عيسى شريط: السبب الجوهري هو مادي بامتياز




عيسى شريط: السبب الجوهري هو مادي بامتياز

الثلاثاء 30 سبتمبر 2014 

لابد أن نتفق في البداية على حال الفعل او الشأن الثقافي في عمومه في البلاد، وهي حال مزرية سببها الجوهري أن الفعل الثقافي غير مثمن أي لا فائدة مادية ترجى منه هذا ناتج عن سياسة احتكاره من قبل الدولة بغرض الترويج وتنشيط الزردات المناسباتية وغير ذلك، البرامج التلفزيونية غائبة تماما مثلما هي غائبة المنابر الإعلامية الثقافية الأخرى كالمجلات والصحف المتخصصة في الشأن الثقافي في عمومه (أدب، نقد، فنون مختلفة وفكر). 
على مدى عمر الاستقلال تعوّد الفرد والمجتمع الجزائري على هذا الأمر المتعلق بلا جدوى الفعل الثقافي الذي لا فائدة ترجى منه، وهو بذلك يعزف عن الإقبال على مشاهدته أو متابعته بقدر إقدامه على مشاهدة حصص المنوعات والترفيه وقراءة الصحف الصفراء التي تستند على الفضيحة المتنوعة..
أنا على اليقين أن السبب الجوهري في الجزائر هو مادي بامتياز، فحصة ترفيهية أو موسيقية تفاعلية أورياضية يمكنها جلب "السبنسور" بشكل كبير كي لا أقول بالمبالغ الخرافية تدفع من قبل المؤسسات والشركات فقط لتمرير إشهارها والترويج لمنتجاتها لأنها حصص تستقطب جمهورا كبيرا على مستوى كل القطر الجزائري، في حين مشروع الحصة الثقافية لا يعني أحدا من الجمهور ومن المستثمرين والفاعلين لأنهم يدركون مسبقا بأنها حصص بائسة تولد ميتة ولا تجلب الجمهور ..
بالإضافة الى هذا السبب الجوهري هناك سبب أخر يفرض نفسه وقد ساهم في قتل البرامج الثقافية، هي حصص رديئة جدا في تصاميمها أغلبها لا يتعدى استضافة شخصية ثقافية ومحاورتها، هذا النوع من التصاميم قد أكل عليه الدهر وشرب، لا يمكنه المرور في هذا الزمن السريع والرقمي جدا، وعليه ضرورة التفكير في تصاميم جديدة تجعل من الحصة الثقافية مستقطبة لاهتمام الجمهور، تفرض نفسها ومغادرة بلا رجعة حصص المحاورة المملة والمقرفة بالنسبة للأجيال الجديدة على الأقل، التصاميم الجديدة والمتأقلمة والراهن الرقمي وحدها الكفيلة بأن تجعل من الحصص الثقافية مستقطبة للجماهير وبالتالي لاهتمام الشركات والمؤسسات المختلفة والمتنوعة لتمويلها... 
ربما القنوات التلفزيونية الخاصة أخذت العبرة من التلفزيون الجزائري عبر ما كان يقدمه من حصص ثقافية اختفت بمجرد ظهورها نتيجة لتصاميمها المغلقة والمسطحة ولضعف منشطيها بالتأكيد، لعلهم قرروا عدم تكرار مثل هذه التجارب الفاشلة.
أما المثقف فاعتقد أنه اعتاد على العيش في الهامش وبعيدا عن كل تطور تكنولوجي كي لا أقول عن راهنه تماما، ومازال يقبع في عوالم انتهت ولن تعود أبدا. المثقف الذي يفتقر الى القدرة على التأقلم وراهنة ولحظته، ويفتقر الى قدرة التجدد وتجديد نمط حياته وفكره، هو مثقف بائس لا يمكنه أن يفيد بشيء لأنه بكل بساطة اختار العيش في زمن ولى وهو بالتالي شخص ميت بالنسبة للأجيال الراهنة.. "واللي مات عمرو ما يحيا"...
ـــــــــــــــــــــــــــــــ
http://www.elhayat.net/article8779.html

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الهدم البنّاء و مفهوم الزائل في الفن المعاصر لمحراب التشكيل / محمد فارس

أعلام الموسيقى والغناء في العالم العربي الشيخ العربي بن صاري (1863-1964) / محمد بن عبد الرحمن بن صالح

آعـظـم 100 كتاب فـي تـاريخ الـبشريـة ... (جميعها جاهزة للتحميل)