مساهمة الطرق الصوفية في تأسيس المدارس الفنية الجزائرية / كهينة بودوح

الباحث سعيد جاب الخير لموقع « إسلاميون نت » : صراع الجزائر والمغرب حول التجانية سياسي ودعم التصوف مرتبط ببقاء بوتفليقة في السلطة

سعيد جاب الخير باحث

مساهمة الطرق الصوفية في تأسيس المدارس الفنية الجزائرية



موفدة المسار العربي إلى ميلة كهينة بودوح


تحدث سعيد جاب الخير الصحفي والباحث في التصوف، في مداخلته التي نشطها أول أمس على هامش فعاليات تظاهرة المهرجان الوطني للعيساوة الذي تحتضن فعالياته ولاية ميلة منذ الثالث عشر جوان الجاري عن مساهمة الطرق الصوفية في تأسيس المدارس الفنية الجزائرية، حيث قال جاب الخير أنها تعرضت لاضطهاد كبير ومشاكل كادت تطمس هذه الثقافة العريقة لولا الجهود وحرص بعض الشيوخ على المحافظة عليها وتطويرها ، أبرزهم الشيخ أحمد بسطنجي، المنتمي للطريقة الحنصالية والذي جعل زاوية حنصالة معهدا للموسيقى وتعلم التراث الصوفي في مدح الرسل والصحابة. و في سياق متصل كشف جاب الخير عن دور الطرق الصوفية في تأسيس فن الغناء ، استنادا لما جمعه في أبحاثه حول هذا الفن الروحاني العريق، أن الصوفية قامت بحركة مقاومة هادئة سلاحها الكلمة واللحن والآلة التي استعملت لردع محاولات الاستعمار الهادفة لمحو الثقافة الجزائرية ومن بينها الفن الروحاني الصوفي، حيث قام جيل الشباب آنذاك وشيوخ هذه الثقافة بإحداث تطوير فيها تمثل في إدخال بعض الآلات الجديدة، فأصبح المدح يؤدى في شكل جوق نال اهتمام الشباب باعتباره نوع جديد .
وعرج في حديثه إلى أنواع الطرق الصوفية المتمثلة في الحضرة والهبرية العادولية التي تختلف في أمور طفيفة تتمثل في الورد كالبدء بالتهليل أو التسبيح أو التكبير. إضافة لفن العيساوى والحنصلية بقسنطينة الذي أدخل عليه فن المالوف والنوبة في القرن العشرين لتأخذ القصائد الصوفية شكلا سماعيا بإدخال الطار، الدربوكة، العود، والكمان الذي أضيف مؤخرا، كما أفاد أن الفن القناوي أصله صوفي نابع من الحضرة وهي طريقة "سيدي بلال"، والأهاليل "أهل الليل" كفن صوفي ينتمي لمنطقة تميمون بولاية أدرار والذي صنف كتراث عالمي من طرف منظمة "اليونسكو" مرجعا الأسباب الحقيقية لظهور الترميز في الطريقة الصوفية، إلى التوتر التاريخي بين أهل السياسة والصوفية، وفيما يخص محاربة المنهج السلفي للتصوف، وأكد جاب الخير في حديثه أنه أمر طبيعي لأن السلطة تاريخا تنطلق من منطق الفقيه الذي يتحالف دائما مع السلطة على عكس الصوفية، ويضيف سعيد جاب الخير أن الصوفية معارضة لخطاب واتجاهات السلطة·
و أضاف المتحدث في سياق متصل أن المجتمع الجزائري لا يزال بعيدا عن المستوى المطلوب للنقاش في التصوف، مرجعا ذلك إلى أن الخطاب الصوفي تعليم موجه إلى شرائح أوسع داخل المجتمع، وفي الوقت ذاته أن التصوف، كما يشير الباحث، علم لا يملك الوسائل المادية لتحقيق الفعالية المطلوبة داخل المجتمع·
مؤكدا على أن الدور الاساسي للتصوف يعمل على نشر ثقافة التسامح ولغة الحوار، خاصة وأن المجتمعات العربية تعيش حالة تصاعد العنف· للإشارة، الباحث له إصدار واحد تحت عنوان ''التصوف والإبداع'' صدر عن دار المحروسة بمصر
وأوضح جاب الخير ان الطرق الصوفية في الجزائر لا تزال بعيدة عن امتلاك وسائل ضمان بقائها وتحريك خطابها، وتصويره ونشره بالمستوى الذي يقتضيه واقع العصر وأدواته، وعليه يمكن القول أن الصوفية ببلادنا تعاني من أكبر مشكلة تتجسد في تشتتها من خلال عدم وجود طرق تنظيمية مقارنة بدول المشرق، وهذا الواقع يجعل منها تتعرض للقمع من عدة أطراف داخلية كانت أو خارجية، هو الأمر الذي لا يخدم مصلحتها، إلى جانب ذلك، فالصوفية لم تصل بعد إلى تكفل حقيقي بنفسها من الناحية المادية، مما جعلها عرضة للتوظيف والإحتواء·
مؤكدا على ضرورة استرجاع الطرق الصوفية وكل ما أخد منها من أوقاف بعد الإستقلال، كما يجب أن تسير بطريقة علمية وعقلانية حتى تضمن لنفسها الإستقلالية الإقتصادية، موضحا استقلال قرارها على جميع الأصعدة، كما أنها مطالبة بتعميم حركتها رسميا بمؤسسات التنشئة الاجتماعية
وقال أن التيار السلفي حارب التصوف في الجزائر على طريقة العلامة الكبير عبد الحميد ابن باديس، وهذا أمر طبيعي، لأن السلطة، تاريخيا، تنطلق من منطق الفقيه الذي يتحالف، دائما، مع السلطة على عكس الطريقة الصوفية التي عارضت خطاب السياسة ،بالنسبة للعلامة الراحل عبد الحميد ابن باديس لم يكن ضد التصوف، وإنما ضد تجاوزات بعض الطرق، ودليل عن ذلك تدعيمه للطريقة الرحمانية موضحا أن جمعية العلماء المسلمين أخطأت في ممارسة الزوايا مؤكدا أنها حاربت الطريقة العلوية رغم انها كانت طريقة إصلاحية وتملك جرائد وفرق كشفية ومطبعة علوية قائمة الى غاية اليوم ·
وقال المحاضر بان طرق الصوفية قادت المقاومات الشعبية بما فيها مقاومة الأمير عبد القادر بعد احتلال فرنسا للجزائر ، الامر الذي أدى بالمستعمر إلى اختراق بعض هذه الطرق من أجل تحويل ولائها، وفي هذا السياق، نجحت فرنسا في اختلاق واصطناع بعض الشخصيات الصوفية المزيفة بهدف تشويه صورة التصوف الطرقي وصرف الجزائريين عن الالتفاف حولها، مؤكدا علىى أن كل ظاهرة لها علاقة بالحراك الاجتماعي، سواء كانت في الداخل أو الخارج· كما أن الطريقة لا يمكن أن تنجو من محاولة الاختراق، وهذا أمر يحدث لكثير من الهيئات والتنظيمات·
واقترح سعيد جاب الخير في ختام مداخلته مقاومة المسخ الثقافي ومقاومة ضياع القيم الساسية والدينية والثقافية و الاجتماعية مؤكدا على ضرورة اعادة فتح الزوايا العيساوية باعتبار أن معظمها قد أغلقت أبوابها لأسباب مختلفة وإعادة ارتباط السماع العيساوي بالطريقة العيساوية وكذا العمل على توثيق التراث العيساوي على مستوى النصوص و الأداء العيساوي بشكل علمي وكذا الحث على الحفاظ على أصل التراث من خلال توثيقه حتى لا يخرج عن محتواه وضرورة إنشاء معهد للطلبة خاص بالطريقة العيساوية وأشار في مداخلته إلى منبع الطرق الصوفية التي تنحدر من الطرق الشاذولية ودعا إلى ضرورة الرجوع لمنابع الصوفية لما تحمله من تعاليم دينية وتهذيب للنفس 
عن المسار العربي
15-06-2012

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الهدم البنّاء و مفهوم الزائل في الفن المعاصر لمحراب التشكيل / محمد فارس

الصورة في الفن المعاصر بين الإدراك و التأويل / محمد فارس تونس

أعلام الموسيقى والغناء في العالم العربي الشيخ العربي بن صاري (1863-1964) / محمد بن عبد الرحمن بن صالح