ألفن التجريدى وقبوله على المستوى الفكرى والفنى / بقلم ثريا عامر
ألفن التجريدى وقبوله على المستوى الفكرى والفنى
بقلم ثريا عامر
الأعمال المعروضة من تجريد آلاء نجم
أصدقائى ,, تحياتى , نبذه قصيره عن معنى التجريد لعلها تفتح الباب أمامنا لمفهوم يتقبله البعض , والاختلاف لا يفسد بيننا صداقه أبدا ,,
التجريد وحرية التعبير في الفن التشكيلي
ظهرت عبر التجارب و السنوات الماضية وحتى هذه اللحظة دراسات واراء متباينة بشأن الفن التجريدي، فمن الباحثين من أعطى رأياً بشأن هذا الفن معتقداً بأنه اسلوب يعني به الهروب من الواقعية التي كان لها روادها و ساحاتها الفنية الواسعة ومن يدافع عنها.
لذا جوبهت التجريدية في بداية الامر وعدت اسلوبا متميزا يؤكد على حرية الشكل تخلصاً من القيود التقليدية،ومنهم من عد الفن التجريدي يرجع أصوله و نشوءه الى اعمال و افكار الفنانين الانطباعيين المتأخرين، وتطورعلى أيدي رواده ذائعي الصيت، ومن الباحثين من يرى أن الفن التجريدي قريب الصلة بالبنائية أو النحت التجريدي ،ويرى(أدرين هيث) مؤلف كتاب الفن التجريدي (اصله ومعناه) من خلال تسليطه الضوء على اعمال كثير من الفنانين البارزين الكبار أمثال(بول سيزان، ووكازيمير ماليفيتش و بين موندريان وجين هليون وهانز آرب وروبرت دلواتي. وفرانك كيوبكا وبن نيكلسون وبول غوغان وفاسلي كاندنسكي والبرتومانيلي) ولقد قام بدراسة نشأة الاسلوب التجريدي لديهم، فعلى سبيل المثال يحاول بيث موندريان تبديد الاشكال التصويرية(التشبيهية في اللوحة،واعتماد اشكال ابداعية (خلقية)لاطبيعية).
وهنا يعني الاسلوب التجريدي هو التجرد التام ،عن الموضوع الاصلي(شكلاً ومضموناً) وبالاحرى هو لا ينطوي على موضوع أصلاً.
ويرى الدكتور عز الدين اسماعيل في كتابه (الفن و الانسان) ان الخوف الميتافيزيقي عند تلك الشعوب، يجعل الفنان فيها يتجاوز، أو يحاول أن يتجاوز حدود الطبيعة و الواقع المادي سعياً وراء ذلك اللامتناهي، المطلق، الابدي.
والواقع ان في الفن التجريدي الصرف امكانيات للتعبير عن الانفعالات الباطنية العميقة اكثر في الفن ذي الموضوع ،فهو قادر رغم عدم ارتباطه بشيء موضوعي على اثارة المشاعر و الوجدان بطريقة اكثر صفاء و اكبر مباشرة ويبدو ان هناك فهماً سطحياً لأهمية الفن التجريدي وهكذا لايوجد ادراك عام لخواصه، وتبدو مظاهر الفن الحديث الاخرى بالتأكيد اكثر أثارة.
ولا يأتي الادراك بالفن التجريدي بالصورة المباشرة، اي الولوج بهذا الفن قصدياً للهروب من الاساليب الفنية التي ظهرت عبر السنين وكان لها اصداؤها و اساليبها المتميزة من دون ان تكون للفنان القدرة و الثقافة و الوضوح و الامكانية الفنية و امتلاك الحس الفني و التكتيك و الخبرة، بذلك يستطيع الولوج بهذا الاسلوب بعيداً عن تقول كثير من الباحثين و النقاد،معتقدين بارائهم بأنه اسلوب يعني الهروب عن الواقعية (الاساس) و الولوج بالفن التجريدي، القصد منه الابتعاد و الهروب لعدم وجود الامكانيات والقدرات الذاتية و الفنية لدى بعضهم.
لذلك فأن مطامح الفن التجريدي يكون شكلاً من اشكال الفن تقلصت على نحو خطير و قد يثار رد فعل عنيف عندما ينفق الناس أموالهم لاقتناء اللوحات التجريدية.
وفي الحقيقة يعد بعض الفنانين و النقاد و جامعو اللوحات والخبراء بأن الفن التجريدي مسألة شخصية تماماً، وخالياً من أيه دلالات اجتماعية ولعل براهين(وورنكر) قد بسطت حديثاً بشكل اكبر من قبل(تي ثي هولم) الذي ساهم في هذه الفكرة، انهما يشجعان المرء على تشويش اهداف الفنان التجريدي المعاصر، بالبحث عن القيم المطلقة التي يبحث عنها الانسان البدائي و الشعوب المتحضرة في مصر القديمة وبيزنطة.
ان الرغبة في تأسيس قيم مستقلة للشكل بعيداً عن الموضوع هي بالتأكيد شيء شائع بالنسبة لبعض الفنانين، ولكنها تكون غير مؤكدة، اذا ما كانت هذه الرغبة ممزوجة بالخوف عند الفنان الحديث.
ان احساس الانفصال عن الطبيعة الخارجية هو رغبة في انفصال المرء عن بيئة تلك التي نسبها(هو لم) الى اولئك الفنانين الذين تميل اعمالهم نحو(التجريد الهندسي) وفي حالة الانسان البدائي ما يكون الشعور بالانفصال ممزوجاً بمخاوف طبيعة الاخطار المتنوعة التي يمكن ان يصادفها في حياته غير المستقرة. وكذلك خوفه الطبيعي الدائم من عالم السحر، وهذا مانراه في رسوم الانسان البدائي الموجودة في الكهوف التي تتناول مواضيعها نوعا من الصراع والتفريغ النفسي لمعاناته، وكانت تظهر على اشكال متنوعه توضح هذا الصراع.
وفي الحضارتين المصرية و البيزنطية، ينبع شعور الانفصال هذا من نفور الحاجات المادية والاشباعية من القيم الروحية وفي كلا الحالتين فان هذه الرغبة هي النقيض الدقيق لعلاقة وحدة الوجود المؤاتية بين الانسان و العالم الخارجي الموجود في الفن الطبيعي.
وقد اشار السيد (هربرت ريد) في موجز أخر لهذه النظرية ان رواد الفن التجريدي الحديث ينتمون كلهم الى الاجناس ذات الخوف الميتافيزيقي (الروس، الالمان، والهولنديون) وقد يستنتج المرء بتشاؤم ان الفن التجريدي انه محض زخرفة. اوانه عمل لاشخاص أختاروا الانسحاب الى داخل ذواتهم بعيداً عن صخب العالم مفضلين ذلك على عكس (تصوير) مظهره الخارجي التقليدي من دون الخوض في تفاصيلة الدقيقة.
وقد يكون من الصعب تماماً نكران ان هذا الفن يتمتع بأوسع الجماهير وان اعماله الرائعة اعمق دلالة من كل المظاهر الحديثة-للواقعية الاشتراكية في روسيا اوفي المانيا النازية.
ومع ذلك يحدث التشابه بين الفن التجريدي و الزخرفة التزينية التي نجدها لدى سكان(غينيا الجديدة) و الرمزية عند سكان استراليا الاصليين التي تبدو مبهمة في بيئتنا الحالية على الرغم من انه لا شك في علاقة الفن التجريدي مع(جوان ميرو)أو (ماتا) واللذين تناولا الزخرفة التزيينية في اعمالهم.وهناك تياران رئيسان للفن التجريدي او لاموضوعي ،مطابقان لانقسام فن القرن التاسع عشر الى الكلاسيكي و الرومانتيكي و الفن التجريدي الكلاسيكي او (الهندسي)، كما يسمى عادة وينحدر عن طريق التكعيبيين مثل (سيزان) والاسلوب ذو التعبير المباشر اوالموضوعي وينحدر من (غوغان) والوحشيين وفان كوخ وهذه التقسيمات حادة وواضحة لأن كلا من الوحشيين والتكعيبيين مدينين لفضل (سيزان) على حد سواء.
وعند تسليط الضوء على اعمال (بول سيزان) فنرى بأفكارة الحديثة استطاع التخلص من التأثيرات العابرة للطبيعة وكانت خطواته و الوانه متصله ببعضها البعض على قماش اللوحة عندما أصبح اكثر تحسساً للعلاقة التبادلية بينهما.
ان احساسه بهذه العلاقة غالباً ما قادة الى الابتعاد عن المظاهر التي تقدمها قواعد المنظور الخطي و الخيالي وهذا نراه في لوحته(أشجار قرب الماء).
ولقد أتخذ الفنان (ماليفدش) نفس طريقة المعالجة وبدرجة اكبر مدركاً ان اسلوب (ليجر)في توزيع تلك الاشكال المبسطة التي ظهرت في لوحة ( الخياطة عام 1910) اكثر من اعتمادها على وظيفتها التصويرية، ولقد اعطى لنفسه حرية اكبر في العمل ولازالت الوجوه و السطوح تشكل في اللوحة بطريقة التضاد(الجلاد والقتامة) منفصلة كقطع الدرع المحطمة و محافظة على حركتها باتصال ضعيف مع اشكالها.لقد تم التخلي عن زاوية النظر الواحدة ،وحتى عن التعاقب المنطقي للزمن، وللون الاثر الواضح و الممتع في اللوحة التشكيلية بالرغم من أولئك الفنانين انهم قد أدركوا اللون من خلال وظائفه التصويرية و الشكلية احياناً الا ان رسم أول لوحة (لاموضوعية) بكل معنى الكلمة يعود الى الفنان الروسي (فايسلي كاندنسكي) وفي الثلاثين من عمره تخلى كاندنسكي عن مهنته الواعدة كعالم أجتماع ليدرس الفن في مدينة (ميونخ) وقد كان شغوفاً بالالوان منذ صغره ودأب على تصوير المشاعر التي تنتابه بصور مفعمة بالحيوية وبواسطة الالوان.
وقد وجد كاندنسكي نفسه منجذباً الى لوحة(كلود مونيه) المسماة(اكوام القش) تلك اللوحة التي اثارته وأسرته، ومرة وجد نفسه عاجزاً عن مطابقة اللوحات بدون الاستعانة بدليل.
فعند كاندنسكي يحس المرء احساساً مستقلاً ورائعاً بتناسق الالوان المنجز باللمسات الحقيقية لفرشاة الرسم، تلك اللمسات المتجمعة يشكل مساحة معتمة مقابل مساحة مضيئة .
وتظهر اعماله عظمة الشرق فالالوان السخية ومن الخط الدقيق والمعقد، والتناوب بين الضبابية والتحديد الدقيق كلها من مميزات الفن الشرقي ، وربما هذه الميزة الغريبة المبهمة هي التي جعلت هذه للوحات غير مستساغة على نحو غريب . ولكن بالنسبة لتلك اللوحات القريبة من اللوحات الاصلية تبقى قوتها الجوهرية ويبقى جمالها مقبولا .
فكان للفن التجريدي الاثر الواضح في جميع بقاع الارض، فأخذت التأثيرية الواضحة والمتجلية في اعمال كبار الفنانين والهواة في اسيا وافريقيا واستراليا واوروبا واميركا .
فاصبح بذلك هذا الاسلوب معنى من المعاني المهمة التي لها محبوها ومعجبوها وكان للمتلقي الاثر الواضح في الاستمتاع في اللوحة التشكيلية والاحساس في اشكالها وتكويناتها المتصارعة والمتعانقة مع اللون في اللوحة وأخذت هذه الاهمية في الاقتناء والتفهم والمناقشة والمداولة والنقد والدراسة.
وهنا نرى للفنانين العراقيين الاثر الواضح في بلورة واستلهام مفردات هذا الفن ووضعه في بودقة وخصوصية عراقية نابعة من الارث الحضاري والانساني فظهرت اللوحة التشكيلية العراقية ذات الاسلوب التجريدي منفردة عن التجارب العالمية والعربية من خلال التنوع والثراء والامكانيات الابداعية ذات الموروث الحضاري العميق
نذرت نذر على نفسي
لو مابقي غير الرمل لارسم عليه
وان مسحه الريح ارجع وارسم
مهما حدث ساظل صديقة القلم ثريا عامر
تعليقات
إرسال تعليق