تراتيل ايقاعية في تقنية فضيلة معيرش لكتابة قصصها القصيرة / بوكرش محمد
تراتيل ايقاعية في تقنية فضيلة معيرش لكتابة
قصصها القصيرة / بوكرش محمد
من عشرين سطر الى ثلاثين، يكون موضوع الكاتبة
القاصة الأستاذة فضيلة معيرش، وهو نسبيا أقصى حد لتكوين منتهى المرامي نصا حسا ومعنا. بلغة بالغة البساطة في تراكيبها
جميلة المبنى قوية الايهام ايقاعيا ممراتها
مساحات وأحجام تتسع بنسب متفاوتة مقصودة تتحكم
بها الكاتبة في نظرنا المتواضع في كمية امتصاص وتوزيع أنفاس المتلي أثناء انفعاله تحت
تأثير ونفوذ سياط مفاهيم افادة جملها المتلاحقة بتلاحق الوقفات التهييئية النفسية لابتلاع
وتحمل ما أقوى وأشد وقعا من مرامي سابقتها بغية بلوغ ذروة العقدة..
لا مثيل في نظرنا لمثل هذه النوعية من
الكتابة أو النصوص وبالأحرى، لا مثيل لبنيتها
وتركيباتها الا اذا عاشرنا التشكيليين واكتسبنا ذلك منهم أو كنا
نحسن الكتابة والرسم معا ونستعمل منهما ما نراه يخدم المعنى ويؤدي الرسالة، لا نحس
بها ولا نراها ونستوعبها ما لم نحتك بالفنانين التشكيليين وننظر في طرقهم
التشكيلية لبناء لوحة رمزية تعبيرية أو تكعيبية.. تقنيه برع فيها المؤلفون
الموسيقيون أكثر من غيرهم من الكتاب والرسامين التشكيليين
فضيلة معيريش فنانة تشكيلية بالحرف والمعنى
بدل اللون وحركة الخط بدل نوعية النوتة
الموسيقية والرويحات.. كان ذلك عكس أو في صلب ما يبنيه المتلقي صورا وأحاسيس تحت
تأثير النص ، قد تختلف وصور خيال الكاتب الا أن التجربة المختلفة لكليهما تبقى هي
الواقع بنقاط التقاطع وعوامل المعرفة
المشتركة أو هي الواقع واحتياجات المتلقي المفترض لدى الكاتب أو احتياجات الكاتب
المفترض تكوينها لدى المتلقي.
سعدت بهذا لأول مرة أن كاتبة شابة جزائرية
مختلفىة توفر فيها ما قاله كتاب الشعر الحديث الأروبي : أن الفنان التشكيلي علمنا
كيف نصنع تكوينا، علمنا كيف نرى وبالأحرى علمنا كيف نكتب.
بوكرش محمد تيبازة 26/7/2014
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المراجع:
1/2
قصة قصيرة : جنة عاشق
لم تتحمس أمه لخطبتها …سكنها
مع أمها بمفردهما طيلة عشرين سنة كان ضمن أعذارها التحق عبد الكريم بصفوف الجيش ، خبر
سحر الاحتراق ومتعة الحنين في منابت النبض الانفرادي ، نثر رسائله تباعا في تربة وفائه
وعبقها ببذور اشتياقه ، أصبحت إجازته المقتضبة عند رحمة وأمها . وجده اكتسي حشرجات
الإدمان العصي ، قلق أمه حملها للعرافات ، لسعتها حقيقة أن لا شفاء له من رحمة . في
محراب ضعفه وإظعان أمه حملت هداياه…: زينب ماتزال جميلة تنهدت بوجعها : هاهو ابنها
عبد الكريم يدخلها جحر العقرب مرة أخرى كما تعودت تسميتها ، زوجها الذي لايخفي تسلطها
الذكوري ، لايفوت مناسبة إلا وتغني بمفاتن زينب علنا . وهو القائل : ” وحدهم الرجال
قادرون على الحلم في معاقل الألم “. استلفت كل مايلزمها وما لايلزم ليكون عرس ابنتها
الوحيدة فاخرا. رفع عبد الكريم ستار اللقاء المنتظر ، لامس أنفاس الجمال البكر تسللت
رحمة بين تفاصيل نبضه الذي يتقاطر هياما…وهبها من كنوز الغنج ثلاثة أعوام ، وهبته من
وسائد الهناء الوثيرة ثلاث بنات توائم ، قالت وهي تتأمله : إني أباهي بك عبد الكريم
رجلا عاشقا مثلك ينقل عدواه حيثما كانت ويجبرها أن تضاهيه عشقا. رد مبتهجا : سأهاتفك
حين أصل الثكنة ، نقل فضاء رؤيته في البهو البيت نظراته هذه المرة لم تخبرها من قبل
: سأبهرك المرة القادمة سأغير لك أثاث البيت . مرت أسابيع أحاديثه الهاتفية تقل كل
مرة عن سابقتها ، نقلت نشرات الأخبار الرسمية أن الأوضاع على الحدود مربكة ، في صباح
اليوم الموالي ذكر اسمه ضمن ضحايا شرفاء الوطن.
2/2
قصة قصيرة : هجيرة
ترجلت كآبته بين جسور حزنه
، وقد ثمل من كؤوس يتمه طويلا ...استفاق رضوان من وجعه كطائر هيضه الندم ...قضمت زوجته
هجيرة أصابعها تندما ..آمال في ربيعها الثالث أضحت حورية الفراق ، كانت تلهو بين ضحكات
أوجاعه ، تكسرت آهاته على صخر شوقه المفجوع ، وأدرك أنه امتطى جواد يتمه مرة أخرى
...تنهد فوق تلال فقره ، عمله البسيط حمل أمانيه بين كفى عزاء القدر ، شوقه لطفلته
المتوفاة ينخر تلافيف فؤاده ، وعلى ضفاف صبحه المتعب فرك عينيه ولم يفق . قبلات طفله رمزي تبلل ظمأ قلبه ...همس : آمال
...آمال : أنا رمزي بابا ...جاء صوت هجيرة باذخ الوهن : رمزي صورة مطابقة لك ...رمقها
بعينه وقد أخذته ذكريات حميمية : آمال أبحرت بشاطئ الموت كفراشة ملائكية ...وكأن الله
خلقها للحظات .ارتفع صوت هجيرة : قدر الله وما شاء فعل ..تعتقد أنني تركتها تأكل حلويات
العيد...خرج دون النظر إليها . ناداه البقال
: رضوان استدعاء من المحكمة لك ...أدرك أن زوجته الأولى تريد الرجوع بأطفالها ، أمها
التي كانت تعيلها ماتت.تقاسمت الضرتان الغرفتين والمطبخ مشترك ،تمزق صمته بين نزف حنينه برقت عيناه ذات ليلة بزخات دمعها توالت الأشهر
...كانت طلباتهما لاتنتهى.ا ستفاق من حلمه ذات ليلة والعرق يتصبب منه ...في الصباح
توجه لزوجة أخيه حليمة ، حكى لها منامه كما تعود: البارحة جاءتني آمال كانت كحورية
الحكايات وأخذتني معها....: أنت تهذي مجرد حلم رضوان . ركب شاحنته وسلك دروب الصحراء
وتخيل أنه يسير على امتداد طريق الحنين ...كان سراب آمال يلوح ويختفي أمامه وحبات الرمل
التي بشاحنته تغمره ببراعم الشوق. رن هاتف بيته ...رفعت هجيرة السماعة: معك الدرك السيدة
نصري رضوان نأسف زوجك وقع له حادث على مشارف صحراء بوسعادة ...مات بمفرده . وعندما
حملوه بكفنه لبيته كان الهدوء يلف تقاسيم وجهه بنفحات من ماء الخلود.
القاصة الجزائرية : فضيلة
معيرش
تعليقات
إرسال تعليق