فضائحهم.. وفضائحنا / بشير حمادي





فضائحهم.. وفضائحنا


بشير حمادي

2013/ آفريل. 14 آفريل

فرنسا تعيش على وقع فضيحة سياسية ـ أخلاقية تهز أركان الجمهورية، وتضع السياسيين من نواب ووزراء وحتى رئيس الجمهورية في خانة واحدة، خانة الحرامية.. فآخر سبر لرأي الفرنسيين أظهر أن 77 بالمائة منهم يعتقدون أن ساستهم فاسدين. وعندما تفوق نسبة انعدام الثقة في نزاهة ممثلي الشعب والمكلفين بالسهر على مصالحه، يطرح السؤال عن أي نظام نتحدث؟

الجزائر هي الأخرى تعيش على وقع فضيحة مماثلة، لكنها لم تهز أركان الجمهورية، ولم تضع السياسيين في خانة الحرامية، ولم يجر أي معهد أو وسيلة إعلام سبرا للرأي العام لنعرف نسبة من يعتقدون أن السياسيين عندنا فاسدين وحرامية، والذين فقدوا الثقة في ممثليهم والمكلفين بتسيير شؤون البلد، وهنا كذلك يطرح السؤال عن أي نظام نتحدث؟

فرنسا أدانت وبأقوى العبارات، وعلى لسان رئيسها حتى وهو خارج البلد، حيث كان في زيارة رسمية للمغرب، مافعله وزير ميزانيتها، معتبرة ذلك إساءة بالغة لرئيس الجمهورية وللحكومة وللبرلمان وللشعب الفرنسي، خاصة وأنه كذب على الجميع..

والجزائر التزمت أبلغ أنواع الصمت، لأن الصمت عندنا من ذهب، ولم تر فيما فعله وزير الطاقة إساءة لرئيس الجمهورية، ولا لرئيس الحكومة، ولا لنواب الشعب، ولا للشعب الجزائري، ببساطة لأنه لم ينف مافعل وبالتالي لم يكذب على أحد..

فرنسا تسعى جاهدة بعد فضيحة وزير الميزانية "جيروم كاهوزاك" الذي أخفى امتلاكه حسابا مصرفيا في الخارج إلى استعادة هيبة الدولة والرئاسة بإعلان الرئيس هولاند عن سلسلة اجراءات منها مشروع قانون لفرض معايير أخلقة السياسة بالكشف عن ثروات الساسة من نواب ووزراء، وإعلان الحرب على التجاوزات المالية والجشع والسرية المصرفية، والجنات الضريبية في أوربا والعالم، وإنشاء نيابة عامة مالية من أجل التحرك في قضايا الفساد..

والجزائر تسعى جاهدة بعد فضيحة وزير الطاقة شكيب خليل المشتبه فيه بتلقي رشوة وتهريب أموال وهروبه وراءها إلى التغطية على الفضيحة بتفجير فضائح أخلاقية تتمثل في اختطاف أطفال وقتلهم، وتسخين قضية الخليفة التي كانت مجمدة، وليس هناك أي إجراء ولا مشروع قانون ولا حتى نية لأخلقة الحياة السياسة، ويظل سؤال النصف قرن قائما من يحاسب من؟ ومن لايملك حسابا في الخارج من الطبقة السياسية في البلد فليرمي خليل بحجر..

هذه المقارنة أوالمقاربة لاتعني بالنسبة لي أن فرنسا مثلا جيدا يمكن الإقتداء به، فهي بالنسبة لي مثل سيئ أخلاقيا وسياسيا يجب الإبتعاد عنه ما أمكن، بل إن فساد طبقتنا السياسية خاصة من بعض فساد طبقتهم السياسية ..

أخلاقيا فهي في الدرك الأسفل، فأكثر من نصف سكانها هم ثمرة علاقات جنسية خارج مؤسسة الزواج، وفي مقدمتهم أبناء الرئيس، وهم يشرعون لزواج المثليين، بعد أن تجاوزوا مسألة انجاب الأبناء خارج الزواج الديني والمدني، ويفتخرون بتولي أشباه الرجال ممن يمارسون اللواط تولي شؤونهم السياسية، وقد يأتي يوم نرى فيه رئيسهم يصحب معه زوجته أو خليله من جنسه في زياراته الرسمية مثلما يفعل رئيسهم الآن الذي يصحب خليلته لازوجته..وأتمنى أن تظل أخلاقهم هذه في الضفة الشمالية للمتوسط، وأن يتخلق ساستنا بالأخلاق الإسلامية، حتى وإن كان معظمهم مصابون بالحساسية من دينهم التي تصل إلى درجة الإسلاموفوبيا، وهم يجهلون الفرق بين المسلمين والإسلاميين والإسلامويين.

أما سياسيا فليسوا مثلا يقتدى وليس هناك فصل يمر دون فضيحة، ومعظم ساستهم أدينوا قضائيا حتى الرئيس الأسبق، والسابق في الطريق..
مايحدث عندهم يحدث عندنا، حتى قيل عندما تمطر في باريس يفتح الجزائريون مظلاتهم..
"فالطبقة السياسية عندنا تشبعت بثقافتهم، واستنسخت تجاربهم السيئة قبل الحسنة، حتى‮ ‬اعتقد‮ ‬البعض‮ ‬منها‮ ‬أن‮ ‬الشعب‮ ‬الجزائري‮ ‬هو‮ ‬الشعب‮ ‬الفرنسي‮ ‬نفسه.
ما جرى ويجري عندنا هو من بعض ما جرى عندهم، فنحن نستنسخ فرنسا ليس في ثقافتها، وعاداتها وقوانينها ونظام تعليمها فحسب، ولكننا نستنسخها كذلك في صراعاتها وفي إدارتها لتلك الصراعات وفي حلولها لها".
ولهذا لايجب أن نقلق فهم دولة مؤسسات وقانون، وسيعالجون جروحهم، ويجدون حلولا لفضائحهم ونقاط ضعفهم، ونحن دولة قائمة على شبه مؤسسات ويحكمها شبه قانون، حتى لاأقول شيئا آخر، والعلاج الفرنسي لفضيحتنا سيصلنا بعد عقود، حتى بعد خراب مالطا كما يقولون..
http://el-hakaek.com/index.php/%D9%85%D9%82%D8%A7%D9%84%D8%A7%D8%A7%D8%AA/4712-%D9%81%D8%B6%D8%A7%D8%A6%D8%AD%D9%87%D9%85-%D9%88%D9%81%D8%B6%D8%A7%D8%A6%D8%AD%D9%86%D8%A7.html

تعليقات

  1. الرابط الأصلي للموضوع
    el-hakaek.com/index.php/%D9%85%D9%82%D8%A7%D9%84%D8%A7%D8%A7%D8%AA/4712-%D9%81%D8%B6%D8%A7%D8%A6%D8%AD%D9%87%D9%85-%D9%88%D9%81%D8%B6%D8%A7%D8%A6%D8%AD%D9%86%D8%A7.html

    ردحذف

إرسال تعليق

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الهدم البنّاء و مفهوم الزائل في الفن المعاصر لمحراب التشكيل / محمد فارس

الصورة في الفن المعاصر بين الإدراك و التأويل / محمد فارس تونس

أعلام الموسيقى والغناء في العالم العربي الشيخ العربي بن صاري (1863-1964) / محمد بن عبد الرحمن بن صالح