أركيولوجيا كاذبة / محمد الأمين سعيدي
أركيولوجيا كاذبة
محمد الأمين سعيدي
في المحطَّة المزدحمة بالدلالاتِ
بالقادمين من جهاتٍ تكفرُ بالبوصلةِ
بالخارجين للتوِّ من ذاكرة الجرحِ الآسِنِ
المنهكين كما الهشاشةِ
في هؤلاء جميعا
راكبٌ واحدٌ يحملهُ قطارُ التأويلِ
والبقية يتساقطون كالخوف...
المسارُ رحلةٌ إلى الغيبِ
إلى أرضٍ واسعة في المخيالِ
ضيِّقةٍ في الجغرافيا
لا شيء يربكُ الراكبَ أكثر من النوافذ الصريحة
فالعالمُ أكثر حقيقةً منه اليوم
أكثر وهما منه الأمسِ
أكثر قربا من فناءٍ يلبسُ الضحكة الصفراء
نوافذ القطارِ لا تؤمن بفوارق البيولوجيا
لا تؤمن أيضا بأنانية الحزبِ الواحدِ
ولا بغرور الأيديولوجيات العرجاءْ
الجميعُ كأنهم واحدٌ، كأنهم شتى:
((الفقراء/الأغنياءُ/التائقون إلى السماء/
الملتصقون بظلمة الطين/البعيدون كالهروبِ/
القريبون كالموتِ/الوقحون كالفجيعة/
الذابلون كالرحيلِ/الغريبون كالمنفى/الخارجون من فوهة الوقتِ/
الثقيلون كالجاذبية/العابرون كالغيوم الحزينةِ/
الداخلون إلى الغيب مفعمين بالنور/الصابرون/الوحيدون/العاشقونَ/الجميلون كالطيبةِ/
القبيحون كالفقر...))
جميعهم جاؤوا من نزْفِ الأرضِ، من آلامها القديمةِ
وجميعهم يرجعونَ إلى بطنها الجائعِ
جميعهم يمتطونَ الميلادَ والموتَ والبعثَ والقيامةَ
ويعودون إلى الله.
تعليقات
إرسال تعليق