فشل الرواية الجزائرية في جائزة البوكر: هل المشكلة في لجنة التحكيم أم في أعمالنا الروائية؟ / نسيبة عطاء الله Noseiba Attaollah

 

أظن أن المشكلة طاعنة في البُعد .. فأولا علينا النظر في موضة دور النشر هذه , نحن نفتقر إلى التنظيم بغض النظر عن الإستحقاق فهذه مشكلة أخرى نحن في غنى عن المساس بها الآن , و لو أن المفروض المنقرض يقتضي الإنعام و الإمعان فيها ... جميعنا نعلم الفساد الذي يحف أغلب دور النشر ما يجعل الكثير من المبدعين يحتفظون بكتاباتهم في الأدراج و يحلمون في الظلام .. و توكيل دور النشر وحدها للطرح و الترشيح ظالم جدا .. برأيي الأعمال الأدبية عليها أن تمر من خلال الدور الثقافية على أيد مختصين و مبدعين و كتاب و دكاترة .. و الجامعة هي الباب الأوسع .. ما هو دور الملتقيات و النوادي إذا لم تشرع باب النصوص على مصراعيه ؟؟ .. زيادة على ذلك ثمة من لا يثق فيها , وقلة من المبدعين الذين لهم علاقة بدور النشر .. ترشيح الأعمال الأدبية يتطلب مرورها على لجان مختصة أولا كي لا ندفع بالركيك إلى الأمام و نعود في النهاية باصفرار الوجه و ننشر غسيلنا المبقع أمام الأمم .. ثم نأتي ونقول همشونا و ظلمونا .. أنا لا أبريئ لجنة تحكيم البوكر لكننا لا يمكننا الحكم على أشياء نعتقد فقط أنها تجري في الخفاء ؟؟ .. ثم إن الذائقة محكمة بأغلال كثيرة أهمها اللغة .. لا نغفل أن الكثير من النصوص التي رشحت ذات ابعاد إنسانية و فكرية رائعة لكنها تتهم بالبساطة أو سوء استغلال القالب اللغوي .. ربما العجلة هي أحد الأسباب .. أما بخصوص الرواية الجزائرية فهي أشبه بالموجة التي ترتفع مرة و تنكسر مرة .. و الحقيقة أن أغلب الكتاب الجزائريين أصبحوا يركضون خلف الوقت .. لدرجة أنني حين أقرأ بعض الروايات أشعر بالتعب .. و لا أدري بصراحة ما مشكلة الجنس التي تقوقع داخلها الكثيرون .. الإغراق في الجنس أمر مبتذل أصبح يثير الاشمئزاز و القرف .. و أنا مستغربة جدا فقر الروائيين في توظيف أيقونات الرمز و الإيحاء و لجوئهم إلى الأضواء الجانبية و الفوقية و الخلفيات الساطعة التي تبخس قيمة الصورة الفنية و تعريها من ثقافتها .. هذه النصوص تحمل الكثير من العناد و التعسف التعبيري .. ما يجعل النص عقدا نفسية أكثر منه تعبيرا فنيا .. يبدو أن الأزمات الاجتماعية و التطورات الثقافية أثرت بإفراط في الذات المبدعة ..
واسيني الأعرج إسم غني لا يحتاج إلى ثراء الجائزة , لغته مختلفة , بسيطة , قريبة جدا إلى فهم الجميع و في الوقت نفسه غاية في الإتقان و مدججة بالأفكار و الحلول و الغموض .. لكن حين يتعلق الأمر بنقد المختصين يصبح الأمر شائكا و يدق في الرأس كمطرقة .. فالمعروف أن اللغة المشرقية لها سحر بالغ تؤهلها إلى قيادة السباق .. و ربما على اللجنة تنويع الأعضاء لأن اللغة المغاربية لها طابع سردي خاص يحتاج إلى إدراك نقدي يملك المفاتيح البيئية للنص .. كي يكون المظمار طريقا عادلا للوصول .. أتمنى من قلبي أن يتخل الروائيون الجزائريون عن بعض الأزياء اللغوية .. لأن الرواية الجزائرية لا تقل عن غيرها أبدا .. و النظر في الفجوة يهديئ من حساسية الوقوف على الحافة ... تحياتي للجميع

تعليقات

  1. تحليل منطقي أحسنت أستاذة نسيبة

    ردحذف

إرسال تعليق

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الهدم البنّاء و مفهوم الزائل في الفن المعاصر لمحراب التشكيل / محمد فارس

الصورة في الفن المعاصر بين الإدراك و التأويل / محمد فارس تونس

أعلام الموسيقى والغناء في العالم العربي الشيخ العربي بن صاري (1863-1964) / محمد بن عبد الرحمن بن صالح