الفنان كالسياسي كلاهما يصنع الحياة بأدوات حضارية / شابخ سعاد


Photo : ‎عمل الفنان ساطور عبد الحميد (الجزائر وطننا) من مجموعة بوكرش محمد‎

الفنان كالسياسي كلاهما يصنع الحياة بأدوات حضارية


الإثنين, 10 حزيران/يونيو 2013 

في الأصل كان الفن ببساطة هو الحياة على امتداد مساحات الكون، ومرتقيا بحواس البشر، انطلاقا من مخيلة، ترى ما لا تراه الجموع الغفيرة، فيقدم لها زادها من الوعي والتهذيب، منذ انفجار الحضارات في سومر وبابل ومصر وأثينا وروما والفنان مبدعا يكافئ بمنزلته الأباطرة والملوك. تلك هي الملكة عشتار اكتسبت خصائص الجمال وتحصنت بألقابه لتنصب نفسها آلهة للحب والخير والجمال في وادي الرافدين إدراكا منها أن» شرعية البقاء تقترن بسمو الفن وارتقاء قيم الجمال « وأرست الجزائر أرض توالد الحضارات، قواعد وجودها منذ رسم أبجدية الحرف الأول للوجود البشري بعطاءات الفن والإبداع، الذي نراه شاهدا حيا في مغارات الطاسيلي الكاشفة عن فنان جزائري سبق البشرية برؤاه الاستشرافية التي طبعها على جدرانها العابرة بما احتوته من إبداعات الفكر الإنساني المتقدم كل الأزمنة والعصور قبل أن تصل إلى العصر الراهن. رأى الفنان الجزائري بشواهده التاريخية في تلك الأزمنة السحيقة ما نعيشه اليوم وما نراه، فأضحى ذلك المتنبئ «الإستشرافي» بما سيبلغه الكون من درجات تطور في الأدوات والأزياء وأشكال المعيشة، فسبق من يتباهى بالسبق.. وهو يفتح مسارات العطاء التي لا تقف عند نقطة ما .. وترك في كل عصر من العصور آثاره بما تتضمنه من بعد أنساني خلاق. واليوم يبلغ الأصل مداه المعاصر.. وعطاءات الفن تزين أرضنا من أقصاها إلى أقصاها تحكي لنا قصص الماضي والحاضر بفنون هندسة العمارة والرسم والنحت والمسرح والموسيقى والغناء حتى وصلنا إلى فن السينما التي اخترقت كل الحواجز واكتسبت الصفة العالمية بـ« كاميرا « المبدع الأخضر حامينا . ويبقى الفنان كالسياسي «الثائر» في خصائص الأرض الجزائرية ينزعان منذ البدء نحو التواصل في إعادة بناء الحياة بلغة حضارية متقدمة كلا بما يمتلكه من أدوات وبما يؤديه من وظائف إنسانية. لكن أي منهما انتزع حظوظه في الحقوق والأحلام ؟ الفنان الجزائري الذي دخل العقول كما القلوب بعطاءاته انتزع لنفسه نشوة الفن دون حساب المكاسب المادية وما يلحق بها من وسائل ترف حياتية . أما السياسي فقد انتزع باستحقاق نشوة مغريات السلطة، وما يلحق بها من مزايا الجاه والنفوذ والامتلاك. في يوم الفنان يفرض ذلك السؤال نفسه: أيهما انتزع حظوظه في الحقوق والأحلام ؟؟ ربما تأتي الإجابة بلسان فنان يحترق خلف الكواليس : أديت وظيفتي ولم أنل من الحقوق سوى ما أبعدني عن تحقيق الأحلام المنسية في أجندة يومياتي.

شابخ سعاد
ـــــــــــــــــــــــــــــــ


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الهدم البنّاء و مفهوم الزائل في الفن المعاصر لمحراب التشكيل / محمد فارس

الصورة في الفن المعاصر بين الإدراك و التأويل / محمد فارس تونس

أعلام الموسيقى والغناء في العالم العربي الشيخ العربي بن صاري (1863-1964) / محمد بن عبد الرحمن بن صالح