أضواء داكنة بين الاغراء والحرمان (...) بمعرض الفنان التونسي منذر مطيبع / بوكرش محمد
أضواء داكنة بين الاغراء والحرمان (...) بمعرض الفنان التونسي منذر مطيبع / بوكرش محمد
سعدت جدا بلقائي بالفنان الشاب التونسي منذر مطيبع رفقة الصديق الفنان التونسي الدكتور خليل قويعة..
في عجالة لن تتعدى مدة توقيع اهداء المنشور الفني الموسوم بعنوان "أضواء داكنة" الذي يخص معرضه الأخير وقدمه لي مشكورا مع كتابه البحث الفائز بالجائزة الرابعة جائزة الشارقة للبحث النقدي التشكيلي بفحواه الذي خص به "الفنون الاسلامية في التشكيل العربي المعاصر "و"أصداءها"..."بين ملامسات الشكل والجوهر" و منشوره الثاني معرض الفنان منذر مطيبع الموسوم بعنوان"المصامر المصددة" المسامير الصدئة.. وهو معرضه الأول سنة 1996 بين رسم وخزف أقيم بولاية توزر بالجنوب التونسي..أما معرضه الثاني المقام بشهر ماي من سنة 2013 فهو تنصيبة فوتوغرافية وهي الموسومة بعنوان "أضواء داكنة" وهي الجزء المهم من عنواننا لهذا الموضوع الذي أسال لعاب بعض الأقلام بحيث أجمعت تقريبا بنسب متفاوتة بأن ينطبق عليها في نظري المتواضع في كل الحالات، مفهوم الارتباط الغير شعوري بسلطة الجدار كما أشار الفنان منذر مطيبع ويخص موضوع ذكاء توزيع أعماله التي ينبغي أن تتحرر منه ( من سلطة الجدار).. وأعني بذلك الهروب من الجدارالأول لسلطة جدار بديل بدل الغاء الاثنين معا..بالاحتكام الى الذات السوية ككائن مميز والقوانين الطبيعية بالتكييف دون اسراف.. وأعني بذلك الأقلام الأستاذ د.نزار شقرون، د. شاكر لعيبي، د.خليل قويعة، الأستاذ فاتح بن عامر و الفنان نفسه الأستاذ منذر مطيبع.
أحترم وأقدر ما قرأت..لكن اذا عملنا بما يقر به الناقد العراقي خضير الصالحي الذي يراهن على شيئية اللوحة التي لا تعبر الا على ذاتها بذات الأشياء المكونة لها لا غير.. ألوان ملامس.. مساحات ..تقاطع خطوط ..ايقاع ..ايحاءات ..وبالتالي ابهار ومتعة بصرية تثير بالتأكيد ردود فعل من بينها اثارة حب القول ..شعر..موسيقى..رواية..لكن كل هذا لا يعني العمل الفني كذات بقدر ما يعني ايجابياته ودوره كسلطة ونفوذ تثمر بمثل ذلك..
بتحفظ.. الشيء الذي تركني لا أختلف مع الأستاذ الناقد الخضير الصالحي نسبيا في ما ذهب اليه خوفا فقط من قيام النقاد بزعم ما.. بتسطيح العمل الفني بضعيف وضيق أفق ما يقدم كقراءات فنية قد تسيء بالمجاملة، بأجر مدفوع أو بتبادل المصالح.. بنسب متفاوتة للعمل الفني وللفنان في نفس الوقت بتضخيم مبالغ فيه أو بشح وعدم الدراية والمعرفة الناصعة بالتجريب المعمق التي تليق بالعمل وبالفنان ولمسه كقيمة لا يمكن باية حال الاستغناء عنها كفعل..(محاسن و مساوئ،ايجابيات وسلبيات) التي لا يخلو منها أي بحث..
يقول الفنان منذر مطيبع أشياء رائعة وفي الصميم 1- : هذه الأقمشة السوداء التي تنوعت وظيفتها بين فعل الحجب وفعل الكشف مكنت من انشاء منحوتات ضوئية زخرفية تحيل الى قراءة تتجاوز حدود المشاهدة والنظر لتلامس حدود الابصار والتبصر.
2- : ان مجموعة " 14 قنديلا ينطفئ" صممت لتتخذ أشكالا تتنوع بين الشكل البيضوي والشكل المحدب والشكل المقعر وغيرها من الأشكال المتنوعة، والتي تجعل من المعرض عبارة عن خلية حية دائمة الحركة والتنوع.
تلك هي خوصية الأعمال المتحررة من سلطة الجدار.
3-: لأني أؤمن بأن العمل التشكيلي الصادق ينغمس بصورة مباشرة في بيئته الثقافية والاجتماعية والسياسية.
اذا عملنا بأقوال الفنان ( أ ) - "التحرر من سلطة الجدار" ، ( ب ) – الصدق في العمل الفني هو الانغماس بصورة مباشرة في البيئة الثقافية، ( ج ) - قراءة تتجاوز حدود المشاهدة والنظر تلامس حدود الابصار والتبصر.
لأنه جاد وصادق لا شعوريا بذلك.. وأشار بنباهة صائبة تخص القفزة النوعية لعالم الجمال بالتحرر نسبيا وطبيعيا من كل ما هو اسراف تحتي ودوني مادي بيولوجي يسبب العمي .. الذي به الغلبة تكون مجانية ..يطغى فيها بالتأكيد الجانب الحيواني على الجانب الانساني المكيف بطبيعته السوية ثقافيا.
بما أن الفنان منذر مطيبع تونسي عربي متفتح على الآخر بجرأته التعبيرية الفنية.. ويحترم ذلك، فالسؤال الذي يفرض نفسه وأوجهه للأقلام : ماذا عن "بيئته الثقافته " وماذا يعني بها وبماذا تتميز عن باقي الثقافات ان لم تكن لها خصوصياتها؟. ام أن هذا المعنى مجرد هراء استهلاكي..وحشو نافخ لحجم البحث..؟. بالتأكيد لا ثم لا..المثل العامي يقول: "من له شهوة يحطها في عشاه" وبالتالي اللحاف و القماش أو الستار بات في عمله من توابل احداث الطعم والمذاق وقوة الاغراء..وهي عملية بناء الذروة بالعروض الهاربة أو الممتنعة التي تزيد في رغبة عمل المتلقي بقوة، للظفر بالقيمة وتعريتها بالمقدار..قصد التمتع بجوانبها النفعية..وما هي بالمستسلمة لذلك بالسهولة المتوقعة، الا بمعرفة واكتناز الاحترام الذي يليق بمستوى الحفاظ على القيمة النفعية وطول عمر بريق ذلك ...
عكس تماما ما ذهبت اليه الأقلام المسطحة التي تسعى الى فرض مراد اباحة تجريد الشيء من توابله التي ضمنت له الستر وتضمن له قيمته الغير قابلة أن تكون بمتناول من هب ودب ..لذا حرس الكاتب والفنان منذر مطيبع على أن تكون قراءة العمل الفني متأنية قصد الوصول الى لمس امهات المرامي قائلا "لا بد من قراءة تتجاوز حدود المشاهدة والنظرة التي تلامس حدود الابصار والتبصر"و أكد ذلك بالتركيز على رمزية العين، وهي عكس تماما ما ذهب اليه الفنان منذر مطيبع بتكراره لمفردة "الراهن" مرات عديدة في مداخلته وكأنه تحت نفوذ ايديولوجي أو اصيب بالردة لسلطة هذا الجدار وربط كل الماضي والمستقبل من جديد بحاضر سلطة جدار تيار .. وبالتالي بذلك قد قيد حرية تعبيرالكيان الشيئي للوحة الممثل الوحيد لأقصى ما يمكن أن تعبر عنه التركيبة الشيئية التشكيلية كلها (وهي العابرة للزمن بما حبلت به وحملت) بحدود معنى ومفهوم الراهن المحدد، الضيق (بفتح الضاد) بضيق ونقائص الراهن وعيوب رهائنه. الراهن المورط مع الأسف ..المربوط بسلطة جدار موضة ونزوة ..الجسد ، العري ، ايروتيكي والجنس والايباحية و..و..و.
لنسأل الآن: أين العيب بدرجات القبح في الزائل وأين الجميل بدرجات القيمة في معادلة الحياة ..؟.
هل هناك قبيح يخلو من الجمال وهل هناك جميل يخلو من القبح؟.
اليس كلا الطرفين وحدة قياس الثاني..؟.
شكرا للأساتذة النقاد الذين ساهموا بشكل أو بآخر في تشجيع الفنان الشاب منذر مطيبع بجميل بعض كلماتهم وربطها براهن احتياجات العامة والخاصة المتفاوتة بنسب ..حسب الرغبات الظرفية للبعض والطموحات السامية لبعض آخر..
شكرا للفنان منذر مطيبع الذي منحني فرصة التمتع بقوة طرحه التشكيلي بالتنصيبة الفوتوغرافية الفنية التي تجاوزت بمستواها مستوى ما قدمه النقاد بقراءاتهم النقدية المتواضعة جدا بما في ذلك ما كتبه الفنان نفسه.. وبالتالي ينطبق عليها مفهوم اضاءات داكنة بما تحمل من معنى.. عكس ما كنت أتوقع وما يمثل العمل الفني بهذه النصبة الفوتوغرافية المتأرجحة بين فصل بذر اللوحة والفصل الذي تتفتح فيه زهورها الى أن يأتي فصل ثمارها، تواتر شيئي يعانق قوانين الطبيعة بفصولها يتجاوز المتوقع والمفكر فيه الخاص بالرغبة والتكييف الأناني المضر بالسيرورة وقوانين الحياة السوية..
وبالتالي اختيار الفنان لا شعوريا لأربعة عشرة قنديلا ليس بغريب عن قانون الطبيعة وعدد القناديل يشير الى ليلة تمام البدر وليس أيضا بغريب عن لا شعور الفنان والذاكرة الثقافية ودور الزمن في بلورة وتطور الأشياء المترابطة ببعضها البعض بعلاقات الفصول الأربعة تباعا، المكونة كلها لدورة حياتية من 12 شهر، من 12 عشرة قنديلا +2 منها، أي بالانتماء والسيرورة 2 منها من أول فصل من فصول دورة سيرورة الحياة المتلاحقة ، وهو ما أشترك فيه مع الدكتور العراقي شاكر لعيبي في كتابته التي خصت هذا الموضوع بقوله مستنتجا : "عن هذا العمل..."... ينحاز مطيبع الى الحياة.
شكرا لصديقي الدكتور خليل قويعة شكرا للفنان منذر مطيبع والشكر موصول لباقي النقاد المشاركين في منشور "أضواء داكنة".
شكرا لصديقي الدكتور خليل قويعة شكرا للفنان منذر مطيبع والشكر موصول لباقي النقاد المشاركين في منشور "أضواء داكنة".
بوكرش محمد 24/09/2014
BOUKERCH MOHAMED
ـــــــــــــــــــــــــ
المراجع: منشورات الكاتب والفنان التشكيلي منذر مطيبع
1- منشور أضواء داكنة 2013(منذر مطيبع)
2- منشور مسامير صدئة " مصامر مصددة" 1996(منذر مطيبع)
3- البحث الفائز بجائزة الشارقة الرابعة "الفنون الاسلامية المعاصرة بين ملامسات الشكل والجوهر". (منذر مطيبع)
تعليقات
إرسال تعليق