رسالة أدبية تباشسرالفتح / يوسف الباز بلغيث

الشاعر الكبير يوسف الباز بلغيث

رسالة أدبية : تباشيرُ الفتح

رسالة إلى الصّديق الدّكتور " إبراهيم بن داود "

دكتور إبراهيم ؛

لا يخفى على قامتك الشّامخة أنّ الإبداعَ الحُرَّ تتنازعُه دوافعُ و تطلّعاتٌ خلاّقةٌ تشرئبُّ للنّور ، بينما يُقَوِّضُ زفراتِها – و هي في لُجَّة هذا الصّراع – سوءُ الحظّ لتفتيق المبتغى من جهةٍ ، و شُحُّ البيئةِ و ضيقُها – التي تحتاج إلى مَنْ يُنفّسَ عنها – و نحن نأملُ أنْ تحتضنَ هواجسَنا بسعةٍ من جهةٍ ثانية.و إذّاك إنني آملُ أنْ أكونَ مُجابَ التّأمُّلِ فيما أرجوه ؛ بينما أقفُ أمام بهاءِ و سماقةِ شخْصكَ بالذي أثقلَ طموحاتي ؛ فإني أراهُ خفيفَ الظّلِّ عليكَ ، و ليسَ ثمّةَ من سعادةٍ سوى بقايا حُلُمٍ يراوحُ مكانَه على مضضٍ..لكنّك ستتساءلُ عمّا يسوقُ هذه الهواجسَ المتعبةَ من سَوْطِ تفكيرنا؛و إذّاك أجدُ الأدبَ رئةً ثالثةً لي ، و ما أحمله له من أنفاسٍ تئنُّ بين زفراتٍ و شهَقاتٍ ؛ لأجِدَني مُضيفًا إليه بعضَ ما يوَشّحُ و يجمّلُ ثوبَه بما أطرّزهُ له من حُبٍّ ..فعلى الأقلّ إنْ لم يتحقّق ما أرجو و آملُ ..سيكونُ ما استأمنتُ - مِن آمالَ بمستودعٍ أكثرَ أمْنًا- حافظًا حقَّ المستجدي و قيمةَ الأمانةِ !..و لم يكن اليراعُ ليَستجديَ عطفًا أو نصرةً من إبائِكَ الكريمِ ، مالم يكن المولى الحقّ ُالباثَّ في عبادِه مَلَكَةَ العَوْنِ و رغبةَ الاستجداءِ ..و كلتاهما رحمة ٌ تُقاسُ بها مروءةُ الأَبيِّ و أنفة ُ الحليمِ ، و يشتدّ بها عُودُ المتفضِّل و يقوى بها عظمُ المتفضَّل عليه !

دكتور إبراهيم ؛

بيرينُ..تنتظر منّا الكثيرَ حتى تقول للعالم :" إنّني بخير " و ها أنتَ تفتحُ العالمَ حيالَ عينيْها بما وسَّعَ الله لك من إمكانيّاتٍ و بما أفاض عليكَ من علمٍ ..و لا بُدَّ من أنْ نوسّعَ في آفاقها مادامتْ تملكُ ميزةَ الانفتاحِ على العالم – كما كانت سنواتِ عِزِّها التّليدة – و خاصّيّةَ قبولِ الوافدِ الجميل إليها..و أنتَ أدرى بهذا.و قد سافرتَ إلى العالم الآخر –خارجَها- لتنظرَ فيها من خلاله؛ و قد أيقنتَ بصدقِ ما أقولُ لكَ و أنتَ تحدّثني عن بيرينَ هناك و قد توَشَّحَتْ بزوايا مختلفة ! و قد رأيتَني في وجوهٍ عديدةٍ بتركيا و السّعودية و الأردن، و كأنما القَدَرُ قد طار بيَ على جناح الأدبِ ، فوجدَتني طيفًا يلوحُ هنا أو هناك..! ولن يكون الأمرُ أسوأَ ممـّا فاتَ من قلقٍ و معاناةٍ ، لأنَّ العالمَ الصّغيرَ و الكبيرَ لا تمايزَ بينهما تحت رايةِ شاشةٍ واحدةٍ ..و بيرينُ – حتمًا – ستقولُ – كعادتها – لكافّةِ الفصول :" أنا خضراءُ بفيضِ أبنائي البرَرَةِ و "إبراهيم بن داود " أوّلهم ".

كنْ بخير ..و على خير.. و إلى خير.. يا دكتور.

أخوك / يوسف

الجزائر العاصمة / جوان 2011

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الهدم البنّاء و مفهوم الزائل في الفن المعاصر لمحراب التشكيل / محمد فارس

الصورة في الفن المعاصر بين الإدراك و التأويل / محمد فارس تونس

أعلام الموسيقى والغناء في العالم العربي الشيخ العربي بن صاري (1863-1964) / محمد بن عبد الرحمن بن صالح