رسالةٌ مِنْ.. غَزَّاوِي / يوسف الباز بلغيث

رسالةٌ مِنْ.. غَزَّاوِي


- 1 -
صَديقيَ المِغْوارْ
.. 
مِنْ فوقِنا حِصارْ
مِنْ تَحتِنا حِصارْ
كلُّ الدُّرُوبِ شابَها
على المَدى الغُبارْ.
.. يا رَحْمةً تنزَّلتْ
تَصُدُّ دُونَ حَسْرتِي
شِتاءَنا الجبَّارْ
الرِّيحُ لنْ تهُبَّ
أو تطالَ قمَّةً عَلَتْ
كما الشُّموخُ راقصَ الخُضوعَ بانتِصارْ..!

- 2 -
صَديقيَ المِغْوارْ
.. 
النَّارُ لم تَشَأْ
- كما السَّدِيمُ -
أنْ يشقَّها الدُّوارْ
.. ونحنُ نسألُ البحارَ والسُّهوبَ
والجبالَ والقِفارْ
و لا مُجيبَ لِلصَّدَى
يُشرِّدُ السَّرابَ كالغَمامِ
هِمَّةً تُحدِّدُ المَسارْ..!
و نحنُ بينَ (هَا).. و.. (هَا)
تَضِيعُ خُطوةُ السَّلامِ كالصَّدَى
يتيهُ رَجْعُ حُلمِه بلا مَدَى
كمَا الحَمَامُ وَحْدَهُ
يُجابِهُ التَّيَّارْ..!

- 3 -
صَديقيَ المِغْوارْ


يا فَرْحَتي...! 
الدِّفْءُ عنْ يمينِنا مُسَلَّحٌ
لنْ يعرفَ النَّسيمُ ثغرةً إلَيهْ
لأنَّهُ منذُ القديمِ مَارِدٌ
مُحَنَّطٌ، مُوشَّحٌ
كما الدُّجَى منْ ضِفَّتَيهْ..!
.. مَنْ يسألُ الغوَّاصَ
وسْطَ يمِّ المُظلِماتِ
عَن بهاءِ المُنتَهى..؟!
مَنْ يُرشِدُ المَلاَّحَ
في شواطئِ الخيالِ
لِلمَحَارْ..؟!

- 4 -
صَديقيَ المِغْوارْ

لا تكترثْ بما يُقالُ
عن دَمٍ غدَّارْ
و عن جهالةِ الشُّعوبِ
قبلَ تهليلِ القلقْ..!
فكلُّ ما يُشاعُ عن صلابةِ الجدارْ..
خُرافةٌ، ولنْ يطولَ طَيشُهُ أمامَ صَحْوةِ الألَقْ.
وغزَّةٌ حكايةٌ تقصُّها
على الرَّضيع أمُّهُ
تُهَدهِدُ المَهدَ الذي ساقَ المُنى معَ الأرقْ..
حقيقةً؛ جِباهُهُم
تُضارعُ السَّنا
تناورُ الأنهارَ عزَّةً
بِحُلَّةِ الودَقْ..!
لكنَّهُم بلا جناحٍ
يرتقي إلى ذُرَى المطارْ..
فلا تَلُمْ قصيدةً..
حروفُها مكتوبةٌ بصدرِ فارسٍ هُمامْ
و السَّيفُ مَصْدُوءُ المُنى
على الكمالِ و التَّمامْ
يُضمِّدُ الجُروحَ في الكرَى
و ينزعُ السِّهامْ
مُستسلمٌ، يلمُّ أحلاماً سُدًى
و يرقبُ القِطَارْ!

- 5 -
صَديقيَ المِغْوارْ

الشِّعرُ باتَ صنعةً
يُتقنُها الحديدْ
وألفُ سطرٍ فيه صارَ جيفةً
تأكلُها العبيدْ..!
وموجُهُ الهدَّارُ حَلَّ في
ثنايا دفترٍ، مجرَّدٍ وعيدُهُ
منَ الوعيدْ.
يا سُخْفَ شاعرٍ
هوَى يبيعُ للرَّبيعِ بردةً
وللشِّتاءِ معطفًا
و للخريفِ عفَّةً
مستقبلاً بثوبِ عُرْيِهِ النُّجُومَ والهُمومَ، صيفَهُ
وهْوَ سعيدْ!
مُمْتَطيًا حِمارْ.

- 6 -
صَديقيَ المِغْوارْ

رسالَتي إليكَ شُقَّها نِصْفيْنِ،
دُسَّها بالذَّاكِرَهْ
و إنْ أتاكَ نبأٌ
مِنْ غزَّةَ المُثابرَهْ
فلا تَرُدَّ رُسْلَها
وقلْ لهمْ:
"أنا الذي وَهَبْتُ صَبريَ اليتيمَ حُلْمَهُ، جلالَهُ، رغيفَهُ
لأجلِ نُورِ المَقْبرَهْ!".
إنْ صدَّقُوا..
فدُسَّها، واللهُ حَسْبُ المُشْتَكى
و إنْ...!
فالشَّكُّ يطوي ظنَّهمْ
بأنَّها تنهيدةٌ مُدَبَّرَهْ..!
فلا تَلُمْ، فالميْتُ لا يرجُو الحِوارْ
و ها.. سلاماً يا صديقيَ المغوارْ.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الهدم البنّاء و مفهوم الزائل في الفن المعاصر لمحراب التشكيل / محمد فارس

الصورة في الفن المعاصر بين الإدراك و التأويل / محمد فارس تونس

أعلام الموسيقى والغناء في العالم العربي الشيخ العربي بن صاري (1863-1964) / محمد بن عبد الرحمن بن صالح