من هو محمد بوكرش؟ / حاوره حمزة ضيف ليومية المقام
يتحدث الفنان الجزائري محمد بوكرش، في هذا الحوار، عن الكثير مما يشغل باله كفنان يستوحي من الصورة والمنحوتة عالمه الخاص لينقله للغير على صورة ما يتشكّل في ذاته من إبداع، سألناه فأجابنا، لمسنا ذاكرته فكان عطوفا بنا لينقلنا إلى محطات كثيرة من حياته الفنية التي اشتغلت على مدار سنين عدة كي تسطر في تاريخ الفن الجزائري الحديث...شكرا جزيلا لك استاذ على كرمك
حمزة ضيف
1/من هو محمد بوكرش
محمد بوكرش صورة من واقع مزري يتألم لألمه أمثاله ، صفوة جميع الشرائح التي عرفت بأنها خير خلف لخير سلف، لكن شاءت الأقدار بأن تذريها رياح الرداءة والردة...رياح اللوبي المتحكم بالشرعية.. وبغيرها في رقاب الناس بجميع الوسائل المتاحة.. انطلاقا من التكوين بالمنظومة التربوية مرورا بالتعليم العالي الى البطالة...الى هدر الطاقات والتقاعد المبكر... ماذا أمثل برأيكم في هذه المنظومة بغير أن أكون كسن في جهاز دورة لا يراد لها أن تكتمل ...؟
كل ما في الأمر أنه فرض علي قهرا وازدراء بأن أكون عابر سبيل محفوف بالمخاطر، ضمن الكوكبة التي تقاسمني كل شيء..تقاسمني كل ما هو غير مرغوب فيه ولا يتماشى ومعتقد ساسة البلاد ....
وبالتالي الجزائر هي محمد بوكرش وغيره من وحدات القياس والأمثال، والعكس غير صحيح. صورة الجزائر وحالها من حال صورنا ومواقعنا لا غير...
2/الاستاذ بوكرش لك منحوتات كثيرة و لوحات أي من المواضيع يغلب عليها و ما
المواضيع التي تشغل أفكارك ؟
باختصار شديد المواضيع التي عرفت بها أعمالي وأعمال معظم الفنانين (وأعني ما أقول) من تشكيليين وأدباء ومفكرين لا تنفك عن المواضيع التي قامت من أجلها ثورة التحرير المجيدة...مسلحة من أيام مؤسس الدولة الجزائرية أيام الأمير.. الأمير عبد القادر، الى 1962 يوم تغيرت الآليات الاستدمارية من مسلحة الى قمة الخبث باستلامنا من اليد اليمنى باليد اليسرى لتضمن لنفسها حقن الدماء والأرواح وتستعيد قواها ماديا ومعنويا وتنعم بما حققته علميا بعد تجاربها المتنوعة وخاصة النووية منها... لتجني بعد حين ثمار ما زرعته وراءها...كان لها ذلك ونجحت فيه بامتياز من يوم استشهاد الراحل هواري بومدين الى يوم أن جاءت تستعيد أمجادها بحدودنا الجنوبية (مالي) على مرمى حجر من مدخرات خيراتنا خيراتهم الطبيعية...
3/أستاذ بوكرش لقد كانت لك مشاركات عالمية عبر العديد من التظاهرات الفنية في
النحت و خاصة في جنوب افريقيا عام 1995 ماذا يمكن ان تروي لنا عن هذه التجربة
سؤال يضعنا بالفعل أمام أنفسنا يوم تتوفر الفرصة لمعرفة الآخر من خلال أعماله، مثل ما عرف العالم القضية الفلسطينية من خلال ما قام به خيرة أبنائها القلة...رغم التعتيم الاعلامي العالمي مدفوع الأجر..تحت الرعاية الكاملة لأخطر الأجهزة الاعلامية والهيمنة الصهيونية.
رفقة وزير الثقافة سليمان الشيخ حضرنا احتفال عيد ميلاد استلام مونديلا الأول لحكم جنوب افريقيا، وفي نفس الوقت تظاهرة فنية بالمناسبة حضرها كبار فناني العالم.
كان العدد هائلا من العالم برمته، الشيء الذي فرض على المنظمين تخصيص أماكن عدة لهذه المعارض
من بين ما عرض ولفت انتباه الزائرين من سواح ومدعوين، إضافة الى ذلك أبناء جنوب افريقيا الأعمال الفنية الاسرائيلية التي كانت بالفعل تحمل مشروع يهود من نوع خاص من نوع صهيوني بامتياز ..مواضيع لها من قوة الطرح التشكيلي، كان ذلك بالنحت أو المنشآت الذكية ما يكفيها لسلب العقول باستوقافك أمامها بانبهار وإعجاب...ما يعطي انطباعا وقناعة بأن فن الممكن يجعل من الباطل حقا، والدوام يثقب الرخام، كما يقول المثل الشعبي...ما نستنتجه هنا : هو أن اسرائيل قامت على أنقاض فلسطين بمشاريع تساهمية لكل يهودي الحق فيها مع تدعيمه بكل ما يحتاج مشروع مشاركته، دون من ولا شكر... الشيء المفقود تماما في البلدان العربية والاسلامية.
4/على المستوى الوطني نلاحظ قلة المبدعين في مجال النحت في رأيك إلى أي الأسباب يرجع ذلك التراجع و هل هناك جهات معينة ترعى و تهتم بالنحت في
الجزائر؟
بالفعل ملاحظة في محلها (مشكور على ذلك) الكل يعرف أن العمارة مستنسخة برداءة منقطعة النظير.. والسيارات بجميع أنواعها ووظائفها مع كل ما صنع كأدوات نستعين بها في حياتنا، تعد منحوتات وظيفية كلها مستورد من خارج حدودنا
هذا دليل قاطع على أننا بالفعل من آخر قائمة الأميين في عالم الصناعة والأشغال اليدوية البسيطة التي انقرضت هي الأخرى مع رحيل آبائنا وأجدادنا الا ما رحم ربك..
والكل يقول ويعترف: أن هذا من ذاك ولا سبيل لذاك من غير هذا.
كونت المدارس الفنية التشكيلية عددا هائلا من النحاتين و... ومن بينهم بوكرش محمد، لكن ما يخص النحات وغيره من المفكرين والأدباء كخلايا في نسيج وطن، لا يهم وليس من احتياجات وأولويات أصحاب التعاقب على المسؤوليات والعهدات المتتالية...مع الأسف الشديد.
5/أذكر يوما أنك تحديت محترفي اللغة أدباء و شعراء في المعنى الحقيقي لكلمة
النحت و أنتهز هذه الفرصة لمعرفة ما المفهوم الحقيقي لكلمة نحات؟
كلمة نحات مشتقة من مفهوم النحو وهي الوجهات الصحيحة والصحية التي تؤدي في النهاية الى بيت القصيد ،ونأخذ على سبيل المثال كلمة التنحية أو التنحي كان ذلك بالفعل الطبيعي أو بالفعل المقصود، نقف محتفظين بما تبقى ونراه بسهولة تمريره دون عائق بمجاز يتسع وقابل لذلك. والمثل لذلك ما نراه في الاقالات أو الاستقالة في يومنا هذا لتمرير سياسات... سد السواقي الفرعية أو بترها واحدا واحدا لتمرير الماء نحو الحقول حسب الاحتياج...لذا نقول أن النحات هو الفنان الحقيقي الذي يحسن الاتصال والتواصل مع الآخرين بما يفيد الكل، قد تكون المنحوتة قصيدة ، رواية، شريط مصور معزوفة موسيقية، اختراع الى أن نصل الى المفهوم المسطح لما عرفت به المنحوتة من صخر، رخام، برونز.... وعليه فالنحات مفكر وعامل موجه بنحوية ذكية وأساليب تقنية مختلفة عالية القابلية بأقل ما يمكن من العوائق بالبيان والتبيين، والتسمية مجازا، ليست حكرا لأحد بالتحديد كما يشاع...
6/أي الحضارات تروقك من الناحية الجمالية و الإبداعية..؟؟
الحضارة الاسلامية طبعا، المتشبعة بجميل كل الحضارات
7/الأستاذ بوكرش ..نعرف أن النحت يحاكي الواقع و يقرأ الماضي فهل يقرأ المستقبل ..و هل هو عبارة عن رسالة يمررها الفنان لأزمنة مقبلة.؟
النحت بالمفهوم الذي ذكرنا يؤسس للمستقبل ولا يقرأه لأن المستقبل له معطياته التي تفرض نفسها أحببنا أم كرهنا، علينا فقط وجود الحلول للحفاظ على البقاء والاستمرارية في الوجود بأقل معاناة...
8/ماذا تمثل لك: الجزائر ؟؟
قال الشاعر في أغنية لفريد الأطرش: قدام عينيا وبعيد عليا.
9/كيف تقيم وضعية الحركة النقدية في الجزائر؟ وهل تساهم في تشجيع المبدع الجزائري؟
وضعية النقد بالجزائر وضعية بائسة جدا لأن الذي يدعي نفسه من النخبة يرفض ذلك ولا يتقبله بسهولة وانعكس غيابه سلبا على الابداع وبالتالي أصبح القارئ البسيط أو المتلقي لا يفرق بين الغث والسمين....
10/الاستاذ بوكرش أعرف أنها قد لانت لك الصخور و المعادن و تشكلها كما تشاء..ما الشئ الذي لم يلن لك لحد الان..؟
من لا يلين لقدرات بوكرش هي ظلال العيدان العوج... هم من يتسابق حاليا للحس أحذية من أساؤوا للجزائر وهم تقريبا من كل الفيئات وخاصة بعض الأقلام...
11/بما تذكرك ولاية الجلفة ؟ هل اعطتك حقك.. وهل اعطيتها حقها ؟؟
الجلفة هي جزء من الجزائر لا غير، كانت عاصمة لملتقى الآداب والفنون اختفت وزالت بزواله...
12/بصراحة من الشخصية التي تريد تجسيدها وطنيا وعالميا ؟؟
دون من ولا شكر هو الذي حقن دماءنا وسدد مديونيتنا رغم السلبيات التي طغت على الايجابيات
.
13/ رجل العام بنيويورك عام 2004.مذا تمثل لك هذه الشهادة ؟؟
شهادة تحصل عليها الكثير من أمثالي في العالم،لكن السؤال : هل أمثل شيئا في الجزائر؟
14/ تطلق على اعمالك اسماء هل لنا ان نعرف كيف تنتقيها ؟؟
هي مجرد خواطر هذه الأسماء تفرض نفسها بنفسها حسب الظرف والمعطيات.
15/ما الشيء الذي تريد تغيره في الجزائر ؟؟
لست مؤهلا لهذا في غياب الحضور والنباهة وكل ما يمليه الضمير الجماعي...
15/ما هي مشاريعك القادمة ؟؟
مشاريعي مشاريع مرفوضة تماما لتكون جزء من مشاريع أهل الحل والربط.
تعليقات
إرسال تعليق