ألوان تبدي رغبتها الاقتراب من الناس / عدنان بشير معيتيق
عدنان بشير معيتيق
ألوان تبدي رغبتها الاقتراب من الناس
par Adnan Meatek (Articles), mardi 4 juin 2013
بقلم : عدنان بشير معيتيق
لوحة الفنان محمد الغرياني
يسعى كل الفنان أن يحفرعلى جدران مدينة الفن ببصمات خاصة تدل عليه وتشير إلى أعماله ,أنفاسه الخاصة بتميزه وسلكه طريقا مختلفا عن ما كان قبله وحتى ربما عن من ستأتي بعده,هذا شعور جميل يجب أن يلازم كل مبدع ولكن دون المبالغة والسعي المحموم بغير دراية أو معرفة عميقة بما تم انجازه في عالم الفنون التشكيلية بشكل عام على مر التاريخ. إن الفنان محمد الغرياني لم يعتمد على النهجية في الرسم عنده بحيث يمتلك أسلوبا خاصا به أو إن الفنان لا يركز على هذا الهدف أصلا, فهو يرسم بكل حرية, بعيد عن هذا الهاجس والركض وراء التميز والاختلاف من اجل الاختلاف فقط , بعيدا أيضا عن الأكاديمية التي وقع في شباكها الكثير من الفنانين دون معرفة لطريق الخروج منها .
لوحة الفنان محمد الغرياني
يجنح إلى التبسيط في أسلوبه وتناوله القضايا التشكيلية الراهنة على تنوعها في أعماله ووجوده في نطاق ملامح المدارس التشكيلية الليبية الراهنة فهو يتجول بين عوالم لونيه جميلة لا تنقصها الخبرة والذائقة البصرية التي اكتسبها الفنان خلال سنوات طويلة من التجريب في حقول متعددة فقد وطئت قدماه الكثير من مواطن الجمال وهذا يتضح جليا في أعماله الأخيرة.
لوحة الفنان محمد الغرياني
رسم الحياة الليبية البسيطة بروح تلك الأيام البعيدة, جمال مكنوناتها الزاخرة بالمنتجات التقليدية ورسومات السجاد ومفردات الحياة اليومية والهندسة المعمارية للمدن الليبية على اختلافها من ملامح طرابلسية الى ملامح مدن الجنوب الليبي الجميل وما يتميز به من خصوصية وجمال كمدينة غدامس الزاخرة بنخيلها وزخارفها وجدرانها المتلألئة بألوانها الأصيلة في أعمال تنقل بكل أمانة حياة الناس حلوها ومرها وتفاصيل من علاقات حميمة بين البشر والأمكنة التي سكنوها .
أعماله التجريدية هي في حقيقتها خلاصة لتجربة سابقة وخبرة في التعامل مع المواد المستخدمة, محاولة التخلص في النصوص البصرية التقليدية والابتعاد عن الشكل إلى ما هو ابعد من ذلك بالتركيز على الحالة التعبيرية وما تنتجه من أعمال مبهرة, تبقى مجاورة لأعماله السابقة من حيث الخصوصية الليبية وما تنضح به من رموز, أشكال, ألوان تظهر تارة ثم تختفي في الكثير من الأعمال, رغم أنها تختلف في شكلها العام باختفاء التكوينات التقليدية في محاكاة الحياة وما تنعكس منها بشكل مباشر كما هو في السابق وتحل محلها الأشكال المختزلة إلى ابسط ما يمكن. ولا تكف ألوان الغرياني عن إلحاحها الشديد رغبتها الاقتراب من الناس وعدم الانفراد في خطابها البصري فهي نابعة من الناس وموجه إليهم, تتسلل إلى خواطرهم وتتحاور معهم وتشاركهم همومهم وأفراحهم، كل هذا نتاج صدقها وبالتالي من صدق الفنان وتأصله وارتباطه بالناس فالحالة الإنسانية عنده ليست تمثيلا على الأسطح المصمتة فقط بل تتجاوز ذالك بكثير إلى متن الحياة التي يرتقي فيها الفنان إلى أن يصبح إنسانا جديرا بهذا التسمية وجديرا بالحياة نفسها .
عدنان بشير معيتيق
فنان تشكيلي من ليبيا
2013.01.14
تعليقات
إرسال تعليق