الشاعر الأكثر من رائع محمد الأمين سعيدي ليس كغيره... / تكعيبية يكتبها بوكرش محمد


الشاعر الأكثر من رائع محمد الأمين سعيدي ليس كغيره... / تكعيبية يكتبها بوكرش محمد



من المبدعين الكتاب القلائل الموهوبين بامتلاك اللغة وناصبة المعنى.تستسلم لهم أعناق الحروف ليا وأحيانا طواعية..بحسن الصنع يحسن المبدع محمد الأمين سعيدي الرمي وتعانقه المرامي..رسام وموسيقي ولأذنه من الرهف والحس مازاد في تهذيب ثقافته ومعارفه..يدرك تماما ردود فعل من هم تحت نفوذ خطه ويعزف على أوتارها واثقا من ايقاعه راقصا على بياض وعذرية أوراقه...اذ يقول: ...ما علينا...
أنا لا أريد الحكمة، ولا شجرة الكون، ولا مقاما زكيا يليقُ بالأسياد، أريد أنْ أعين نفسي على التوقف عن سرقة تفاح الحيرة، حتى لا أرى في عينيَّ رجلا يشبهني، ويهربُ مني، ولكي لا أتهم بالانفصام، لا أريد أنْ أراني في عينيَّ كأني آخر غيري، ولا أريد مطلقا أنْ أرى آخرين غريبين كأنهم أنا. أريد أنْ أتوب يا مجلس الإفتاء الأعلى، من سرقة الحيرة، ومن حيرة العيون.(محمد الأمين سعيدي، من نص:أطلُّ عليَّ من أسفل الوهم.)

انتظروا ديوانه الشعري الجديد ماء لهذا القلق الرملي
بوكرش محمد تيبازة الجزائر / محراب التشكيل
21/8/2011


ــــــــــــ

«ماءٌ لهذا القلقِ الرمليِّ».. معجم الروح الصحراوي

«ماءٌ لهذا القلقِ الرمليِّ»، هو الديوان الثالث للشاعر الجزائري محمد الأمين السعيدي بعد «ضجيج في الجسد المنسي» والأول «أنا يا أنتَ»، صدر مؤخرًا عن دار فيسيرا بالعاصمة الجزائر، ويظهرُ رسميا مع معرض الكتاب الدولي في شهر سبتمبر. يتكون من 112 صفحة، ويشتملُ على 21 قصيدة تراوحتْ بين التفعيلة، وبين المزج بين الأشكال الشعرية جميعا بحثا عن آفاقٍ موسيقية تتولّد من التعدد، ويظهر فيها حوار الأشكال الشعرية في تماهيها ومساهمتها في أنْ تكون لبوسا للمعنى وجوهرا له في الآن نفسه.

إنَّ ما يرتكزُ عليه هذا الديوانُ هو الاشتغال على رمزية العلاقة الأبدية بين الماء والرمل، أيْ بين سلاسة الماء وشفافيته وتعبيره عن الفطري والأصلي والسابق للقالب والشكل، وبين الرمل باعتباره رمز الترابيِّ أيْ الملبس الذي يحمل باطن الإنسانِ وروحه، وبما يرمز إليه من قساوة وعطش وانتصارٍ للظلمة والمعادن والشوائب. وبما يوحي إليه من معاني أرضيتنا التي انتمينا إليها ذات قبضة مباركة قديمة من أديم الأرض.

هذا المنطلق جعل القاموس الصحراوي يظهر في القصائد وفي عناوينها التي نذكر منها: سراب، أول المفازة، ترنيمة للعطش الجنوبي، آخر الحداء، احتمالاتُ الماء، أول الاحتراق أو: مقام الرؤيا، عودة الماء، آخر العطش في فلوات الكلام، مقام الاستواء...إلخ.

ومن رمزية العلاقة بين الماء والرمل، انبثقتْ موضوعات القصائد متناولة ثنائيات عديدة تعتبر جوهرا في الإنسان ومن صلب اهتماماته الوجودية وتساؤلاته، مثل ثنائية الروح والجسد، الحياة والموت، الحضور والغياب، الذات والأنثى، أسئلة الكتابة....الخ مع الاتكَّاء قليلا على الرؤيا الصوفية في بعض النصوص، ومحاولة النظر إلى الأشياء باعتبارها متعددا، وباعتبار ما تحمله من احتمالاتٍ تتجاوزُ النظرة اليقينية والأجوبة المترهلة التي تملأ العالم.

«ماء لهذا القلق الرمليّ» هو ديوان الصحراء بامتياز؛ بما تحمله في أعماقها من صدق وصمود، وبما تتكبَّدُه من عطش وصبر. وهو بهذا صوتُ الإنسانِ المنصتِ بحساسية شديدة إلى ما حوله، وصوتُ الشعر ممتزجا بالحكاية التي تلوّنُ جدرانه وتجري في نسغه. ومعنى هذا أنّ في الديوان اشتغالا على السردية داخل القصيدة، فأغلب القصائد تشتملُ على حكاية وعلى راوية يجمع في اعترافاته بين المؤتلف والمختلف، المتنافر والمتجانس، السماوي والأرضيّ، المائيّ والرمليّ في بوثقة واحدة؛ هي القصيدة في اكتمالها وتحققها واحتمالها لجبال الجراح ولجميع حالاتِ الإنسان والعالم وتناقضاتهما.

في بداية قصيدة «سراب» وهي أول نص من الديوان:

«أرى، لا أرى، أمشي على ظهر غيمة الأماني، وأخشى أنْ يعذِّبني الغدُ، كأنِّي سماء لا حدود لجرحها، أوَ اَنِّي جراحٌ كالسّماوات تصعدُ، أراودُ وجهَ الحزنِ عنْ لون حزنهِ، لعل ورودَ القلبِ تُسْقى بمائه الذي غاص في أسرار روحي ولمْ يَعُدْ، كأنِّي به موتٌ يُضيء مجاهلي، وكل الذي يذروه ثلجٌ لهيبُه يبرِّدُ غاباتِ الشعور ويوقدُ.
http://www.al-watan.com/viewnews.aspx?n=43EB4E9B-E795-4B8F-B34F-49AA5E7EF835&d=20110819#.TlBi0i8M-fg.फसबूक


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الهدم البنّاء و مفهوم الزائل في الفن المعاصر لمحراب التشكيل / محمد فارس

الصورة في الفن المعاصر بين الإدراك و التأويل / محمد فارس تونس

حوار الخامات وولادة الأثر، قراءة في تجربة سامي بن عامر / رياض بنالحاج أحمد: باحث جامعي