الطّريق إلي المدرسة، لا يمرّ حتما بكلّ هذا العنف الممارس بوقاحة. / ميلود خيزار



الطّريق إلي المدرسة، لا يمرّ حتما بكلّ هذا العنف الممارس بوقاحة / ميلود خيزار

 ميلود خيزار:
يتّفـق كلّ خبراء البيداغوجيا على مبدأ أساسيّ مفاده: أيّ "مشروع تربويّ" يجب أن يكون محلّ "توافق" كلّ القوى الفكرية و السّياسية و الاجتماعية، و إلّا فانّ مآله " الفشل" و تراكم " النّكسات". و لكن، للوصول إلى هذا التّوافق، يجب توفّر عدّة شروط:
- شرط الدّولة المتمتعة باستقلالها و قرارها السّياسي.
- شرط السّلطة الشّرعيّة.
- شرط الدّيمقراطية.
- شرط الإعلام الحرّ.
ذلك أنّ المدرسة هي، في عمقها، "مشروع اجتماعي"، و الغاية الأسمى لأيّ منظومة تربويّة هي " تأهيل الفرد و ترقيته" و " تسهيل الاندماج الاجتماعي".
أزمة "المهضومة" التّربوية الجزائرية تكمن، إضافة إلى غياب الشّروط السّالفة الذّكر، في غياب " نظام تقــييم موضوعي" (حسب الأطوار). ممّا جعلها عُرضة لمغامرات " العصابات الإيديولوجية ".
ما دام هناك نظام "استبداديّ" و خطاب "ديماغوجي" و أزمة "شرعيّة سلطة" و إعلام "رهين" لخارطة الإعلانات، فانّ الحديث عن "أيّ" مشروع تربويّ يُعدّ "ملهاة" و هروبا بأسئلة الحريات و الديمقراطية و المساواة و العدالة، في اتّجاهات "مشبوهة " و غير مُجدية. (و هذا هو سلوك النظام السياسي الجزائري منذ "الاستقلال المشروط" للدّولة الجزائرية).
غلق المؤسسات البيداغوجية لتكوين المعلمين و الأساتذة، كان "جريمة سياسيّة"، "كوارث" التشغيل المباشر للأساتذة و المعلّمين كانت " نتيجته الحتمية" هي هذه الوتيرة المتسارعة لحقيقة "انحطاط" مستوى التعليم و التعلّم على حدّ سواء.
استحواذ "الميليشيات الإيديولوجية " على "ملفّ التربية و التعليم"، ممّا ساهم في تفشّي "وباء الإقصاء المنظم"، تماما كما يحدث في كلّ " الأنظمة المستبدّة".
لجوء السّلطة إلى "خبرات أجنبية" مشبوهة (فرنسية تحديدا)، فاشلة و غير مؤهّلة أخلاقيا و تاريخـيا و سياسيا، عدا كونها هي ذاتها تعاني أزمة " تدهور و تفكّـك لمنظومتها " و باعتراف "خبرائها" أنفسهم.
و بالنّظر الدّقـيق في "حزمة الترتيبات" و "الإجراءات " المصاحبة، نلاحظ مظاهر "التخبّط" و "الاستعجال" و " الهروب إلى الإمام" و المبررات "المضحكة" للأخطاء " المخجلة و " المشبوهة" و إلى الوضعية المَرَضية المزمنة" التي تعاينها هذه المنظومة ، التي ليست سوى التعبير الصّادق و الوحيد عن حالة الإفلاس السّياسي للنّظام الجزائريّ و لمشروع "دولته" التي صارت المصدر الرّئيس و بامتياز، "للعنف الرّمزيّ".
عدم قدرة (و لا نيّة) هذا الّنظام السياسي المستبدّ و الفاسد، على "استيعاب" رسالة المعطيات التاريخية و الحضارية و الثقافيّة التي يجسّدها هذا "التنوّع الثرّ" لمكوّننا الاجتماعي، يجعله خطرا جسيما على وحدة الشعب و على "كيان الدّولة" و على " سيادة قرارها".
لم يكن المشكل اللّغويّ يوما تعبيرا عن أزمة في بنية " اللّـسان" بل عن أزمة في "بنية الإنسان"، إنسان يتعرّض يوميّا إلى كلّ أشكال العنف و الاضطهاد و التّـنكيل بنوعيهم المادّي و الرّمزي. و مع التطوّر الكبير الذي تشهده مناهج و تقنيات و أدوات تعليم اللغات، فانه من "المضحك المبكي" اتّهام لغة ما "، مهما كانت، بالعجز و عدم قدرتها على احتواء "محتوى تاريخي" ما. هذه النّظرة القاصرة (أو المقصّرة) هي أكثر " الخطابات الإيديولوجية عنفا و قبحا"، و هي " مؤشر واضح" على "مكوّنات الجوقة" الإيديولوجية التي تريد " الترويج" لبضاعة لا تساوي سعر " تغليفها".

ميلود خيزار 20/09/2016

تعليقات

  1. موضوعك في الصميم ولكن لاحياة لمن تنادي العصابات دخلت لعبة تحدي المجتمع وهيأت له أدواته...الحقرة والتهميش والغقصاء والخلط والفوضى

    ردحذف

إرسال تعليق

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الهدم البنّاء و مفهوم الزائل في الفن المعاصر لمحراب التشكيل / محمد فارس

الصورة في الفن المعاصر بين الإدراك و التأويل / محمد فارس تونس

أعلام الموسيقى والغناء في العالم العربي الشيخ العربي بن صاري (1863-1964) / محمد بن عبد الرحمن بن صالح