراقي- المعرفي و الصعيد العسكري- الاستلائي"(20).  
خاتمة:
  لقد كان الجسد الشرقي في صورته المثلى (موديلا) ساحرا شكل تحديا بارزا بالنسبة للرؤية الاستشراقية الفنية التي سادت طيلة القرن التاسع عشر و بدايات القرن العشرين. و قد تزامنت هذه الرؤية الاستشراقية مع بداية المد الكولونيالي الذي استعمل في محاولة تصفيته للذات الشرقية الاساليب الترويضية نفسها تجاه الشعوب ذات (القابلية للإستعمار) من دون مراعاة خصوصية هذه الذات في ما هو أكثر حميمية بالنسبة لها و هو الجسد. و ربما كان هذا التزامن  مطية لتبلور كثير من الأفكار الكولونيالية في ترسيخ الوجود الاستشراقي في المساحة المكانية و الزمنية لفضاءات الانسان الشرقي. غير أن الفعل الكولونيالي ، و من خلال تحوله إلى سلطة تنفيذية قاهرة، لم يكن لينتج في الواقع الشرقي غير ما أنتجته لوحة(نساء الجزائر في بيوتهن) لأوجين دو لاكروا في الامتداد الباطني الذي تعبر عنه لوحة 'نساء الجزائر' لبابلو بيكاسو بعد ما يزيد عن القرن من الزمن . و هي المدة التي قضاها الفعل الكولونيالي الفرنسي في ضيافة الشرق المستعد للثورة . 
ــــــــــــــــــ
إحالات و هوامش و تعليقات:

1-ينظر: فايشر، برند مانوئيل. الشرق في مرآة الغرب. ديوان المطبوعات االجامعية. الجزائر.1983.ص:9.
2- Un événement capitale de l’histoire des nations occidentales a été la découverte de l’orient)  ( BORGES, Jorge Luis . Conférences. Gallimard, collection : Folio. Paris.1985.p :58.
3- ينظر الفصل التاسع عشر من كتاب (الاستشراق و الوعي السالب) المعنون بـ'جراحة الجغرافيا'. منصور، خيري.الاستشراق و الوعي السالب.المؤسسة العربية للدراسات و النشر.بيروت.2001  ص:287.
4- سعيد ، إدوارد. الاستشراق. المعرفة . السلطة. الإنشاء. ترجمة كمال أبو ديب. ط 2.مؤسسة الأبحاث العربية. بيروت. 1984ص:76.
5- يقول إدوارد سعيد:"الاستشراق بإمكانه أن يناقش و يحلل بوصفه المؤسسة المشتركة للتعامل مع      الشرق – التعامل معه بإصدار تقريرات حوله ، و إجازة الآراء فيه و إقرارها، و بوصفه و تدريسه،             و الاستقرار فيه، و حكمه: و بإيجاز، الاستشراق كأسلوب غربي للسيطرة على الشرق و استبنائه".  ينظر: سعيد، إدوارد ، المرجع نفسه.ص:39.
6- بيطار، زينات. الاستشراق في الفن الرومانسي الفرنسي.المجلس الوطني للثقافة و الفنون و الآداب. عالم المعرفة. رقم.157. الكويت.1992. ص:7.
7- تقول الدكتورة زينات بيطار بخصوص نشأة الاستشراق الفني خاصة في فرنسا: "أكثر الفنون ازدهارا في المرحلة الرومانسية) حيث دخل الموضوع الشرقي نسيج اللوحة الزيتية الرومانسية منذ افتتاح صالون         عام 1824 . كما أظهر »ديناميكية « تطور كل أنواعه الفنية المزدهرة آنذاك: اللوحة التاريخية ، البورتريه، المنظر الطبيعي،الطبيعة الصامتة ، صور الحياة والبيئة.  وفي الثلاثينيات عرف ازدهاره في الأدب (فيكتور هيجو، لامارتين، جيرار دي نرفال، تيوفييل غوتييه وغيرهم).كما أن الاستشراق الرومانسي تمايز في المدارس الأوروبية وفقا لتمايز العلاقات التجارية والسياسية بين الدول الأوروبية كل على حدة، وهذا الجزء من الشرق أو ذاك.) ينظر:بيطار، زينات. المرجع نفسه. ص:9.
8- فوكو، ميشال. حفريات المعرفة.تر: سالم يفوت. المركز الثقافي العربي. الدار البيضاء.1986.ص:132.
9-جلال العظم، صادق. الاستشراق و الاستشراق معكوسا.دار الحداثة. بيروت.1981. ص:14.
10-بيطار، زينات. الرجع السابق. ص:96.
11-عويد، عدنان. الاستشراق في فن القرن التاسع عشر.الأسبوع الأدبي. اتحاد الكتاب العرب. دمشق. ع:1231. 2011. ص:5).
12- عويد، عدنان. المرجع نفسه. ص:5.
13- يقول صامويل هنتنجتون:" يقول بعض الغربيين بمن فيهم الرئيس'كلينتون' إن الغرب ليس بينه و بين الإسلام أي مشكلة و إنما المشكلات فقط موجودة مع بعض المتطرفين الإسلاميين. أربعة عشر قرنا من التاريخ تقول عكس ذلك. العلاقات بين الإسلام و المسيحية سواء الأرثوذوكسية ّأو الغربية كانت عاصفة غالبا. كلاهما كان 'الآخر' بالنسبة للآخر". ينظر: هنتنجتون، صاموييل. صدام الحضارات. إعادة صنع النظام العالمي. سطور.ط:2.تر:طلعت الشايب. 1999. ص:338.
14- BORGES, Jorge Luis . Conférences. Gallimard, collection : Folio. Paris.1985.p :58.
15- عويد، عدنان. المرجع السابق. ص:5.
16-منصور، خيري.الاستشراق و الوعي السالب.المؤسسة العربية للدراسات و النشر.بيروت.2001  ص:310). و يورد خيري منصور في كتابه المذكور:" عمت البلاد المجاعة و اقتات الناس الأعشاب            و في حالات كثيرة كانت تلاحظ حوادث أكل لحوم البشر، و رافقت المجاعة الكوليرا التي أودت بحياة عشرات الألوف من المواطنين و هلك ما يزيد عن نصف مليون نسمة من أصل مليون و نصف(مجمل عدد السكان).و باستهتار اعترف قادة قصر(فرساي) بأنهم نكلوا بالمواطنين بالطريقة الباريسية و دفعوا عشرات  الألوف إلى (كاليدونيا) للقيام بالأعمال الشاقة. و دفعت القبائل(36) مليون فرنك كغرامة و انتزع منهم (500) هكتار من أجود الأراضي". منصور خيري . المرجع نفسه. ص:310.
17-سعيد، إدوارد. الاستشراق الآن. تر:حازم عزمي. مجلة فصول.ع:64. الهيئة المصرية العامة للكتاب.2004.ص:184.
18- جبوري، غزول، فريال. الثقافة بين الهيمنة و المقاومة. مجلة فصول.ع:64. الهيئة المصرية العامة للكتاب.2004.ص:125.
19- جبوري غزول، فريال. المرجع نفسه.ص:125.
20- منصور، خيري.المؤسسة العربية للدراسات و النشر.بيروت.2001 ص:108.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الهدم البنّاء و مفهوم الزائل في الفن المعاصر لمحراب التشكيل / محمد فارس

الصورة في الفن المعاصر بين الإدراك و التأويل / محمد فارس تونس

أعلام الموسيقى والغناء في العالم العربي الشيخ العربي بن صاري (1863-1964) / محمد بن عبد الرحمن بن صالح