الهدوء الذي يجمع المتناقضين الملحدين و المؤمنين / نادية الوناس
الهدوء الذي يجمع المتناقضين الملحدين و المؤمنين / نادية الوناس
ربما من الاشياء المثيرة التي لاحظتها في المجتمع الجزائري والمثيرة للاستغراب خاصة في مجتمع يمكن وصفه بالمجتمع المحافظ هي تلك الحالة من الهدوء التي تجمع المتناقضين الملحدين و المؤمنين.
من يعيش في الجزائر العميقة و يدرك ان نسبة الملحدين يمكن اعتبارها الاكبر في شمال افريقيا و تأتي ربما هذه النسبة المرتفعة نتيجة للحقب التاريخية التي عرفتها الجزائر من الفترة الاستعمارية الى مرحلة الاستقلال و انتشار الفكر القومي الاشتراكي الى الماركسية الشيوعية زد على هذا الفرانكوفونية التي سمحت للجزائريين بالاطلاع على افكار كبار الفلاسفة الملحديين او اللا دينيين بما ان انتاج اللغة العربية في فكر الالحاد يمكن اعتباره شبه منعدم.
لكن وعكس جميع الدول العربية والاسلامية التي عرفت صراعات فكرية وتصادمات بين الايمان و الالحاد تصل احيانا الى حد العنف مثل اغتيالات او تصفيات جسدية عرفت الجزائر نوع من الحالة السلمية الهادئة بين الطرفين لم تعرف تصادمات اجتماعية تذكر.
من اغرب الاشياء التي اثارت استغرابي عندما كنت طالبة هو اكتشافي لعدد كبير من الملحدين ولا دينيين داخل الجامعات الجزائرية و الشيئ المثير للاستغراب هو اني لم استطع معرفة من هو الملحد ومن هو المؤمن الا بعدما بدأت اسأل اسئلة مباشرة للاصدقاء عن ايمانهم فبدأت اكتشف ان الاستاذ المحاضر ملحد و زوجته محجبة مؤمنة و صديقتي ملحدة مغرمة بطالب مؤمن ! ثم تجد اللادينيين و الاادريون ممتزجين بين طلبة الجامعة
ولكن الشيئ الغريب هو انك تجدهم كلهم جالسون في طاولات المطعم الجامعي دون ان تلاحظ اي توتر بل بالعكس تماما
وحتى في المنطقة التي انتمي اليها وهي منطقة القبائل الملحدين كانو و مازالو موجودين في المنطقة بشكل كبير مقارنة بمناطق اخرى من الوطن ولكن الشيئ الذي تلاحظه ايضا هو ان المدينة تصبح فارغة في وقت الافطار و تجد سواء الملحد او المؤمن في اسواق المدينة يقمون بالتسوق و شراء نفس المؤكولات التي تحضر في مائدة الافطار عند جميع الجزائريين و تجدهم ايضا ينتظرون اذان الافطار مع بقية الجزائريين
يمكن القول ان هناك ملحد او لا ديني او لا ادري في كل عائلة جزائرية سواء كان الاخ الاب الاخت الخال او العم او ابن الخال او بنت الخال لكن لا تلاحظ اي حقد او صراع فكري او ثقافي. لا استطيع الجزم عن اسباب هذا التعايش السلمي الهادئ جدا ربما بسبب تعود الجزائريين على وجود الفكر الماركسي الالحادي في المجتمع الجزائري منذ ايام الثورة و وجوده بشكل كبير في فكر قادة و مناضلي الحركة الثورية الجزائرية او ربما بسبب ابتعاد الملحدين عن التصادم مع افراد المجتمع الذي يعيش فيه مادام لم يمس باي عنف جسدي مثل الذي نشاهده في الكثير من المجتمعات العربية والاسلامية والتي تنظر للالحاد كظاهرة خطيرة او كمرض نفسي او كخيانة عظمى. فنجد مثلا في مصر قبل الثورة حادثة تفريق المحكمة بين المفكر و الباحث في الدراسات الإسلامية حامد أبو زيد و زوجته بقرار المحكمة و نجد ايضا اعتقال المدون السعودي حمزة كاشغري و اتهامه بالاساءة والاعلان عن الكفر بسبب تغريدة على موقع تويتر و نجد مثلا الشاب المغربي الملحد قاسم الغزالي الذي اضطر الى مغادرة المغرب بسبب المضايقات الكثيرة و الفتاوي التي صدرت من أئمة تتهمه احيانا بالمريض النفسي و احيانا بالكافر الذي يجب تطبيق الحد عليه
و هناك الكثير من الامثلة
ربما المرحلة الوحيدة التي شهدتها الجزائر والتي اضطر فيها الملحدين واللادينيين للاختباء او الهرب هي فترة التسعينات او العشرية الحمراء رغم ان هذه المرحلة لا يمكن اعتبارها انها كانت مرحلة اضطهد فيها الملحدون فقط لان العنف والارهاب لم يفرق بين ملحد او مؤمن مسلم او مسيحي الكل كانو ساوسية في نظر السيارات المفخخة و القنابل و السكين.
يمكن القول ان التصادم بدأ يظهر بشكل كبير خاصة عن الملحدين الجدد الذين تأثرو كثيرا من الخطاب الديني العنيف والتحريضي ضدهم وبسبب كل ما نتج عن الفتاوي الدينية فأنتج نوع من ردة الفعل العنيفة عند الملحدين فتحولت الى نوع من التطرف الالحادي المبني على التهجم على المتدينين والمؤمنين و التهجم بشكل عنيف على الاديان خاصة الدين الاسلامي الذي ينتمون اليه كردة فعل على الخطاب الديني التحريضي ضدهم حتى اصبح هناك نوع من الوهابية الالحادية مبنية على الغاء الاخر و تحريض ضده وضد فكره ولكنها لم تصل بشكل كبير الى الجزائر
ولكن على العموم انا اعتبر هذه الحالة اي الحالة الجزائرية بين الالحاد والايمان نقطة ايجابية تحسب للمجتمع الجزائري رغم كونه مجتمع محافظ ومتدين في غالبيته
من يعيش في الجزائر العميقة و يدرك ان نسبة الملحدين يمكن اعتبارها الاكبر في شمال افريقيا و تأتي ربما هذه النسبة المرتفعة نتيجة للحقب التاريخية التي عرفتها الجزائر من الفترة الاستعمارية الى مرحلة الاستقلال و انتشار الفكر القومي الاشتراكي الى الماركسية الشيوعية زد على هذا الفرانكوفونية التي سمحت للجزائريين بالاطلاع على افكار كبار الفلاسفة الملحديين او اللا دينيين بما ان انتاج اللغة العربية في فكر الالحاد يمكن اعتباره شبه منعدم.
لكن وعكس جميع الدول العربية والاسلامية التي عرفت صراعات فكرية وتصادمات بين الايمان و الالحاد تصل احيانا الى حد العنف مثل اغتيالات او تصفيات جسدية عرفت الجزائر نوع من الحالة السلمية الهادئة بين الطرفين لم تعرف تصادمات اجتماعية تذكر.
من اغرب الاشياء التي اثارت استغرابي عندما كنت طالبة هو اكتشافي لعدد كبير من الملحدين ولا دينيين داخل الجامعات الجزائرية و الشيئ المثير للاستغراب هو اني لم استطع معرفة من هو الملحد ومن هو المؤمن الا بعدما بدأت اسأل اسئلة مباشرة للاصدقاء عن ايمانهم فبدأت اكتشف ان الاستاذ المحاضر ملحد و زوجته محجبة مؤمنة و صديقتي ملحدة مغرمة بطالب مؤمن ! ثم تجد اللادينيين و الاادريون ممتزجين بين طلبة الجامعة
ولكن الشيئ الغريب هو انك تجدهم كلهم جالسون في طاولات المطعم الجامعي دون ان تلاحظ اي توتر بل بالعكس تماما
وحتى في المنطقة التي انتمي اليها وهي منطقة القبائل الملحدين كانو و مازالو موجودين في المنطقة بشكل كبير مقارنة بمناطق اخرى من الوطن ولكن الشيئ الذي تلاحظه ايضا هو ان المدينة تصبح فارغة في وقت الافطار و تجد سواء الملحد او المؤمن في اسواق المدينة يقمون بالتسوق و شراء نفس المؤكولات التي تحضر في مائدة الافطار عند جميع الجزائريين و تجدهم ايضا ينتظرون اذان الافطار مع بقية الجزائريين
يمكن القول ان هناك ملحد او لا ديني او لا ادري في كل عائلة جزائرية سواء كان الاخ الاب الاخت الخال او العم او ابن الخال او بنت الخال لكن لا تلاحظ اي حقد او صراع فكري او ثقافي. لا استطيع الجزم عن اسباب هذا التعايش السلمي الهادئ جدا ربما بسبب تعود الجزائريين على وجود الفكر الماركسي الالحادي في المجتمع الجزائري منذ ايام الثورة و وجوده بشكل كبير في فكر قادة و مناضلي الحركة الثورية الجزائرية او ربما بسبب ابتعاد الملحدين عن التصادم مع افراد المجتمع الذي يعيش فيه مادام لم يمس باي عنف جسدي مثل الذي نشاهده في الكثير من المجتمعات العربية والاسلامية والتي تنظر للالحاد كظاهرة خطيرة او كمرض نفسي او كخيانة عظمى. فنجد مثلا في مصر قبل الثورة حادثة تفريق المحكمة بين المفكر و الباحث في الدراسات الإسلامية حامد أبو زيد و زوجته بقرار المحكمة و نجد ايضا اعتقال المدون السعودي حمزة كاشغري و اتهامه بالاساءة والاعلان عن الكفر بسبب تغريدة على موقع تويتر و نجد مثلا الشاب المغربي الملحد قاسم الغزالي الذي اضطر الى مغادرة المغرب بسبب المضايقات الكثيرة و الفتاوي التي صدرت من أئمة تتهمه احيانا بالمريض النفسي و احيانا بالكافر الذي يجب تطبيق الحد عليه
و هناك الكثير من الامثلة
ربما المرحلة الوحيدة التي شهدتها الجزائر والتي اضطر فيها الملحدين واللادينيين للاختباء او الهرب هي فترة التسعينات او العشرية الحمراء رغم ان هذه المرحلة لا يمكن اعتبارها انها كانت مرحلة اضطهد فيها الملحدون فقط لان العنف والارهاب لم يفرق بين ملحد او مؤمن مسلم او مسيحي الكل كانو ساوسية في نظر السيارات المفخخة و القنابل و السكين.
يمكن القول ان التصادم بدأ يظهر بشكل كبير خاصة عن الملحدين الجدد الذين تأثرو كثيرا من الخطاب الديني العنيف والتحريضي ضدهم وبسبب كل ما نتج عن الفتاوي الدينية فأنتج نوع من ردة الفعل العنيفة عند الملحدين فتحولت الى نوع من التطرف الالحادي المبني على التهجم على المتدينين والمؤمنين و التهجم بشكل عنيف على الاديان خاصة الدين الاسلامي الذي ينتمون اليه كردة فعل على الخطاب الديني التحريضي ضدهم حتى اصبح هناك نوع من الوهابية الالحادية مبنية على الغاء الاخر و تحريض ضده وضد فكره ولكنها لم تصل بشكل كبير الى الجزائر
ولكن على العموم انا اعتبر هذه الحالة اي الحالة الجزائرية بين الالحاد والايمان نقطة ايجابية تحسب للمجتمع الجزائري رغم كونه مجتمع محافظ ومتدين في غالبيته
تعليقات
إرسال تعليق