و هم الكتابة العطريّة... بأنامل "لوليتا" / ميلود علي خيزار


la photo de profil de Miloud Ali Khaizar  Miloud Ali Khaizar

و هم الكتابة العطريّة... بأنامل "لوليتا" /  ميلود علي خيزار


يعتقد كثير من "المبتدئين الأبديّين" أنّ الشّعر هو ذلك الرّكام القاموسي "اللّطيف" من العبارات مثل: وردة، صباح، نرجس، مطر، ندى، جسد، قبلة، شوق، ثورة، دم، وطن. و انه يكفي أن " تزيّن" هذه الأشياء "مائدةَ الكلام" ليصبح شعرا.
طيّب، لنــترك هذا الكلام الغبيّ جانبا.
أصل النصّ الشّعريّ هو حاصل مجموع "الوحدات اللّغوية" التي تشكّل "الجُمل" أي أنّ الكتابة هنا هي، في عمقها، "تركيب لغويّ"، و لكنّ "أدبــــيّة" النصّ تكمن تحديدا في التركيب أي في بنية النصّ و في "العلاقات" الناشئة و المنتجة "للدلالات" بين هذه الوحدات القاموسية التي فقدت "استقلالها". و صارت " متورّطة" في إنتاج "المعنى".
هذه "الدّلالات" الناشئة لا تكفي وحدها لوصف النصّ بأنّه " فنّ أدبي"، نحن بحاجة إلى شرط آخر و هو مبثوث في الجُمل ذاتها. أي في "بنيتها"، في شكلها، أي أن الجمال ينبـثق من "ديناميكا اللغة" و تحوّلها إلى كلام. أي من "لغة مشتركة" إلى "كلام خاص"، من "نحن" إلى "أنا". إنّ ما يجعلنا نحكم على شيء ما بقيمة الجمال هو ما يظهر عليه و هو بالطبيعة شكله و بنيته. (لكن الجمال ما هو في الحقيقة إلا انعكاس لشعورنا و إحساسنا بالأشياء و تصوّرنا الخاصّ لتمظهرها المهزوز، و هو انعكاس نسبيّ جدا و لكنّه مضرّ "بالصحّة العموميّة" التي تبشّر بها الشعريات " الملتزمة بمعايير النّماذج).
أمّا عن الرّوح الكاتبة فهي هذه ذاتها التي تعكس الجمال بهذه الصّورة "المختلفة" "المبتدعة" في مرآة "الكلام"، هذه الرّوح الأصيلة و العصيّة على "التناسخ" في "جسد" تاريخي مغاير(كحالة اغتراب) ". هذه الرّوح التي تبني "بيت الكلام" من "حجارة عمران منهار" لنصوص غائبة، احتفت، ذات يوم، على طريقتها، بمحاولة تسمية " العالَم": ككيان مجرّد و بريء من تهمة "الكمال".
اللّغة لم تكن يوما بــيتا لائقا بالرّوح المبدعة، ذلك أنّها لم تُخلق لتَسكُن إلى معنى فكيف في مبنى. و ليس ثمّة أكثر "قبحا" من الأرواح "المستنسَخة"، تلك التي لا يهمّها في أي حُجر ستقضي حفلة "الميلاد".

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الهدم البنّاء و مفهوم الزائل في الفن المعاصر لمحراب التشكيل / محمد فارس

الصورة في الفن المعاصر بين الإدراك و التأويل / محمد فارس تونس

أعلام الموسيقى والغناء في العالم العربي الشيخ العربي بن صاري (1863-1964) / محمد بن عبد الرحمن بن صالح