مسالك الكلام : موت الثقافة ... بقاء مدير الثقافة / حـمـــري بحـــري




مسالك الكلام :

موت الثقافة ... بقاء مدير الثقافة 

Bahri Hamri

حـمـــري بحـــري


في ولاية البويرة مدير للثقافة ، ودار للثقافة مجهزة احسن تجهيز ولديها مدير ، وفي كل دائرة وبلدية مركز ثقافي ، وفي كل بلدية لجنة ثقافية ، والثقافة موجودة كهياكل ، وتحتضر كفعل ، ان لم نقل انها غائبة تماما ، وكل من يشتغلون بالثقافة ، في هذه المؤسسات ، لا علاقة لهم بالثقافة ، لا هم من منتجيها ، ولا هم حتى من مستهلكيها ، والصحيح في الأمر ، ان التعيينات التي تتم على رأس مديريات الثقافة ، الكثير منها يتم عن طريق الوساطة ، دون النظر في الكفاءة ، منذ سنوات جاءني احد معارفي ، وهو مدير مركز الثقافي بالعاصمة ، والتمس مني ان اتوسط له لدى وزيرة الثقافة ، لتعينه مديرا للثقافة في احدى الولايات ، فاعتذرت له بأدب ، لأن علاقتي بالوزيرة ، لا تسمح لي بالوساطة ، والحقيقة ان هذا الرجل لا علاقة له بالثقافة ، سوى انه موظف في مركز ثقافي ، والغريب في الأمر ، عندما تتحدث اليه ، تشعر للوهلة الأولى انه امي لا يعرف القراءة اصلا ، وحديثه يدور كله حول اشترى كذا ، وباع كذا ، أي والله ، يحمل كل مواصفات التاجر ، وما كادت تمضي سنة ، حتى سمعت انه عين مديرا للثقافة في احدى الولايات ، ومثل هذا النموذج ، هم من يشرفون على العمل الثقافي وترقيته ‘ عبر معظم الولايات ، وهذا ما ساهم في الكود الثقافي ، وموت المثقفين وبقاء مديري الثقافة .

Photo : http://www.aswat-elchamal.com/ar/?p=98&a=34120

وهذا في تصوري ، هو ما جعل وزارة الثقافة جسدا بلا روح ، فما أروع الهياكل ، وما اتعس مدراء الثقافة ، الذين من الممكن يصلحون لأي عمل يسند اليهم ، كان ما كان نوعه ، الا العمل الثقافي ، وانا هنا لا اعمم ، هماك استثناءات ولكنها قليلة ، لأن العمل الثقافي ، يحتاج الى مواصفات لا تتوفر فيهم ، صحيح أن العمل الثقافي يحتاج في جانب منه الى ادارة تنظم سيره ، وبالمقابل تتفاعل بالتواصل مع من وجدت من اجلهم هذه المديريات ، وعلى هذا الاساس فالعمل الثقافي ليس كله ادارة ، وليس كله خارج الادارة ، العمل الثقافي هو التواصل مع الشباب ، الذين يريدون ان يعبروا عن عوالم بداخلهم ، وهم عبارة مراجل تغلي بمشاعر لا حصر لها ، وعلى مديري الثقافة ان يأخذوا بأيديهم ، من خلال مشاركتهم في كل ما ينجزه هؤلاء الشباب ، في مختلف الفنون .

Photo

هذا ما ينبغي ان يكون ، اما الواقع فهو شيء اخر ، تصوروا ان مدير الثقافة في ولاية البويرة ، لا يعرف شاعرا كبيرا مقيما في مدينة سور الغزلان ، وهو الشاعر الكبير ميسور بو لنوار ، صاحب الكثير من الدواوين الشعرية ، ولا يعرف ايضا الشاعر احمد عون ، وهو شاعر كبير ايضا ، ولا يعرف حمري بحري كاتب هذه السطور ، كما لا يعرف ايضا الروائي جيلالي عمراني ... ماذا ننتظر من مدير ثقافة ، لا يعرف المثقفين ، في الولاية التي يشرف فيها على القطاع الثقافي .؟؟ 
ان الثقافة بولاية البويرة تحتضر ، ان لم نقل انها ماتت ، وعلى وزيرة الثقافة ، ان تنظر الى المسألة بعين الجد ، وفي القريب العاجل ، لأن حالة الثقافة بولاية البويرة لا تبشر بخير ، وحتى التبادل الثقافي بين الولايات ، صار مصدر دخل اضافي لبعض المشرفين على هذه الفعاليات ، من خلال ابتزاز المشاركين في هذه التظاهرات ، فأنا مثلا لم تستدعيني مدرية الثقافة ، الى أي نشاط منذ ما يقارب عشر سنوات ، في الوقت الذي تستدعي فيه بلطجية الثقافة ، الذين شوهوا الفعل الثقافي ، وشوهوا معه صورة المثقف بشكل عام ، لأن المثقف المزيف ، لا يستأنس للمثقف الحقيقي ، وهذا ما ذهب اليه الفيلسوف الفرنسي ، جان بول سارتر حين قال في كتابه دفاعا عن المثقفين : لا يهين المثقف الحقيقي ، الا المثقف المزيف ، الذي يتخندق في مديرية الثقافة باسم الثقافة .

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الهدم البنّاء و مفهوم الزائل في الفن المعاصر لمحراب التشكيل / محمد فارس

أعلام الموسيقى والغناء في العالم العربي الشيخ العربي بن صاري (1863-1964) / محمد بن عبد الرحمن بن صالح

آعـظـم 100 كتاب فـي تـاريخ الـبشريـة ... (جميعها جاهزة للتحميل)