قميصٌ لعراء الرصيف ! و ثكالى الكلمات / شعر : علي مولود الطالبي



 شعر : علي مولود الطالبي

قميصٌ لعراء الرصيف !
***
يحملُ بين يديهِ وجعَ الأرصفة
وصمت الزّمان ...
هو سيدُ الأرصفةِ المتعبة من وقعِ الأقدام
قد إحترقتْ ضفتيه !
أيُ ليلٍ سيحمله خلفَ هذا الخراب ؟
أيُ فجرٍ يمسكُ الرّوحَ الجائعة ... تحميهِ من الدّمعةِ الحارقة
كلُ الأحلام غابتْ .....
وكلُ الطُرقِ تعبرُ جهةً واحدةً للجوعِ !
أيها العابر للحرمانِ
أيُ غيمةٍ تختفي وراءها وكلُ الوجوهِ أوجعتكَ ...
تناجي قطعة الخبزِ البعيدة
وبقايا حلم مبلّل بالدّمعِ
سفيرُ الألمِ أنتَ
لا  نجوماً تضيء الجسدَ المنهكْ ،
ولا حريراً يغطي الأقدام الجليد
سفيرُ الموتِ أنتَ
تهذي ... تتألم ... تحاكي البرد
تحاكي الجوع وهم نائمون تائهون عنكَ في الضباب
أنتَ وحدُكَ والدّرب صعب / مرّ
أنتَ وحدُكَ والضمير إبتعد .....
أنتَ وحدكَ والرّصيف رفيقكَ الأوفى
أنتَ وحدُكَ والبكاء في روحكَ يعلو ...!
شعر : علي مولود الطالبي



ثكالى الكلمات
***
سألتهُ صحفيةٌ مبتسمة ...
مَن تكون ؟
أجابها دون أن ينظر في عينيها :
أنا ...
أشدُّ جنوناً مِن فكرةِ العشقِ في الليلةِ التي أنجبتنا !
وأوّثقُّ صلةً من صراعِنا لأجلِ البقاء على حافةِ العيش !
وأنّقى براءةً من طفلٍ يبكي خوف موت أُمّه !
وأخلصُّ مِن طفلة تستقبلُ أباها بكلِّ فرحتها بعد عودتهِ من العمل !
وأحرصُّ من حبيبةٍ تعملُ قهوةَ حبيبها وتعتني بمقدار سُكّرها !
وأوّفى من شخصٍ تبرعتُ لهُ بكِليتي لكي يحيا !
وأحوّجُّ من عاهرةٍ تحس برغبةِ العودة إلى بكارتِها !
وأصدّقُّ مِن قصيدةِ شاعرٍ كتبها مفارقاً !
وأوّجعُّ من خيانةِ صديقٍ في ظهر الوفاء !
وأشّهى من أُمٍ تنتقي لطفلها ملابسه !
وأخيّبُّ مِن واقع العرب اليوم ... !
وأقوّى حسرةً منك وأنت تقرأ كلماتي ويعتصّرُ قلبُك على واقعنا
ويحادثُك صمتُك أّنّ اليدَ الواحدةُ لا تصفق
وأنّ الحالَ صعبُ التغيّر
وأنّ النفوسَ أكثرُ تغيّراً وأكبرُ خراباً
وأنّ المصالحَ باتتْ هي سيد الموقف
وأنّ الشهوةَ لأجسادِ النساء صارتْ غاية أولى
وأنّ القتلَ صار أبسطَ من فكرةِ نفاذ رصيد جوالك !
وأنّك تلومني أكتبُ هذا الكلام وأزيدُك حزناً
وأنّشرُ قصائدَ فيها هموم البشر ولا أحدَ يهّتمُ بها لأنّهم شبعوا هموماً وأنا أتسعُ وجعاً
وأنّ غداً بلا ريبٍ هو أسوء مِن أمسٍ
وأنّ العيد هذا مدمياً أكثر من سابقه
وأنّ عددَ الثكالى تعذّر حصره في الأرقام
ويختم إجابتهُ للصحفيةِ التي صمتت دهشةً قائلا :

وأنا  أكثرُ خيبةً مِن هذه الكلمات التي نكتبُها ونحنُ متأكدون أنّها لا تغيّر شيئاً من الواقع .....
لأنهُ بين المحيط والخليج وبين العرب والغرب يتيمٌ لا يعرف أيّن رحل أبوه ... وطفلة تُنجَب سهواً !
علي مولود الطالبي

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الهدم البنّاء و مفهوم الزائل في الفن المعاصر لمحراب التشكيل / محمد فارس

أعلام الموسيقى والغناء في العالم العربي الشيخ العربي بن صاري (1863-1964) / محمد بن عبد الرحمن بن صالح

آعـظـم 100 كتاب فـي تـاريخ الـبشريـة ... (جميعها جاهزة للتحميل)