محاولة في الفهم .../ ميلود علي خيزار
ميلود علي خيزار
محاولة في الفهم ...
لا افهم كيف لكاتب أو مثقّف "حــــداثيّ" أن "يتورّط" في "خطاب سلطة مستبدّة و غير شرعيّة" (السّلطة السّياسيّة تحديدا)، لا افهم كيف يمكنه أن يـبرّر المسافة التاريخية الواسعة بين "ما يعيه" و "ما يصدر عنه " من "مواقف" كلّما استدعاه التّاريخ إلى "قاعة الامتحان". إلا إذا كان هذا الوعي "مزيّفا". يكفي أن يسقط "احدهم" في حفرة "العنصريّة" ليخرج "تماما" من "بيت الحداثة" و "الإنسانية". يكفيه أن ينسى، في غمرة العمى أنّ الـلائكية ليست "موضة"، كما انّـه لا ينبغي لها أن تكون "دينا"، ثمّة مسافة غير هـيّنة بين " الدّين"( كجواب على سؤال الحقيقة) و بين "التديّن" ( كفهم و تمثّل و ممارسة)، هذا إذا اتفقـنا أنّ " الــلائكيّة" هي بالضّرورة موقف "عقلانيّ و سياسيّ" من "الـدّين".
تُضحكني تلك المواقف المسطّحة التي،"خوفا من " ظاهرة التديّن"، تسقط سريعا في حضن "الاستبداد" و "العنف اللّفظي و الفكري" الذي تمارسه كلّ "السّلفيّات و الظلاميات" في كلّ تمظهراتها الوقحة. تضحكني تلك "اللائكية" المتشبّثة بالشّكل الذي ولدت عليه أثناء مخاض تاريخيّ "معيّن". و يضحكني تحوّل اللائكية إلى "دين" و الأتباع إلى " سدنة في معبد الطائفية".
سأحترمك، أيّها الحداثي، الدّيمقراطي، المتنوّر، ما لم تسقط في "قمامة " العنصريّة و الإلغاء و ما لم تلجا في تفسيرك للظواهر إلى أدوات "السّـلـفـيّة" التي "تتنكّر لها".
و اعلم انّه لا يمكنك أن تكون حُـرّا في مجمع قطعان العبيد، و من السّخف أن تقوم بدور "الرّاعي". و انّه ليس من "الضّروري" أن تـتـبنّى قاموس " الحمّامات" لِتعلن عن "رضاك" أو "غضبك".
لا تعنيك قطعةُ القُماش التي يضعها جسدٌ ما على "قناعاته الخاصّة"، فتلك حريّته، و ربّما هي تعبير"صادق و وفيّ" عن "اختلافه" و عن "موقفه "الإيديولوجي" من "محيطه الاجتماعي و الثّقافي و" (شكل اللّـباس موقف سياسيّ بامتياز)، قيمة الحرية لا تتجزّأ (هذا إن كنت حقّا تعتقد بها). و هذا إن لم تكن "مريضا" حدّ "الهوس" بالمظهر "الخارجيّ"، للأشياء، و لم تكن "الحرية" حِكرا على "شخصك الكريم" و بالمعنى الذي " تريده" و"تحتكره" و يخدم "مصالحك".
الـلائكيّة ليست " نفيا للدّين" بل هي "موقف سياسيّ" من " الـتديّن".
فاللّجوء المجاني إلى أساليب الاستهزاء و السّخرية من "الآخر" و إلى صيغ "الفنطازيا الكلاميّة"، مهما كان مصدرها، هو، بالدّرجة الأولى، إهانة "للمتكلّم" لا إلى "المخاطب" (الكلام مِرآة شخصية المتحدّث). الصيّادُ الفاشل هو فريسةُ حيل الطريدة. الحقل هنا "حقل جدل فكري" لا ميدان حرب "استئصاليّة. فـنفي "المختلف" هو نفي" للذّات" و هذا قمّةٌ "العبث". فالحياة لا تغتني من "المؤتلف" بل من "المختلف" و من "التنوّع" و لا يمكن لهذا التنوّع أن "يستمرّ" و "ينتج" أيّ معنى جديد ما لم يكن أساسه "الحرية".
إنّ الذي لا يستطيع "هدم الفكرة بالعقل" هو الذي يلجا إلى " احتقارها" و هنا "يخرج" من بيت التفكير العقلاني و "الجدل"(الخطاب العاطفي لا يهدم فكرة مؤسّسة عقليا).
على "المثقّف" (إن كان على قيد الوجود) أن يراجع خطابه و أدواته، أن يراجع "خطّته الجداليـّة". أن يخفّـض من الصّوت القبيح للمذياع الذي يسكنه، أن يعطي "لانفعالاتها الظرفيّة" فرصة مراجعة " البنـية التشريحيّة للظاهرة"، أن يستوعبها لا أن تستوعبه.
عليه أن يكفّ عن "ارتكاب "المجازر الإملائية" في حقّ "اللّغة" التي " يتنطّع" و ينطّ كالجندب عليها، إلى المجازر الأخلاقية التي يرتكبها سواه.
تعليقات
إرسال تعليق