كرت معايدة هذا العيدُ جميلٌ جدًا .../ ولدكم علي مولود الطالبي



كرت معايدة 
هذا العيدُ جميلٌ جدًا ...

 ولدكم علي مولود الطالبي


أكثرُ ممّا يتصورهُ الجميع وأشّدُ فرحًا من كل الأماني المستعجلة! ...
فهو عيد بكامل قيافته الدموية، بكلِّ الملامح التي رسمها تجار الحروب، بكافة أدوات الموت التي أخترعها المجرمون، بجميع لقطات العذاب التي فكروا باقتنائها من جثث الأبرياء! ...
في هذا العيد لن أسمح لنفسي أن أباركَ للأطفال على فقدان لعبهم، لكن وبكل دموعي سوف أشاركهم حسرات المقابر وصفوف التراب التي تكحّل القبور، سوف أكون أكثر حرقة من أم كفّنتْ وليدها بالقبلات وأشد حزنًا من أب ضاع ابنه بين كفيه وأشفق من حبيبة دفنت عشيقها ...
لأجل ذلك : قطفتُ أبياتًا من خربشاتي في هذا العام المحزن المشبع بالوجع المتخم بالألم المتزاحم بالجراح ...!

لليتامى آه تقول : 

اليُتْمُ يعتصرُ المدى ويناجي
فيحسُّ حتى اللهُ بالإحراجِ
.....
للأمهات دمعة تبوح : 

هي أمي يا لها من أمّةٍ !
يُحجَب النور وليست تحجَبُ
.....
للآباء عبرة تختنق : 

أبي حقول نهارات وقد رمشت
وطفاء تسكنها أجراس أعنابِ
.....
للشهداء جنائز تلبّي : 

دعْ بابَ أشواقنا يُفتَح لتابوتكم
هذا الحنين تحدى القبرَ كي يخلعــكْ
.....
للجائعين بطون تلوك : 

وهل يا بحرُ تنسى قامتي ، غرقتْ
 وحزنْ بيْ على الشهداء ما غرِقا
على الجوعى على الفقراء في وطنٍ
يُكافىء كلَّ مَن غطّى ومَن سَرَقا
.....
للوطن طقس يصلّي :

وكم اناديكَ شوقاً لاهثاً وطني
أنا أحبكَ حتى قبل ميلادكْ
***
نشأتُ أنا وفي التأريخ شكٌّ
فزال الشكُّ إذْ ولِدَ العراقي
***
توسد فُراتيَ إني عِراقٌ
وهل مِثلُ جُرفي هُنا يُنجبُ
***
وتغزلني في دجلةٍ أو ضفافها 
فساتين من عطرٍ فكم أشتهي لمحكْ
.....
للمنفيين حنين ثاقب : 

ودخنتني مثل جوع المنافيَ
وكنتُ
السجارة ...
حيث دموعي تدلّت لومضكْ
.....
للأطفال صوت يتمتم : 

كـأنـي هـنـا مـلـيـونَ طـفـلٍ أعْـيـنُـهـم
وأبـقـى بـقـاء الـدهـر فـيـهـم أعـيـلُ
.....
للسلام شعر الأرض والسماء : 

ظمئتَ وفي الكفين نبعٌ مضمَّخٌ
بأقدس ما يرجوه حُرٌّ ، أُعلِّمُكْ :
تمسكْ بأذيال السلام حبيبةً
وسوف ترى الأزمانَ تهتفُ : خادمُكْ
***
وعلمتَني حب النهار وخلقَه
متى ضاع إنسانٌ ليُلثَم حتفُهُ
***
كنْ صادقَ النفس تكن آيةً
للناس لا فظاً ولا مضجِرا
***
دروسُ الحياة ختام الجمال
وفيها يبشِّر للآن درسُكْ
.....
للمحرومين حروف عطشى : 

فحرماناً طويتُ العمرَ يا شعبي
ونفياً والمنافي تصقلُ الوَجَعا
.....
للحبيبة نبض لا يكفه شعر : 

صورتان : بحرٌ وشمسٌ أمامي
في المُحيّا سبحان من سوّاكِ
***
أنتِ ...
 أيا أثمرُ من عمري شجرْ
أنتِ ...
 يا أحلى وداعٍ 
وسفرْ
***
كل النساء دمىً في وجهِكِ الرَّحبِ 
يا طلةَ الحسنِ في ذا المرفأ العَجَبِ 
يا نفحةً من خلودٍ لو سرتْ بدمي ، 
بردًا وسلمـًا أرى في لجة اللهَبِ 
.....
للعيد تحية باسمها : 

أوقفي ساعةَ هذا الحقل فالأيامُ عيدْ
أوقفي وقتَ الندامى
تلكَ كأسٌ كغزال بانتظاري
وأنا ما اصطدتُ يوماً كي أصيدْ !
غير أني عارف أنكِ جنبي
ولذا يكفي ضيا عينيكِ عوناً ويزيدْ
*****
وللختام تلويح : 

أولئك كلُّهم قد ألهموا قلمي
وقبل يراعتي دمعي الذي نزفا

وهكذا يبكي قلمي كما ثكالى الحروف على آهات الوحدة ومشانق الحرمان، راجيًا لاهثًا منحنيًا متوسلًا عيده القادم أن يكونَ أكثر رحمة بهذه البشرية المنكوبة، عيد تقيّ نقيّ كقلوبكم، وكل لحظة ونحن نتوسل السلام يسود.

 ولدكم علي مولود الطالبي

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الهدم البنّاء و مفهوم الزائل في الفن المعاصر لمحراب التشكيل / محمد فارس

الصورة في الفن المعاصر بين الإدراك و التأويل / محمد فارس تونس

أعلام الموسيقى والغناء في العالم العربي الشيخ العربي بن صاري (1863-1964) / محمد بن عبد الرحمن بن صالح