قراءة في: المجموعة القصصية "المهجور" للكاتب: بن عـلية رابحي
قراءة في: المجموعة القصصية "المهجور" للكاتب: بن عـلية رابحي
02/02/2011 بقلم الأستاذ : سليم عكاشة
تمكنت أخيرا من الاطلاع على المجموعة القصصية الموسومة بـ:"المهجور" لكاتبها الجلفاوي بن علية رابحي ، و الصادرة عن وزارة الثقافة سنة 2007 في إطار تظاهرة الجزائر عاصمة الثقافة العربية ، و هي تمثل باكورة الإنتاج القصصي للكاتب ما بين فترتي 1989 و 2004 ، تضم المجموعة 12 نصا تتنوع مواضيعها بين الإبداع الخيالي و تناول أحداث تاريخية بشكل قصصي يتحمل إضافات جمالية للنص ، و قصص اجتماعية ممتعة تغطي فترات مختلفة من آرشيف اليوميات الجزائرية.
سيميائية العنوان : تشكل عنوان المجموعة من كلمة واحدة و هي عبارة عن صفة معرفة ، "المهجور" يوحي بدلالة : الوحدة ، الغربة ، التخلي ، التأمل ، العزلة ، السواد ...
لكن بعد قراءتي لمجموع النصوص اتضح لي تعدد الشخصيات و اختلاف دوافعها و أهدافها في أغلبية هذه القصص ، بعيدا عن الدلالات سابقة الذكر ، و كأني بالكاتب يصف و يقصد نفسه بالعنوان لا النصوص.
ما يلاحظ في أول نظرة على المجموعة هو غياب التقديم لها و قد يكون الكاتب تعمد هذا التغييب باعتبار التقديم لا يضيف أي قيمة إبداعية ، و لكن مجرد كلمات تمهد للدخول في عملية القراءة ، أما الإهداء فكان قصيرا و مركزا و خاصة في عبارته الأخيرة المهداة لمدينته " التي تدفعه لاحتضان القادم من بعيد".
القصة المطلعية المعنونة بـ: ماريمادونا هي عبارة عن نص قصير غارق في الحداثة الرمزية ، تروي قصة فتاة جزائرية مسحورة بـتمائم "الربط" ، أي أنه لا يمكن لأي رجل فض بكارتها ، تزوجت بابن عمها الذي أحبها و لكنه اصطدم بالمشكلة فتركها و غادر لتتحول بعده ماريمادونا لعاهرة عذراء إلى الأبد ، أما قصة الصخرة المأثومة فقد بنيت على حدث حقيقي وقع في مطلع القرن العشرين قرب مدينة الجلفة حينما سقطت صخرة من مقلع الحجارة على أحد الجنود الفرنسيين و سحقته ، تمت محاكمة الصخرة بحضور السلطات العسكرية و المدنية و حكم عليها بأن تكبل بالسلاسل الفولاذية عقابا لها على جريمتها في حق الجيش الفرنسي ، و تروي قصة " رحلة الصمت" مأساة شاب جزائري مجاهد في جيش التحرير الوطني ، جرح في المعركة الأخيرة الفاصلة و التحق بمغارة و لما استيقظ وجد نفسه يعيش سنوات التسعينيات و هناك أصابه الصمم و البكم و لم يستطع قول أي شيء ، و تصف قصة "العابرون" جيوش من الأشباح تعبر وسط القرية صباحا في حين كان السكان يتشاجرون عن حليب الماعز و ملكية التيس ، أما قصة "العائد من بغداد " فقد أسقطت صورة بغداد العباسية على صورتها تحت الاحتلال الأمريكي فلم يحدث التركيب و حدث التنافر ، و تتناول قصة "وادي ملاح" تخيلات الكاتب لهذا المجرى الذي يفصل بين الجهتين الشرقية و الغربية لمدينة الجلفة و إبراز صور رمزية لواقع سكان المدينة ، أما قصة "على فراش القانون" فتناقش إشكالية العدالة و تطبيق القانون و تناقض هذا مع النظرة المثالية ، " أيام قيس الأخيرة" سؤال في وجه العولمة و الحداثة المادية و التضحية بالجمال الروحي من أجل إشباع الغرائز الحسية ، هذه عروض موجزة لأهم النصوص في المجموعة.
ما شدني حقا و أنا أقرأ نصوص المهجور ، هو ذلك الأسلوب المتميز البعيد عن الإملال ، و قد شعرت أن أسلوب الكتابة اشد تشويقا من الأحداث التي كانت بسيطة و لكن بساطتها أثرت قوة التعبير و توصيل المعنى ، إنها قصص لا أعتقد أن يمل القارئ من إعادة قراءتها ، و قد برز الجانب الجمالي فيها بشكل ملفت للانتباه ، أما اللغة فلا يشعر القارئ بواسطتها بأي نشاز إيقاعي أو إزعاج لساني ، و قد ظهرت الأفكار جديدة و واضحة حيث لا تتطلب مجهودا ذهنيا كبيرا.
هذا ما يمكن قوله بعد قراءة سريعة لمجموعة " المهجور" لصاحبها بن علية رابحي في انتظار مجموعات أخرى من مثل هذه النصوص أو أجمل.
حقيقة لقد احدث الفنان و القاص بن علية رابحي نقلة نوعية في كتابه المهجور و لعل اهم ما ميزه ،ذلك المهجور المقصود في المعاني ذاتها و هي بحق مجموعة قصصية تستحق التوقف و القراءة على اصعدة عدة و لكن نتمنى الا تبقى المهجور يتيمة و مهجورة و نطالب
ردحذفالقاص بن علية ان تنجب بنات افكاره اختا جميلة فتزول الهجرة و يعودان الى الوطن الفكري و الادبي .
ننتظر جديدك يا بن علية
االاستاذ محمد عبد اللطيف زعيتري
ابدعت فناننا بوكرش و بوركت لوقوفك دائما الى جانب المبدعين
ردحذففبن علية رابحي يستحق حقا هذه الالتفاتة الطيبة و نتمى له كل النجاح و التوفيق في ميدان الفن و الادب و ننتظره فنانا واعدا ان شاء الله
ردحذفنحن في الخدمة أصدقائي المبدعين دون مزية ولا شكر...أنتم مائي وهوائي المفضل
ردحذفشكرا أيها الجميل محمد زعيتري
تحية رمضانية عطرة و بعد ،
ردحذفأشكر الأستاذ محمد زعيتري على تعقيباته المشجعة و أتمنى له مسارا أكاديميا كأستاذ جامعي متميز بروحه المرحة و منهجيته المريحة.
بن علية رابحي