حينما يحيي البياض موات السواد / حبيب مونسي
حينما يحيي البياض موات السواد
حبيب مونسي
حينما يلامس السواد بياض الورقة يحدث في الوجود اضطرابه الأول فإما أن يتحول الاضطراب إلى زوبعة من دخان تثار كالعجاج في وجه الحقيقة وإما ان ينتظم البياض السواد فيحوله عبر الصفاء والرؤية الفنية إلى خيوط من ابداع تصطف في نظام وانسجام يشكلان اللوحة.. إن انامل الفنان لا تفعل شيئا سوى الاستجابة لتلك الرغبة التي يحملها البياض نحو السواد فيصنع منها خيوطه الحريرية التي ينسج منها بديع صنائعه.. إنني وانا أنظر إلى هذه اللوحة الرائعة التي تخلد أخي محمدا أرى كيف يجتهد الفن في تخليد الفنان وكيف يحاول المسك بك به في لحظة إبداع أخرى أكثر دقة وجمالا.. فالخطوط التي تتراص في تناسقها العجيب تكتب نص الإنسان جسدا في هيئة خاصة حملها الموقف كل طاقاته التعبيرية التي تعلق الدلالة في هيئة تختزن الزمن في وضعيتها الخاصة... جلسة الكرسي.. كيفية التهالك عليه في كثير من تعب الفنان بعد العمل والاجتهاد.. نظرة الفنان من خلال لحيته الكثة... كلها علامات على إصرار الفنان على تجاوز الهيئة المصطنعة التي يتخذها الموضوع إلى رغبة مباغتته في هيئة لها من طبيعة الإنسان ما يرفعها في سماء التأمل لتكون نصا يقرأ لا صورة تشاهد.. إننا إزاءها في حاجة إلى الرؤيا بدل الرؤية التي يحدها البصر وتحول دون تغلغلها صلابة الموضوع.. لأن كثيرا من المشاهدين لا يملكون إزاء الفن إلا أعين الإعجار التي تتسع حدقتها حين تباشر الموضوع، ويغفلون في لحظة الدهشة أن يفتحوا عيون البصيرة التي تتغلغل في سماكة الموضوع للقبض على حقيقته، لأن تعب الفنان لم يكن ليرضى بالتوقف عند الواجهة الصلدة لجدار اللوحة التي أنجزها وإنما يريد أن تتلمس الحاسة المبصرة ظلال الأنوار الخافتة التي تنبعث من شقوق الموضوع حينما يفارق أصله المادي ليرقى إلى حقيقته الفنية في عالم التجريد.. ذلك أن للفن زمنه الذي لا يجري في قنوات الزمن الإنساني الكرونولوجي، لأنه يتوقف عن السريان في عالمنا المضطرب ليسري في عالم القيمة الخطي على هامش الحياة التي يحياها الناس، فلا يعترف لهم بأدواره الحتمية من ميلاد وشباب وشيخوخة وموت، لأن مثل هذه التحولات قد نفتها يد الفنان من موضوعها حينما حددته في هيئة منتهية تترفع عن التحول والتبدل فقد يزول الحامل الورقي أو الخشبي وقد تفسد الألوان في بعض أطراف اللوحة ولكن الموضوع الذي أمسكت به يد الفنان سيستعصي على الزوال وسيحارب بطريقته كل أسباب الفناء التي نعرفها.. إنه خلود الفن وخلود موضوعه الذي لا يعبأ بحامله... تلك قضية أخرى أخشى أنها تتعدى حدود تفكيري الآن...
حينما يلامس السواد بياض الورقة يحدث في الوجود اضطرابه الأول فإما أن يتحول الاضطراب إلى زوبعة من دخان تثار كالعجاج في وجه الحقيقة وإما ان ينتظم البياض السواد فيحوله عبر الصفاء والرؤية الفنية إلى خيوط من ابداع تصطف في نظام وانسجام يشكلان اللوحة.. إن انامل الفنان لا تفعل شيئا سوى الاستجابة لتلك الرغبة التي يحملها البياض نحو السواد فيصنع منها خيوطه الحريرية التي ينسج منها بديع صنائعه.. إنني وانا أنظر إلى هذه اللوحة الرائعة التي تخلد أخي محمدا أرى كيف يجتهد الفن في تخليد الفنان وكيف يحاول المسك بك به في لحظة إبداع أخرى أكثر دقة وجمالا.. فالخطوط التي تتراص في تناسقها العجيب تكتب نص الإنسان جسدا في هيئة خاصة حملها الموقف كل طاقاته التعبيرية التي تعلق الدلالة في هيئة تختزن الزمن في وضعيتها الخاصة... جلسة الكرسي.. كيفية التهالك عليه في كثير من تعب الفنان بعد العمل والاجتهاد.. نظرة الفنان من خلال لحيته الكثة... كلها علامات على إصرار الفنان على تجاوز الهيئة المصطنعة التي يتخذها الموضوع إلى رغبة مباغتته في هيئة لها من طبيعة الإنسان ما يرفعها في سماء التأمل لتكون نصا يقرأ لا صورة تشاهد.. إننا إزاءها في حاجة إلى الرؤيا بدل الرؤية التي يحدها البصر وتحول دون تغلغلها صلابة الموضوع.. لأن كثيرا من المشاهدين لا يملكون إزاء الفن إلا أعين الإعجار التي تتسع حدقتها حين تباشر الموضوع، ويغفلون في لحظة الدهشة أن يفتحوا عيون البصيرة التي تتغلغل في سماكة الموضوع للقبض على حقيقته، لأن تعب الفنان لم يكن ليرضى بالتوقف عند الواجهة الصلدة لجدار اللوحة التي أنجزها وإنما يريد أن تتلمس الحاسة المبصرة ظلال الأنوار الخافتة التي تنبعث من شقوق الموضوع حينما يفارق أصله المادي ليرقى إلى حقيقته الفنية في عالم التجريد.. ذلك أن للفن زمنه الذي لا يجري في قنوات الزمن الإنساني الكرونولوجي، لأنه يتوقف عن السريان في عالمنا المضطرب ليسري في عالم القيمة الخطي على هامش الحياة التي يحياها الناس، فلا يعترف لهم بأدواره الحتمية من ميلاد وشباب وشيخوخة وموت، لأن مثل هذه التحولات قد نفتها يد الفنان من موضوعها حينما حددته في هيئة منتهية تترفع عن التحول والتبدل فقد يزول الحامل الورقي أو الخشبي وقد تفسد الألوان في بعض أطراف اللوحة ولكن الموضوع الذي أمسكت به يد الفنان سيستعصي على الزوال وسيحارب بطريقته كل أسباب الفناء التي نعرفها.. إنه خلود الفن وخلود موضوعه الذي لا يعبأ بحامله... تلك قضية أخرى أخشى أنها تتعدى حدود تفكيري الآن...
تعليقات
إرسال تعليق