النص الجزائري متخم بالنرجسية و”المبدع” يرى أنه كائن متفوق / الدكتور ليامين بن تومي لـ “الخبر”
الدكتور ليامين بن تومي لـ “الخبر”
النص الجزائري متخم بالنرجسية و”المبدع” يرى أنه كائن متفوق
الخميس 16 أكتوبر 2014 الجزائر:
حاوره حميد عبد القادر
يرى الدكتور ليامين بن تومي، أستاذ تحليل الخطاب وفلسفة النقد، بجامعة سطيف، أن الفضاء الأدبي الجزائري عرف نشأة نص أدبي بعيدا عن النقد وقال في حوار مع “الخبر”: “هذا ما نلاحظه من حالات نفور الأدباء من النقد الأكاديمي، لأنه نقد منهجي يستبعد نسق المديح ليقع ضمن نسق لم تألفه الإبداعية في الجزائر، نسق التعديل أو التصويب”. وألف الدكتور بن تومي، سلسلة من الكتب النقدية والفلسفية منها “مرجعيات القراءة والتأويل عند نص حامد أبو زيد”. شارك مؤخرا في تأليف كتاب جماعي بعنوان “فلسفة السرد، المنعطفات والحدثيات الكبري” عن منشورات “الاختلاف”.
ترجع أزمة النقد في الجزائر إلى ما تسميه القطيعة الابستيمولوجية بين النص الإبداعي والناقد، ما هي أسباب وقوع هذه القطيعة؟
نعم، المسألة تتبدى لي فيما ذكرته ناتجة عن شرخ حقيقي بين النص الإبداعي والناقد من جهات عدة، فيما وضّحتُه في بعض الأبحاث، لأن المؤسسة التعليمية ما بعد الاستقلال لم تُكوِّن فينا النزعة النقدية، لأنها اعتمدت أساسا على ضخ الكثير من الكرنفاليات. إنها لعبة التمجيد التاريخية التي جعلت العقل الجزائري ينشأ نشأة لا نقدية لا تواصلية،لم تحصل معها أسباب تنامي النقد. هذا من جهة، ومن جهة أخرى، نجد أن النص الجزائري متخم بالنرجسية، وحين أقول النص أعني به “المبدع”، فهو كائن يرى في نفسه أنه كائن متفوق فوق النقدي، أو أن النقد الجزائري لم يتعاظم بشكل يجعله يُراقب النص ويتتبع ملامحه بدقة، لأن الناقد مفرغ من الداخل من القيمة النقدية، لتعاظم نسق المديح الذي تربى عليه في نسقية ما بعد الاستقلال، لذلك نشأ عندنا نص بعيد عن النقد، وهذا ما نلاحظه من حالات نفور الأدباء من النقد الأكاديمي، لأنه نقد منهجي يستبعد نسق المديح، ليقع ضمن نسق لم تألفه الإبداعية في الجزائر، نسق التعديل أو التصويب. فالمسألة تاريخية وسوسيولوجية أساسا جعلت هناك قطائع كبرى بين المبدع والناقد عموما. فتضخم الذات المبدعة –النرجسية- واللامعقولية الناتجة عن تعاظم التاريخي التمجيدي للفرد، الذي هو فوق النقد، جعلت النفسية الجزائرية متحسسة للنقد، ترى فيه صورة سلبية عن بيان العيوب فقط، ولا ترى فيه البتة صورة تصحيحية للأنموذج . ولا يجب أن ننسى الصورة الدونية /الاحتقارية التي ينظر بها النقد عندنا عادة للمبدع. كل هذه النقاط مجتمعة أدت إلى شرخ رهيب في العلاقة بين الإبداعي والنقدي وهي وضعية تراكبية تاريخية ووظيفية.
لكن هناك مسألة اهتمام النقد الذي أسميه الجديد، أي النقاد من جيلكم، بالرواية والفلسفية على حساب الرواية الاجتماعية لماذا؟
ليس في كل المُواضعات، نعم إن “رواية الأزمة” في حدودها الاجتماعية اتسمت بالاستعجالية والانعاشية، جعلتنا ننفر من الواقع المر الذي خذلنا جميعا، جعلنا نقع في حضن السؤال الانطولوجي القاسي لماذا الذي حدث؟ هذا السؤال العميق جعلنا نصدم بحيثيات فلسفية كبرى، أننا لم ننجح حقيقة في أنسنة الإنسان، إنسان الجروح التاريخية الكبرى، حاولنا أن نضعه ضمن استراتيجية عميقة لفهم وإعادة تأويله بعيدا عن جرح الأزمة الأمنية، لأنها أزمة بنيوية بالنسبة لنا، أرجعتنا على السؤال المرجعي ما الإنسان؟ لذلك فإعادة فهم الانطولوجي ضمن تحديده الزمني يجعلنا نلتبس بتلك الأزمة الثقافية، وعليه فالتأسيس الفلسفي من وجهة نظري يجعلني أستعيد الإنسان المهدور، إنسان العنف المحض، يجعلني أستردُّه من جديد، ووضعه ضمن شروطه القصوى في الحضور ضمن السؤال الفلسفي، لأن الإبداع عجز على إعادة تصور الوضع ووقوعه في رهانات اليومي والتسجيلي.
أنت تتحدث عن اختلاط الأدبي بالفلسفي.. هل توافق الرأي القائل إن الرواية الجزائرية الجديدة طغى عليها الفلسفي فأهملت الفني؟
لا يمكنني الجزم بهذا لكن يمكنني تحليل ذلك على مستوى التشكيل الجمالي في الرواية الجزائرية، إنها سلكت دربا جديدا غير الدرب الذي قطعته في السبعينيات، لأنها لم تعد تؤمن بالمعايير الجمالية التي ورثناها عن الواقعية الاشتراكية، إنها رواية سقطت في حضيض التسجيلي لليومي نتاج الأزمة الأمنية، إنها حالة اصطلاحية ما يمكن أن أسميه بـ«أدب الصدمة “، حيث تعطلت كل المعايير الجمالية التقليدية، فهي تعبّر عن نقلة من الجماليات الايجابية التي حفظها الذوق، إلى الجمالية القبحية التي تتحدث عن الدماء والقتل وعدد الضحايا، رواية التقارير الصحفية أو ما يسميه البعض الكتابة السوداء، هذا المنعطف الجمالي له تحديداته الخاصة، فلا يمكن اعتباره هبوطا، بالعكس، فهي ظاهرة صحية، لأنها شدّت عن الطوق واستطاعت جماليا أن تنحت لها معايير خاصة بها، رواية خرجت من جلباب الأب، ليقول الابن صوته كاملا.
تتحدث كثيرا عن الهوية الأدبية النقدية الجزائرية، ما هي معالمها؟
هذا الحديث مهم وشائك، إنني أتحدث هنا عن المقصود بالأدب الجزائري عن أي وجه نتكلم داخل هذا الوضع “الأدب الجزائري”؟ ، هنا طرحت إشكالية التحقيب للأدب الجزائري من أين يبدأ؟ إنها مجزوءات تعيدنا إلى ضرورة استرداد المناطق التاريخية المسروقة في تاريخنا الوطني؛ إننا حين نتحدث عن الأدب الجزائري نضع تصورا واحدا لهذا الموسوم، دون أن نجعل الصورة تكتمل، فالصورة الآن يكتنفها الكثير من الغموض والضبابية، الأدب الجزائري في تصور المدرسة هو النصوص التي كتبت باللغتين الفرنسية والعربية من طرف مواطنين جزائريين أصليين ممن يحملون بطاقة التعريف الوطنية، وهنا طرحت التساؤل ما معنى حضور نصوص كتبت على الجغرافيا الجزائرية في تاريخها العميق، لكنها لا توصف بأنها جزائرية - إنني أطرح الأسئلة فقط، أطرحها بعمقها –أريد أن أثقب سقف المفاهيم لأصل إلى إعادة تعديل مفهمة جوهرية لوضعية الأدب الجزائرية، أن أفتح مناطق الغياب إلى الحياة بقوة، كيف يمكننا اعتبار نص “الحمار الذهبي” الذي كتبه لوكيوس أبوليوس، أو ما أسميه “لحظة مداوروش” هل تقع ضمن المسمى بالأدب الجزائري أو ضمن الماقبليات التاريخية المشكلة لهذا الأدب، وغيره من النصوص التي كتبت في فترات متعاقبة كالفترة العثمانية. علينا أن نفتح السؤال واسعا لنستضيف النصوص المغيبة في تراثنا الوطني، أن نفتحه بجرأة وأن نتجاوز كل العوائق التي تحول دون خوضنا هذا الغمار الشائك، لنُعدِّل واجهة الأدب الجزائري، أن نفتحه على الأدب الأمازيغي والطوارقي والنصوص التي كتبت في مراحل مختلفة، أن نعرض هذه النصوص على النقد الجذري لتخوض بدورها ممكنها من النقاش الاجتماعي والأكاديمي . وكل هذا يقع ضمن مجال هوية الأدب ذاته أو ما يكون به نصا ما جزائريا.
من حيث النظام الطبقي تتحدث عن ضرورة وجود طبقة وسلطة تقرأ وتناقش الناقد، إلى أي درجة ساهم تراجع دور هذه الطبقة الاجتماعية في تأزم وضع النقد والثقافة بصفة عامة؟
بعد تأمل في التجربة السبعينية التي كانت تجربة رائدة وبحثي في الأسباب المختلفة التي أدت إلى انتشار الأدب والمقروئية، خلصت بإيجاز إلى أن مرد الأمر إلى وجود الطبقة المتوسطة التي لها أحلامها في النهوض بالبلد على مستويين اقتصادي وثقافي، وهنا فهمت أن الثقافة في ظل غياب الداعم المادي لا يمكن لها أن تنهض ولا تنتشر، وهذا جعلني أقرر أنه مع اتساع رقعة الفقر وانعدام الطبقة المتوسطة في الجزائر نتيجة للأسباب الاقتصادية المعروفة، أدى كل ذلك إلى تقلص رقعة اهتمام الشارع بالأدب أو بالثقافة عموما، وتم سقوط جوهري لدور المثقف لأسباب، أهمها نقص التقدير الاجتماعي للمثقف لضعف استقلاليته المادية التي في مقدورها دفع الفكرة إلى الانتشار والرواج والتأسيس في المجتمع، وكذلك أصبح المثقف مجرد موظف لدى السلطة، مما يجعل أفكاره رهينة السلطة، مما يؤدي إلى ضعف مريع في النزعة النقدية لتحوله إلى مجرد تابع للسلطة في المورد والمصدر، هذا الذي أدى إلى الأدوار السلبية للمثقف في بلدنا أو في وطننا العربي عموما. ومن أجل أن يسترد المثقف دوره لا بد من توفر عصبة تحميه ماديا وسياسيا وهي الطبقة المتوسطة، فهي الوحيدة المخولة أن يكون لها مشروع مختلف ومغاير وفي ممكنها أن تكون قوة نقدية جذرية أو أن تُنمِّي عامل الرقابة في المجتمع، وبالتالي تتعاظم النقدية لوجود الخزان المادي والسياسي والثقافي المتمثل في الطبقة المتوسطة.
يرى الدكتور ليامين بن تومي، أستاذ تحليل الخطاب وفلسفة النقد، بجامعة سطيف، أن الفضاء الأدبي الجزائري عرف نشأة نص أدبي بعيدا عن النقد وقال في حوار مع “الخبر”: “هذا ما نلاحظه من حالات نفور الأدباء من النقد الأكاديمي، لأنه نقد منهجي يستبعد نسق المديح ليقع ضمن نسق لم تألفه الإبداعية في الجزائر، نسق التعديل أو التصويب”. وألف الدكتور بن تومي، سلسلة من الكتب النقدية والفلسفية منها “مرجعيات القراءة والتأويل عند نص حامد أبو زيد”. شارك مؤخرا في تأليف كتاب جماعي بعنوان “فلسفة السرد، المنعطفات والحدثيات الكبري” عن منشورات “الاختلاف”.
ترجع أزمة النقد في الجزائر إلى ما تسميه القطيعة الابستيمولوجية بين النص الإبداعي والناقد، ما هي أسباب وقوع هذه القطيعة؟
نعم، المسألة تتبدى لي فيما ذكرته ناتجة عن شرخ حقيقي بين النص الإبداعي والناقد من جهات عدة، فيما وضّحتُه في بعض الأبحاث، لأن المؤسسة التعليمية ما بعد الاستقلال لم تُكوِّن فينا النزعة النقدية، لأنها اعتمدت أساسا على ضخ الكثير من الكرنفاليات. إنها لعبة التمجيد التاريخية التي جعلت العقل الجزائري ينشأ نشأة لا نقدية لا تواصلية،لم تحصل معها أسباب تنامي النقد. هذا من جهة، ومن جهة أخرى، نجد أن النص الجزائري متخم بالنرجسية، وحين أقول النص أعني به “المبدع”، فهو كائن يرى في نفسه أنه كائن متفوق فوق النقدي، أو أن النقد الجزائري لم يتعاظم بشكل يجعله يُراقب النص ويتتبع ملامحه بدقة، لأن الناقد مفرغ من الداخل من القيمة النقدية، لتعاظم نسق المديح الذي تربى عليه في نسقية ما بعد الاستقلال، لذلك نشأ عندنا نص بعيد عن النقد، وهذا ما نلاحظه من حالات نفور الأدباء من النقد الأكاديمي، لأنه نقد منهجي يستبعد نسق المديح، ليقع ضمن نسق لم تألفه الإبداعية في الجزائر، نسق التعديل أو التصويب. فالمسألة تاريخية وسوسيولوجية أساسا جعلت هناك قطائع كبرى بين المبدع والناقد عموما. فتضخم الذات المبدعة –النرجسية- واللامعقولية الناتجة عن تعاظم التاريخي التمجيدي للفرد، الذي هو فوق النقد، جعلت النفسية الجزائرية متحسسة للنقد، ترى فيه صورة سلبية عن بيان العيوب فقط، ولا ترى فيه البتة صورة تصحيحية للأنموذج . ولا يجب أن ننسى الصورة الدونية /الاحتقارية التي ينظر بها النقد عندنا عادة للمبدع. كل هذه النقاط مجتمعة أدت إلى شرخ رهيب في العلاقة بين الإبداعي والنقدي وهي وضعية تراكبية تاريخية ووظيفية.
لكن هناك مسألة اهتمام النقد الذي أسميه الجديد، أي النقاد من جيلكم، بالرواية والفلسفية على حساب الرواية الاجتماعية لماذا؟
ليس في كل المُواضعات، نعم إن “رواية الأزمة” في حدودها الاجتماعية اتسمت بالاستعجالية والانعاشية، جعلتنا ننفر من الواقع المر الذي خذلنا جميعا، جعلنا نقع في حضن السؤال الانطولوجي القاسي لماذا الذي حدث؟ هذا السؤال العميق جعلنا نصدم بحيثيات فلسفية كبرى، أننا لم ننجح حقيقة في أنسنة الإنسان، إنسان الجروح التاريخية الكبرى، حاولنا أن نضعه ضمن استراتيجية عميقة لفهم وإعادة تأويله بعيدا عن جرح الأزمة الأمنية، لأنها أزمة بنيوية بالنسبة لنا، أرجعتنا على السؤال المرجعي ما الإنسان؟ لذلك فإعادة فهم الانطولوجي ضمن تحديده الزمني يجعلنا نلتبس بتلك الأزمة الثقافية، وعليه فالتأسيس الفلسفي من وجهة نظري يجعلني أستعيد الإنسان المهدور، إنسان العنف المحض، يجعلني أستردُّه من جديد، ووضعه ضمن شروطه القصوى في الحضور ضمن السؤال الفلسفي، لأن الإبداع عجز على إعادة تصور الوضع ووقوعه في رهانات اليومي والتسجيلي.
أنت تتحدث عن اختلاط الأدبي بالفلسفي.. هل توافق الرأي القائل إن الرواية الجزائرية الجديدة طغى عليها الفلسفي فأهملت الفني؟
لا يمكنني الجزم بهذا لكن يمكنني تحليل ذلك على مستوى التشكيل الجمالي في الرواية الجزائرية، إنها سلكت دربا جديدا غير الدرب الذي قطعته في السبعينيات، لأنها لم تعد تؤمن بالمعايير الجمالية التي ورثناها عن الواقعية الاشتراكية، إنها رواية سقطت في حضيض التسجيلي لليومي نتاج الأزمة الأمنية، إنها حالة اصطلاحية ما يمكن أن أسميه بـ«أدب الصدمة “، حيث تعطلت كل المعايير الجمالية التقليدية، فهي تعبّر عن نقلة من الجماليات الايجابية التي حفظها الذوق، إلى الجمالية القبحية التي تتحدث عن الدماء والقتل وعدد الضحايا، رواية التقارير الصحفية أو ما يسميه البعض الكتابة السوداء، هذا المنعطف الجمالي له تحديداته الخاصة، فلا يمكن اعتباره هبوطا، بالعكس، فهي ظاهرة صحية، لأنها شدّت عن الطوق واستطاعت جماليا أن تنحت لها معايير خاصة بها، رواية خرجت من جلباب الأب، ليقول الابن صوته كاملا.
تتحدث كثيرا عن الهوية الأدبية النقدية الجزائرية، ما هي معالمها؟
هذا الحديث مهم وشائك، إنني أتحدث هنا عن المقصود بالأدب الجزائري عن أي وجه نتكلم داخل هذا الوضع “الأدب الجزائري”؟ ، هنا طرحت إشكالية التحقيب للأدب الجزائري من أين يبدأ؟ إنها مجزوءات تعيدنا إلى ضرورة استرداد المناطق التاريخية المسروقة في تاريخنا الوطني؛ إننا حين نتحدث عن الأدب الجزائري نضع تصورا واحدا لهذا الموسوم، دون أن نجعل الصورة تكتمل، فالصورة الآن يكتنفها الكثير من الغموض والضبابية، الأدب الجزائري في تصور المدرسة هو النصوص التي كتبت باللغتين الفرنسية والعربية من طرف مواطنين جزائريين أصليين ممن يحملون بطاقة التعريف الوطنية، وهنا طرحت التساؤل ما معنى حضور نصوص كتبت على الجغرافيا الجزائرية في تاريخها العميق، لكنها لا توصف بأنها جزائرية - إنني أطرح الأسئلة فقط، أطرحها بعمقها –أريد أن أثقب سقف المفاهيم لأصل إلى إعادة تعديل مفهمة جوهرية لوضعية الأدب الجزائرية، أن أفتح مناطق الغياب إلى الحياة بقوة، كيف يمكننا اعتبار نص “الحمار الذهبي” الذي كتبه لوكيوس أبوليوس، أو ما أسميه “لحظة مداوروش” هل تقع ضمن المسمى بالأدب الجزائري أو ضمن الماقبليات التاريخية المشكلة لهذا الأدب، وغيره من النصوص التي كتبت في فترات متعاقبة كالفترة العثمانية. علينا أن نفتح السؤال واسعا لنستضيف النصوص المغيبة في تراثنا الوطني، أن نفتحه بجرأة وأن نتجاوز كل العوائق التي تحول دون خوضنا هذا الغمار الشائك، لنُعدِّل واجهة الأدب الجزائري، أن نفتحه على الأدب الأمازيغي والطوارقي والنصوص التي كتبت في مراحل مختلفة، أن نعرض هذه النصوص على النقد الجذري لتخوض بدورها ممكنها من النقاش الاجتماعي والأكاديمي . وكل هذا يقع ضمن مجال هوية الأدب ذاته أو ما يكون به نصا ما جزائريا.
من حيث النظام الطبقي تتحدث عن ضرورة وجود طبقة وسلطة تقرأ وتناقش الناقد، إلى أي درجة ساهم تراجع دور هذه الطبقة الاجتماعية في تأزم وضع النقد والثقافة بصفة عامة؟
بعد تأمل في التجربة السبعينية التي كانت تجربة رائدة وبحثي في الأسباب المختلفة التي أدت إلى انتشار الأدب والمقروئية، خلصت بإيجاز إلى أن مرد الأمر إلى وجود الطبقة المتوسطة التي لها أحلامها في النهوض بالبلد على مستويين اقتصادي وثقافي، وهنا فهمت أن الثقافة في ظل غياب الداعم المادي لا يمكن لها أن تنهض ولا تنتشر، وهذا جعلني أقرر أنه مع اتساع رقعة الفقر وانعدام الطبقة المتوسطة في الجزائر نتيجة للأسباب الاقتصادية المعروفة، أدى كل ذلك إلى تقلص رقعة اهتمام الشارع بالأدب أو بالثقافة عموما، وتم سقوط جوهري لدور المثقف لأسباب، أهمها نقص التقدير الاجتماعي للمثقف لضعف استقلاليته المادية التي في مقدورها دفع الفكرة إلى الانتشار والرواج والتأسيس في المجتمع، وكذلك أصبح المثقف مجرد موظف لدى السلطة، مما يجعل أفكاره رهينة السلطة، مما يؤدي إلى ضعف مريع في النزعة النقدية لتحوله إلى مجرد تابع للسلطة في المورد والمصدر، هذا الذي أدى إلى الأدوار السلبية للمثقف في بلدنا أو في وطننا العربي عموما. ومن أجل أن يسترد المثقف دوره لا بد من توفر عصبة تحميه ماديا وسياسيا وهي الطبقة المتوسطة، فهي الوحيدة المخولة أن يكون لها مشروع مختلف ومغاير وفي ممكنها أن تكون قوة نقدية جذرية أو أن تُنمِّي عامل الرقابة في المجتمع، وبالتالي تتعاظم النقدية لوجود الخزان المادي والسياسي والثقافي المتمثل في الطبقة المتوسطة.
ـــــــــــــــــــــــــــ
http://www.elkhabar.com/ar/culture/429216.html
تعليقات
إرسال تعليق