وردة الرمل.. بين الثروة والثورة / كريم سعيدي


وردة الرمل.. بين الثروة والثورة على مدى 50 سنة من حكم العسكر وسيطرتهم على السياسة في الجزائر

قامت محاولات عديدة للتغير كانت كلها فاشلة ولم تحقق شيء بل ربما زادت في تمكن لغة السلاح وتحكمها في لغتي المال والعقل مما صنع أزمة حقيقيه بين طبقات المجتمع। واعتقد أن الأزمة في الجزائر ازمة تقسيم ثروة لا تفجير ثورة والغالبية الغالبة تريد اعادة تقسيم للمكاسب _قسما الجزء الثاني _ لكن بدون أن تبذل أي جهد فعلي ...في سبيل ذألك بينما تسعى الطبقة المستفيدة من القسمة الاولى الى ابقاء الوضع على ما هو عليه॥ ولعل الدعاية التي نراها اليوم في كل وسائل الإعلام الجزائرية وفي المواقع الاجتماعية وغيرها من الأصعدة هي إحدى طرق تثبيت الوضع وتهدئته وهي ليست نتيجة جهل بالشارع وقطيعة معه بل دليل دراية وخبرة حقيقية به , دراية الصانع المكون لما صنعه فهذ المجتمع هو صنيعة النظام بوجوهه المتعددة , فكانت هذه الدعاية ضربة استباقية تهويليه تصور الثورات العربية كأنها الموت القادم الى الشرق مما صنع طبقة خائفة من الغد مساندة للنظام ,ثم بتصوير الثورة في الجزائر على انها واقع قريب وحتمي تحول الكثيرون ممن كانوا يتغنون بالعنتريات ويستمتعون بإلقاء المواعظ والدروس عن الوطنية والتضحية و الثورات و غيرها _وهم ببيجامات نومهم خلف الشاشات_ عن مواقفهم بعد ان ادركوا ان الامر لم يعد مجرد مزايدات كلامية ,وكعادة أي جزائري أصيل " قلبوا الفيستا " وبدلو تبديلا॥


كما ان النظام اسس لسياسة متينة مبنية على تعويم الفساد وتعميمه فاصبحنا نرى الفساد يبدا من اصغر حارس في القطاع العام وادنى تاجر يبيع على ناصية الطريق صعودا الى اعلى الوزارات وكبار المستوردين طبعا بمستويات متفاوتة لكن في المجمل الغالبية "كلات" بنفس المستويات المتفاوتة كل حسب مكانه كما إن النظام صنع عبر الزمن شريحة لا باس بها من المستفيدين وذوي الحقوق وكل هؤلاء سيُكونون طابورا خامسا ضد قيام الثورة وضد الثورة ان قامت ॥ وفي الاخير الضربة الاقوى لفكرة الثورة هي ان يجعل النظام سعيد سعدي وعلي بلحاج يتبرموا لها ويكونوا في الواجهة وهما من هما في اذهان العامة والخاصة ولن يتبعهما الناس حتى لو جاءوهم بالآية الكبرى واخرج سعدي يده بيضاء من غير سوء والقى بالحاج عصاه حية تسعى.. وبهذا يطلق النظام علي الثورة رصاصة الرحمة الأخيرة... وأما ما نشهده أحيانا من احتجاجات فردية أو جماعية (وضيف عمومي- كتاب – طالبي سكن) هي مجرد مطالب شخصية ذاتية ضيقة لا تطمح لان تكون ثورة بقدر ما تطمح في نصيب إضافي من الثروة وقد لا ننكر أنها مطالب مشروعة لكنها مغرقة في الذاتية .. ولأننا نهوى الانتصارات الشكلية السطحية السخيفة سنطلب المجد في الكرة فان خذلنا اللاعبون سنقوم بغزوات وهمية وثورات و ثورات مضادة في خيالنا الخصب وسنتشدق كثيرا بالرد على الجزيرة ومساندة البطل المجاهد ملك ملوك افريقيا والممانع الصامد الصلد اسد العروبة لنبقى في خيالنا - الهارب من إحباطنا وفشلنا حكومة وشعبا في ان نحقق مجدا حقيقيا طوال 50 سنة مما سمي بالاستقلال - ابطالا وفرسانا وبلدنا قبلة للثوار.. وستبقى الجزائر وردة رمل مدفونة تحت كثبان الجشع ربما لم يحن الوقت بعد لا خراجها فنحن نحفر فقط عن النفط والزيت والغاز ولا نحفر عن الحرية والجمال ووردة الرمل لن تتفتح في ربيع العرب... كريم سعيدي 14/09/2011..















تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الهدم البنّاء و مفهوم الزائل في الفن المعاصر لمحراب التشكيل / محمد فارس

الصورة في الفن المعاصر بين الإدراك و التأويل / محمد فارس تونس

أعلام الموسيقى والغناء في العالم العربي الشيخ العربي بن صاري (1863-1964) / محمد بن عبد الرحمن بن صالح