حضور متواضع.. بين الفنان شاكر لعيبي* والفنان خالد خضير الصالحي*



حضور متواضع.. بين الفنان شاكر لعيبي* والفنان خالد خضير الصالحي*

 
من الخطأ والتجني على الصورة الفوتعرافية أو العمل الفني التشكيلي، بأن نؤمن باستحضارها  كاملة غير منقوصة وعرضها (استحضارها) من غياب، حتى وان كان ذلك باستنساخها من طرف الفنان نفسه تشكيليا أو فتوغرافيا، فما بالكم بتمثيلها بشيء موازي تماما وهي حاضرة شيئيا وبصريا  بنص بلاغي تعبيري يعتمد  هو الأخر على كفاءة بلاغة اللغة التعبيرية، وما تفبركه من مشاهد في تصور الكاتب والمتلقي على حد سواء، المشاهد المرتبطة شرطا بحدود معارف الكاتب والمتلقي وهي الحدود التي تتسع وتضيق باختلاف وسع وضيق المكنوز الثقافي أو التراكم المعرفي البصري لكل واحد منهما.



قد يضيف الكاتب أشياء لهذا التصور (تصور الكاتب) الذي فبركته بلاغة النص اللغوي ومعارفه عند المتلقي (بتصورات تخص المتلقي) ... وقد يختزلها وما كانت لتكون  في الحالتين أو تخطر على بال كاتب النص السردي الا اذا كان المتلقي هو نفسه الكاتب، أما ما يحدثه النص كواقعة بلاغية لغوية صورية لدى المتلقي فهي صور ومشاهد أخرى منبثقة من النص  وليست النص بعينه ولا العمل الفني الشيئي (الأصل) وهذا ما يزيد التجني تجنيا ، لا قبل للصورة الفوتوغرافية ولا العمل الفني التشكيلي به. لذا أقول : يسقط  تمثيل العمل التشكيلي الشيئي بنصه السردي اللغوي مفحما مهما كانت بلاغته التعبيرية عند حضور الصورة أو العمل الفني الممثل،وتغيب وتتلاشى (لاشيء) الصورة أو العمل الفني التشكيلي بحضور النص السردي اللغوي باستقلاليته التصورية أو الصورية التي يفرضها الكاتب بشكل خاص به ...شكل يمسخ بدوره من متلقي  لآخر حسب درجات علاقاته الشرطية بما عرفه بمقاييسه ودرجات نفوذها على حسه، هذا في الحالات السوية فما بالكم بغيرها...



نسمح لأنفسنا بتوضيخ ذلك محاولين توفية الموضوع حقه (اضافة لما جاء به الجميل الفنان خالد خضير الصالحي )، بطرح مشكلة الإضاءة  والعمل الفني، كان صورة أو عمل فني تشكيلي، بين ما هو ضوء طبيعي متدفق في غرفة عرض الأعمال عبر نوافذ عريضة، وما هو ثابت في قاعات العروض الرسمية المغلقة،  ونطرح السؤال التالي: هل النص السردي اللغوي الممثل للصورة وللعمل الفني التشكيلي كتب من خلال قراءة الصورة أو العمل الفني وهي تحت نفوذ إضاءة ثابتة أم  اضاء طبيعية متغيرة؟.
بحكم أن الفيزيائيين وعلى رأسهم البيروني أثبتوا بأن الشعاع الضوئي أو انعكاساته هو الذي يذهب الى العين وليس العكس،ونعيد السؤال بطريقة أخرى: هل كان انعكاس الصورة أو العمل الفني التشكيلي على أحاسيس وملامس الكاتب بإضاءة ثابتة أم الطبيعية المتحركة بدرجات تزايد أو تناقص من ثانية لأخرى من شروق الشمس الى غروبها؟.



حتى نكون منصفين نختار مع الكاتب الضوء الثابت ضوء قاعات العروض المغلقة أثناء كتابة النص البلاغي التعبيري اللغوي الذي يفترض أن يحل محل النص التشكيلي بأمانة أو يمثله.. ونطرح السؤال التالي: بأي إضاءة ومصباح اختارهما الكاتب تم انعكاس الصورة بصريا بين ما هو ضوء برتقالي لمصباح بمقاومة وما هو شبه أبيض لمصباح غازي، ليعتمد الكاتب نصه السردي اللغوي التعويضي (المطابق فرضا في نظره لما هو موجود في بناء النص التشكيلي بسرد شيئي) ونسأل: هل يعتقد الكاتب( بكل أمانة) أن وقع الصورة بصريا على ملامسه الحسية يكون نفسه مهما اختلفت درجة الضوء ودرجة  لونه ؟.
نرجع الآن لمساندة الناقد خالد خضير الصالحي  فيما يخص العمل الفني التشكيلي وقيامه بشيئيته لا غير، بالإجابة عن السؤال التالي: أيهما الأصح، الحضور الملموس شيئيا، أم الحضور بالنيابة التعبيرية عنه؟.

بوكرش محمد 5/9/2012
الصور ممثلة الفنان آرام خالد الرز وأعماله
ــــــــــــــــــــــــــــــــ
المرجع:

تعليقات

  1. لم أجد نفسي معنياً، في الحقيقة، بما تضمنته الملاحظات، رغم قراءتي المتكررة لها. لأنها تناقش شيئا لم أقله في كتابي. وهنا صعوبة القبول بنقد يقوم بمناقشة عمل لم يقرأه على الإطلاق. إنما قرأه مداوَرة عبر عرض مشكور لديّ حوله العديد من ملاحظات التدقيق، خاصة فهمه لموضوع: أن الغائب في الصورة أهمّ من الحاضر فيها. وهو الموضوع شبه المجمع عليه اليوم لدى الباحثين والسيمائيين والتشكيليين خاصةً. ملاحظة أخيرة: لم أزعم بأنني فنان، ولم أتقدم بهذه الصفة حتى الآن. مع خالص محبتي وامتناني. شاكر لعيبي

    ردحذف
  2. مساء الخير د. شاكر لعيبي شكرا على مرورك وعلى التوضيح، شاكرا لك فضل الاتصال..بصراحة انا متتبع بمتعة ..لبعض ما يكتبه العراقيون تحديدا ويخص الفنون بصفة عامة والعربية منها خاصة وبالتالي أشكر الدكتور خالد خضير الصالحي الذي كان له الفضل بتعريفي باسمك ووصوله الي. لكن ما يخص الباقي سيأتي تدريجيا بعد اطلاعنا على ما تفضلتم به كتابيا ويخص الجوانب الفنية التي نفتقر اليها بمغربنا الكبير الذي طغى عليه التنطير الغربي..شكرا مرة أخرى ..
    anis195421@gmail.com
    00213554270403
    الجزائر

    ردحذف
  3. لكن يا عزيزي لم أفهم أيضاً (الحضور المتواضع)؟ هل هو حضوري أم حضور خالد خضير الصالحي أم حضور الغائب؟. الدلالة التي يقولها هذا العنوان مريبة قليلاً، خاصة وأنك نشرته على أكثر من العديد من مواقع النيت. مع خالص تقديري واحترامي.

    ردحذف
  4. مرحبا أستاذي الجميل الدكتور شاكر لعيبي مرة أخرى. بما أني أجري وألهث وراء المعرفة والتقرب من أهلها أبناء المدارس العريقة العربية وخاصة منها المدرسة العراقية تحديدا التي لها باع في ميدان الفنون عامة والفنون التشكيلية خاصة..أقول أني محظوظا جدا بالتعرف اليكم حتى وان كان ذلك عن بعد..لسبب واحد هو أننا بمغربنا الكبير، كرهنا من كل ما يأتينا من الغرب جاهزا للاستهلاك والتقليد الأعمى ومعظم ما يأتينا من الشرق مستنسخا وكأننا في عالمنا التجريبي الفني راكدين لا تجارب لنا سوى ما يأتينا ببريقه ويتنافس المتنافسون لتلقفه دون اهتمام بالخصوصيات المرجعية كان ذلك على مستوى التنظير النفسي أو التنظير الفني على مستوى النقد والنقاد وعلى مستوى ممارسة الفنون بصفة عامة والفن التشكيلي بصفة خاصة، الذي كان لنا السبق فيه على جميع المستويات انطلاقا من حضارة ما بين الرافدين الى حضارة النيل وصولا إلى الحضارة الإسلامية التي جمعت أجمل ما في هذه الرقعة من عالمنا العربي والإسلامي.
    بحكم أننا على الضفة الجنوبية من المتوسط بقينا رهينة كل ما يأتي من الغرب مع شح ما يأتينا ويصلنا من المشرق وكاد أن يكون تقريبا نسخة من المدارس الغربية..بقى أننا نتوسم خيرا في المبدع العراقي والبعض القليل من البلدان العربية الأخرى بسمعتهم وأعمالهم ان يتغير هذا الحال الخطير الى ما نطمح الوصول اليه ويكون بمثابة إثبات الذات والتميز بما يميزنا نفسيا ثقافيا وبالتالي فنيا... وعليه ان قلت في عنوان مقالتي : (حضور متواضع.. بين الفنان شاكر لعيبي والفنان خالد خضير الصالحي). أعني أولا حضوري المتواضع جدا في هذا القطاع الحساس وأعني ثانيا حضور الناقد المحلل والموجه المعني بالدرجة الثانية بعد الفنان...لكن تواضع حضوري سيدي الدكتور الأستاذ شاكر لعيبي نتيجة حاجتي الملحة المتزايدة لأن أكون بلا زيف ولا استنساخ..أن أكون مثل ما أنا ...مع من كان وسيكون مثل ما هو... مع احترامي وتقديري للجهود التي يقوم بها كل واحد له القدرة على أن يكون على شاكلته بما حملت لا غير. مع خالص حبي وتقديري.

    ردحذف

إرسال تعليق

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الهدم البنّاء و مفهوم الزائل في الفن المعاصر لمحراب التشكيل / محمد فارس

الصورة في الفن المعاصر بين الإدراك و التأويل / محمد فارس تونس

أعلام الموسيقى والغناء في العالم العربي الشيخ العربي بن صاري (1863-1964) / محمد بن عبد الرحمن بن صالح