طوبى لنا بالمجتبى / هيثم سعد زيان

طوبى لنا بالمجتبى




بقلم : هيثم سعد زيان

قَسـَمـــًا بــربِّ العالــمـــينَ الأَوحَـــــدِ
وبِإِِِِِسْــــمِـــهِ المَخـْـفِـيِّ والمــتــفــرِّدِ

وبِعَـرْشِِِِِ مَنْ مَنَــحَ السـَّـماءَ بـُروجَــهَا
وأزانَ مــا فـيــها بــنــجـــمٍ مُـرْشِــدِ

وبقــدرةِ الرَّحـمــنِِ فـي أرضٍ حــوَتْ
مـِـنْ كــلِّ آيٍ للّبــِـيــبِ المُــهــتــدِي

وبعِلْــمِ مَــنْ بـَســطَ الظــِّلالَ وشــدََّهـا
و بمــائِــهِ الـسَــــيـَّـالِ والمُتـجــمِّــدِ

وبِمَــا علَــى إبــلِ الفـــلاةِ بصـــبـْـرِها
يَــومَ احتـدامِ القيـظِ عِنــدَ المقـصَـــدِ

وبِمَنْ إذا مــا شــاءَ أمـــرًا قـال:״ كُنْ״
وإِذا الأمـــورُ تُـــطيـــعُ دُونَ تـَــرَدُُّدِِ

سَوََّيتَ كونَـــكَ يا إلــهِـــيَ مُــعـْـجـِـزًا
عَـبَّـقــْتَ كُـنـْهَ أريــجـِهِ بـِ״ مُحـمّــَدِ״

ذِي قــَـــبْـلـَــهُ الدُّنــــيا ظـــلامٌ عـارمٌ
والخلـــقُ تحتـَكَ في هَوى وتعربـُـــدِ


النَّارُ تأكــلُ في ״المجـوسِ״ شِعـابَهــا
وصدَى الكــنائسِِ مُحتـَــفٍ بالمعــْبدِ


و״قريشُ״ ولَّتْ وجهَـــهَا״ للاتِ״ لَـــمْ
تنسَ النَّصيــــــبَ״ لعُزَّةِ״ المتعبّــــِدِ


والظلمُ يقصِمُ فـي الجِمـــالِ سَنـــامـَـها
فتصيــُر عَـنْ بُـعــدٍ كـظِــلٍّ أَمـــرَدِ


وَوُلـــدْتَ والدُّنْــــيَا تَبــــوحُ بنــــورِها
للكَـــــونِِ فـــي لحنٍ شَجـــيٍِّ،أجْــوَدِ


وأصابَ ،مُـرََّ الغصـنِ، همـسٌ مُرهَفٌ
أفــضَـى بــشهـــدٍ للــزَّمـانِ مُــؤبّــَدِ


طَرِبَـــتْ ملائـكـةُ الرَّقيـــبِ وحدَّثـــتْ
كلَّ المقاصِدِ عن سَنـــاكَ السَّرمَــدِي


فــتـنــفَّــسَ الإيمــانُ وحـــيًـــا دافِــئًــا
مِنْ حوضِْ طيبِك يا سراجَ السُـــؤدَدِ


وتَـناغــمَــتْ سُـنـَـنُ الحيــاةِ وأَدركـَتْ
سِـــرَّ الوجودِ. فيـَــا لـهُ مـِنْ مَولِـــدِ!


كُلِّفْــــــتَ بالتَّبلــيــغِ عَــنْ رَبِّ السَّمَــا
والأرضُ تشكـُـو مِنْ جُحودِ المُلحِــدِ


ما كــنـــتَ تقـــرأُ إنـــمـــَا مُتـــأمّـــِلاًًَ
لبدِيعِ صُنـــعِ اللهِ فيــنَـا، " سَيّـــِدِي״


أُخـفِـيـتَ ،يــومَ الحشــرِ، أيـَّـانَ اللِّـقَـا؟
وأُجِرْتَ وَحْيًا عَـنْ صَنيــعِ الهُـدهُــدِ


״اِقــــرأْ״! تلـــوتَ علـى مسامِـعِ أُمَّــةٍ
فتبوّأَتْ ،قَطــعًا، رفــــيــعَ المَقــعَــدِ


ما كـــنـــتَ رائِمَ تـــاجَ مــُلــكٍ عابِـــرٍ
حتّــى ولَـــوْ مِــنْ لُــؤلــؤٍ وزُمُــــرُُّدِ


غَنمًـا،״ كَليمُ اللهِ״ِ، يَرْعَـــى مُؤْجَـــرًا
ورَعَيتَ أنتَ الصِّدقَ مبْــسُوطَ اليـــَدِ


و״ لِإبْنِ مريمَ״، كَــمْ أُمــِدَّ بـِــخـــارقٍ
وأُثِبـــتَ أنــتَ بمُصطفــاكَ الأحمَـدِ


وعلَى أذى مـَنْ كــذَّبوا صَبـــَرَ الفـــؤا
دُ وفاقَ فـي״ أيُّوبَ״ صَبْــرَ الزُهَّـــدِ


لم تحــنِ رأسًـــا للمفـــاتـِـنِِ والهـــوى
أبَــدًا. صَبــيٌّ أنــتَ نِـعْـمَ المُقـتــدِي


طُهِّـــرْتَ بالبــــَرَدِ المــُقـــدََّسِ يافِعًـــا
فسمــوتَ عَـمَّا ـ هُوْـ بَغيـظٍ، مُفــسِـدِ


عَظُمَتْ خلالُكَ واعْتلـــتْ سِيـَرَ الوَرَى
فاضَتْ شَــذى في قـلبِ كــلِّ مُوحِّــدِ


" لَمُحَمَّدٌ״ حــُــسْــــنٌ لـِكـــلِّ مـَكــارمٍ
وكـــلامُ ربِِّ العالــمــيــنَ مُــؤيّــِدِي


يا للبيـــانِ! إذا تـــــحـــدَّثَ نـــاصــحًا
يا للتَّـواضــُعِ! في الشَّفيــعِ المُنجِـــدِ


للصَّحبِ شَـــدَّ الأزرَ غَيـــرَ مٌـــفَــرِّطٍ
ولأٌمـَّـــةِ المَحـــمــودِ ألــفُ تهــجُّــدِ


فـــلهُــــمْ بسعـــــيِـــكَ للمحبــةِ أُسْـــوةٌ
طُوبَى لـَـهــــمْ مِـنْ رُكَّـعٍ أو سُــجَّــدِ


مـن قبـلِ آدمَ ، أنـــتَ خاتـَـمُ وحيِهِــــمْ
رُسُلٌ تباهَــتْ بِارْتـقــائِـكَ فِـي الغَــدِ


الصادقُ المِصــداقُ صـــدَّقَ صــادقـًـا
بالوحْيِ والتَّــنـزيــلِ عِنــدَ المـَـوعِـِد


وأميـــنُ سـِـــرِّ الخلــقِ سِــرٌّ للـــوَفاَ
لارَيـبَ فِـي سِـرٍّّ سَرَى مِـنْ مَسجِــدِ


وجُزِيـــتَ قرآنـــًا كَـــريـــمـًــا بيــِّـنـًـا
أثــنَى عـَـلَــــيــكَ اللهُ فـِـيــهِ بِفَــرْقَــدِ


أُوتيتَ خمســًا مـِــنْ صَـــلاةٍ صُنتــَـهَا
فأقــمْـتَــهَا وخــتــمــتَــهَا بـِـــتـشهُّــدِ


وحَرصــتَ أنْ يَحظَـى اليتيـــمُ بعـــزَّةٍ
وكَــفـَـلــتـَـــهُ فــي رحـمــةٍ وتــَـوَدُّدِ


طُوبــى لنــَا بالخيــرِ كلـِّـهِ فــي الــذِي
لِنِســـائِــنَـــا، أَوصَــى بِخيـرٍ مُسْنِــدِ


و ظــَــنـنــتَ أنَّ الجــارَ وارث جــارِه
أوصاكَ ״جبريـلٌ״ بِــمَـا لَـمْ تَـعْــهَـدِ


للوالديـنِ قَـضَـــيــتَ بـِــرًّا مـُـنْــصِفـًـا
إِلاَّ عـَــلـَـى شِــرْكٍ بِــــرَبٍّ أوحَــــدِ


وأََمَــرْتَ بالمـعــروفِ غيـــرَ مُكابـــرٍ
و نَهَيْـتَ عنْ طيـشِ الفَتَى المُتـعـمِّـدِ


و قـِـــــيــامُ ليـــلٍ ما بَرَحــتَــهُ مُجْهَـدًا
قَدَمـيـكَ، أدمَـى، أنـتَ نِعْــمَ المُـجْهَـدِ


خُلُقًا عظيمـًا، أُنـــزِلــتْ ״أم القـــرى״
فَأنـــارَ ״يثربَ״ بالهـُـدى المــتجــدِّدِ


و هَجَرتَ لمْ تحملْ لقــومـِـكَ حقــدَهُــمْ
و رَجَـوتَ أنْ يُهْـدَوا لخيـرِ المــورِدِ

״لو كنتَ فَظًّـا أو غَــليــظَ القلــبِ״ لَــمْ
يَسْــمُ التَّسامُـحُ فـي فُؤادِ المعـــتـَـدِي


يا مُصطفى! ذَا الشِّعرُ يركَـــبُ بحــرَهُ
ويَــرُومُ مَدحَــكَ كالهــزارِ المُنــشِـدِ


هــيهـاتَ يبلـُـغُ في ثـــنـائـِـكَ مَقصَـــدًا
حَــتَّى و إنْ نــَالَ المِــدادُ تــعـهُّــدِي


أَثـــنـَـى علــيــكَ الله فــِـي صـلــواتــه
والمَــدحُ بــَعــدَ اللهِ لَيـــــسَ بِأجْـــوَدِ


ذا العمرُ مـاضٍ كالغــيــومِ و ظِــلِّـــهَا
يَـا نفـسُ تُوبِي عَـنْ هـَـوَاكِ وردِّدِي:


״قَـسَــمـًا بِـــرَبِّ العالميـــنَ الأوحَـــــدِ
لا خـيـــرَ إلاَّ فِــي صِـراطِ مـُحـمََّـدِ״


الجزائر 2006

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الهدم البنّاء و مفهوم الزائل في الفن المعاصر لمحراب التشكيل / محمد فارس

الصورة في الفن المعاصر بين الإدراك و التأويل / محمد فارس تونس

حوار الخامات وولادة الأثر، قراءة في تجربة سامي بن عامر / رياض بنالحاج أحمد: باحث جامعي