الجاحظية..بين راهن باهت وآت أراه.. / بشير ضيف الله
.الجاحظية..بين راهن باهت وآت أراه../ بشير ضيف الله
لم يكن رحيل "عمي الطاهر" حدثا صادما للمشهد الأدبي الجزائري والعربي فحسب،بل كان حدثا له تداعياته على المنجز الثقافي الجزائري برمته،فقد ترك فراغا رهيبا افتقدت فيه الساحة مجموعة من المقومات الثقافية والأدبية ارتبطت كثيرا بتواجده..غير أن الخاسر الأكبر – حسب رأيي- في رحيل "عمي الطاهر" كان وكره الثقافي "الجاحظية" التي انفردت بتجربة خاصة حركت الفعل الثقافي الجزائري و أثثت مشهديته بفعل رؤى وتقاليد أصبحت راسخة ومتعارف عليها سرعان ما اهتزت بفعل الموت الذي أخذ عزيزا علينا في لحظة غفوة.
الجاحظية ..وتداعيات الراهن:
لاشك أن الفراغ الذي مرت به، أحدث ردة أفعال عديدة مع بروز حركات تدعو على ضرورة التفكير الجدي في مرحلة ما بعد "الطاهر وطار" تجلى في صراعٍ نصفه خفي ونصفه الآخر ظاهر بين جهتين أو أكثر كل طرف يرى فيها أنه الأجدر بإعادة "الجاحظية " إلى سابق عهدها – بقطع النظر عن النوايا- وهو ما أضفى على النشاطات التي كانت تقام كل أسبوع جوا رتيبا يعود فيها السبب الأكبر –في نظري على الأقل – إلى غياب الأب الروحي بالدرجة الأولى ، وعدم امتلاك الطاقم الماسك بزمامها لآليات التنشيط الثقافي – أقصد الخبرة طبعا- الذي يضفي حراكا و تواصلا في الدرجة الثانية وهو ما يعني أن فترة الفراغ بدأت تطول أكثر .
التبيين ..الشمعة الباقية:
رغم أن رصيد "الجاحظية" ماديا كان خاويا – على حسب ما توفر لدي من معلومات- إلا أن مجلة "التبيين" حافظت على تواجدها بانتظام بفضل جهود من آمنوا باستمراريتها،وبقيت بذلك شاهدا على حقيقة هذا الوكر ورسوخه في الفعل الثقافي الجزائري وهو ما يدعو إلى التفاؤل.
الجاحظية التي..أرى:
يعكف الفريق الإداري المسير لهذا الوكر الثقافي على الإعداد لمؤتمر أواخر شهر جوان –فيما أعلم- باتخاذ كافة الإجراءات القانونية والإدارية التي تتطلبها هذه الخطوة ،وعليه فإنني أعتقد – كعضو مجلس وطني سابقا- أنه لا يستقيم للجاحظية عود إلا بمجموعة من النقاط أوجزها فيما يلي:
- أن يأخذ بزمامها قامة أدبية وطنية و أكاديمية تحقق هدفين أساسين أولهما المعرفة بالمشهد الثقافي وعناصره المكونة له على اعتبار أن "الجاحظية" محج للغالبية العظمى من المبدعين والمثقفين والفنانين..وثانيهما القدرة على الارتقاء بمجلة "التبيين" نحو الأفضل دائما من الإخراج ومن حيث الإعداد ..إضافة إلى إحياء مجلة "القصيدة" وجائزة "مفدي زكريا العربية للشعر، ومشروع النشر المشترك...
- أن يكون أعضاء المكتب من الشخصيات الفاعلة والمؤثرة ،وليس شرطا أن تكون قامات أدبية بالضرورة،فالمطلوب قدرات عملية بإمكانها دعم "الجاحظية" ماديا ومعنويا ، شخصيات لها صيتها وقدرتها على المرور بها نحو بر الأمان، بمعنى أنها تستطيع أن تضمن دعما وتواجدا لها ،على نحو ما كان يوم به "عمي الطاهر رحمه الله" الذي استثمر علاقاته لصالح "الجاحظية" لا غير.
- أن يتحول هذا الوكر إلى مؤسسة ثقافية متكاملة لها طاقمها الإداري الخاص – وإلحاقه بوزارة الثقافة إن أمكن حتى نضمن استمرارية الفعل- ومن ثمة بعث فكرة إنشاء فروع و مكاتب على المستوى الوطني ، لتحقيق رسالتها الثقافية الهادفة.
مختصر القول:
إن "الجاحظية" مكسب ثقافي لا يعني طرفا دون آخر،بل هي إرث مشترك حملنا إياه الراحل "الطاهر وطار"،وهي الآن في مفترق الطرق،فإما أن تكون، و إما أن يتلاشى مجهود مرحلة بأكملها ويتأكد بؤس الثقافة في هذا البلد...فلنمض معا لتفعيل هذا الإرث
تعليقات
إرسال تعليق