ستراتيجية الفعل الابداعي والثقافي في الجنوب الجزائري / بقلم : عبد الرحمن بن عمارة

ستراتيجية الفعل الابداعي والثقافي في الجنوب الجزائري

بقلم : عبد الرحمن بن عمارة

يعتبر التأسيس للفعل الثقافي نشاطا جد مهم تضطلع عليه مؤسسات مختصة توكل لها مهمة تفعيل الجانب الفكري ، الثقافي والإبداعي لأي مجتمع من المجتمعات ، إذ تعد الثقافة معيار من المعايير التي تقاس بها مدى تطور الشعوب وتقدمها .

والمتتبع لسيرورة الحركية الثقافية على مستوى ولايات الجنوب الجزائري وولاية ورقلة بشكل خاص يلاحظ مدى التباين والعشوائية في التسيير إذ كان من الممكن أن تكون هاته الولاية قطبا ثقافيا ومنارة من منارات الإبداع في صحرائنا الكبرى نظرا للإمكانات المادية والبشرية التي تزخر بها الولاية والتي من شأنها النهوض بالثقافة وأهلها في هاته المنطقة من الجزائر .

لا ينكر أي منا أن بعض المؤسسات والهياكل ما لبثت تسعى من أجل إبراز التراث الجمالي الفني والحضاري لإنسان المنطقة وبدا ذلك جليا في إنشاء دور الثقافة ومراكز التنشيط الشباني والثقافي المختلفة وتعد دار الثقافة مفدي زكريا التي أنشأت بموجب القرار الوزاري المشترك المؤرخ في 28 /09/1985 كمؤسسة ثقافية عمومية ذات طابع إداري أهم معلم ثقافي على مستوى ولاية ورقلة كونها ساهمت بشكل كبير في تفعيل الحركية الثقافية على مستوى الولاية كما أنها ساعدت العديد من الجمعيات التي تنشط في الساحة من خلال التأطير واحتضان عديد الفعاليات المختلفة التي احتضنتها الولاية .

من بين الأمور التي ساهمت في حالة الخمول التي تشهدها الساحة الثقافية في المنطقة هو عدم وجود إستراتيجية ثقافية تسهم في خلق دينامكية خلاقة من شأنها الارتقاء بالفعل الثقافي وهذا ما نلمسه في عدم فهم الطابع التسييري لعديد المؤسسات والهياكل خاصة منها دور الشباب ومراكز الترفيه التي أصبح نشاطها يميل أكثر إلى الجانب الترفيهي الرياضي ما أسهم في تهميش الثقافة والمبدعين الذين فضل العديد منهم إنشاء جمعيات ثقافية وآثروا العمل وفقا لإمكاناتهم الذاتية التي تفتقر أغلبها للماديات حيث لم تضف أغلب تلك التنظيمات الجمعوية أي قيمة تذكر باستثناء بعض الجمعيات التي استطاعت أن تحجز لنفسها مكانا مهما في المشهد الثقافي للمنطقة بل واستطاعت في العديد من الأحيان أن تتغلب حتى على مؤسسات عمومية وخاصة تُعنى بالجانب الثقافي .

إشكالية عدم فهم الدور المنوط وتقاطع أدوار المؤسسات الشبانية مع دور الثقافة يمكن تجاوزها من خلال التنسيق بين تلك الفضاءات لأن هدفها هو خدمة الصالح العام ومحاولة الارتقاء بمستوى الفرد والمجتمع خدمة لرسالة نبيلة هدفها الإنسان.

الحفاظ على الموروث الثقافي للمنطقة وإبرازه وترويجه يعد أولوية الأولويات للمؤسسات الثقافية في قادم الأيام وفي هذا الإطار كانت أسابيع التبادل الثقافي التي اعتمدتها وزارة الثقافة من أجل التعريف بثقافة كل ولاية من ولايات الوطن ومن أجل تبادل الخبرات في التنشيط الثقافي بين عديد مناطق الوطن .

الفعل الثقافي في الجنوب الجزائري يحتاج للمزيد من الدعم وانتهاج إستراتيجية ثقافية واضحة المعالم تكفل عدم مركزية الحركية الثقافية في مناطق الشمال فقط بل أن تتعدى لمناطق أخرى وفي هذا الإطار دعا العديد من المثقفين إلى ضرورة أن تحتضن إحدى مدن الجنوب صالون دولي خاص بالكتاب حتى يكون موسم وفرصة مناسبة تسهم بشكل كبير في تنشيط الفعل الثقافي في هاته المنطقة المهمة من الوطن .