الشعر الجزائري المعاصر..الحوارية والصوت المتفرد / بووشمة معاشو


معاشو بووشمة محمد البوخاري

بووشمة معاشو

الشعر الجزائري المعاصر..الحوارية والصوت المتفرد

لفت انتباهي اثناء القراءات الشعرية ضمن فعاليات ربيع الونشريس الأدبي في طبعته الثانية بولاية تسمسيلت الحوارية (حوارية النصوص الادبية) وذلك حين قرا الشاعر عبد الكريم قذيفة نصا كان قد رد به على نص لعبد القادر مكارية حيث كان رد مكارية اصلا ردا على نص لعبد الكريم قذيفة في قصيدة المجنون...وفي وقت سابق اي ليلة ذلك اليوم كنا تناقشنا عبد الكريم قذيفة الشاعر والدكتور الشاعر الاخضر بركة والفنان محمد بوكرش بحضور الشاعر العائد محمد رفعة وناقشنا فكرة الحوارية وثقافة الاعتراف بالاخر (الشاعر والمبدع)ومشاكل الازاحة والالغاء وثقافة النشر ثم التعاون او بما يمكن ان اسميه الحوارية التي تفتح على التعاون والدعم والاعمال المشتركة من لقاءات وفعاليات وتواصل دون الغاء وازاحة.
ورغم اني حضرت وقد كنت اعددت نفسي للتدخل بكلمة ضمن الفعاليات لو توفرت الفرصة لعرض تجربة الحوارية ونضج الفعل الشعري والمنجز فقبل يوم واحد من سفري الى تسمسيلت كنت قرات ردا للشاعر الاخضر بركة(سيدي بلعباس) على نص للشاعر عبد القادر رابحي(سعيدة) باحتفاء وسبق لي ان قرات قبلها ردودا لكليهما على نصوص لكليهما ايضا فاعجبني ذلك الاحتفاء المتبادل الملفوف بالثقة والدعم والغبطة الصادقة فكلاهما مثقف وشاعر وهو ما اوحى بما ساقول(وقد تركته الكثير منه لتجاوز الفرصة له).
وفي كلمتي كنت ساعرض لتجربة كل منهما ولو اني الاقرب الى الشاعر الاخضر بركة لاقول ان الكتابة الشعرية كما اراها دون ان اسمي هذا نقدا( وليس حتى نقدا ثقافيا الذي اشتغل عليه) حوارية مأثثة بكل انواع التواصل والتبادل ومنفتحة على كل الافاق وتاسيس لصوت متفرد لا يقبع تحت اي ظل يتجاوز قمعية التصنيف ولا يحتاج لسلالم التسلق،واشتغال طويل يتزود بمختلف الثقافات وينفتح على كل التوجهات والافكار يعتصر منها بقدر معلوم.
فالتجربة الشعرية تجاوز للجامد وانفلات من التقليدي او المعيارية والاحكام الراسخة المتصلة بالذوق.
-والتجربة الشعرية خوض غمار معجم موضوعاتي يتجدد وغير مطروق حفرا وتنقيبا فيه وحوله فلو تتبعنا مثلا اعمال الشاعر الاخضر بركة لرايناه ينتقل من اول مجموعة الى اخر نص(الاطفال) لاكتشفنا انه يغامر كل مرة بموضوع او تيمة لم يشتغل عليها الكثير من الشعراء ،وارى ان ذلك ينبعث او يتأتى من رؤية للابداع تحاول كسر الرؤية القديمة وهي تمحور الشعر حول الذات( الغزليات-مثلا).
- وتاتي ثانيا من انفتاح على الابداع كابداع (باعتباره مشروعا شخصيا والثقافة مشروعا جماعيا)ومن استقلالية اتجاه المتلقي يعني لا يكتب تحت الطلب او (مايطلبه المستمعون )-حسب التعبير التلفزيوني- ولا يكتب من اجل منبر ولا خضوعا لانساق ثقافية مؤسسية( اقصد حين تكون المؤسسة هي من يصبغ التعريف والمعاني على المواضيع والاشياء منها تعاريف الشعر والنشر والتصنيف(اعذروني هنا امارس نقدا ثقافيا يتعلق بنقد الميديا او وسائل الاتصال باعتبارها اكواد فعل وتاثير ليس بوصفها وسائل ذلك موضوع اخر).
وينبع في جانب اخر من تحرر من نسقية العمود والرؤية التراثية دون تجاوزها او التعالي عليها .نفس الكلام اراه ينطبق على بعض ما قرات من نصوص عبد القادر رابحي.وارى ان اختم هذري الذي لم يعد منه بد بقول الاخضر بركة(وكنت انوي ان اباغتهما ببعض هذا الكلام وما هو ابلغ واكثر منه) قلت الاخضر بركة حين يعلق على نص لعبد القادر رابحي ((( نص يتحرر فيه الشعر من القصيدة، ليتنفس بعمق، لا يراوغ، إذ يبدو أنّه يراوغ معنى ما، بل يجيء مثل صباح الأشياء، وكانّه صباح أوّلٌ. لا يشتغل عبد القادر رابحي على النص، ولا على الشكل، ولا حتّى على الفكره، بقدر ما بشتغل على لغة بكيفية تحوّله إلى مصيدة طبيعية لكلّ امكانات المعاني واحتمالات المخيال. ما يعجبني في هذه الكتابة، هو ليس مفاجاءات الهذيان، بقدر ما هو النحت الخفيّ للهذيان يشبه الرمال المتحركة تحت قدمي وعي القارء، ما أروع المتاه الشعري ها هنا، وما أحوجه أن يقرأ بحاسة الشعري لا بمشرط النقد المدرسي. أجمل الشعر ما قد ورّط القارئ في شهيّة الكلام ......))))
بووشمة معاشو ذات تسمسيلت19 مارس2014

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الهدم البنّاء و مفهوم الزائل في الفن المعاصر لمحراب التشكيل / محمد فارس

الصورة في الفن المعاصر بين الإدراك و التأويل / محمد فارس تونس

أعلام الموسيقى والغناء في العالم العربي الشيخ العربي بن صاري (1863-1964) / محمد بن عبد الرحمن بن صالح