مع السعيد بوطاجين.... / حبيب مونسي


مع السعيد بوطاجين.... / حبيب مونسي
حبيب مونسي
الصحافة والرواية... هل أفسدت الصحافة الرواية ولوثت لغتها ؟؟؟
هل أفادتها حين طعمت لغتها بأساليب تسجيل الخبر الصحفي؟
صحافيون يتحولون إلى روائيين... مودة أم حركة طبيعية؟

==========
كان السؤال الذي وجه الصحفي سعيد حمودي من جريدة الخبر للسعيد بوطاجين يحمل
في نبرته رأيا استقر في اعتقاد الصحفي ويريد من الناقد توثيقه.. وكانت إجابة الناقد واضحة.. كان ذلك في 2007-10-08) وكان السؤال كالتالي: "الجمع بين الكتابة الصحفية والأدبية، كيف يقرأ السعيد بوطاجين هذه التجربة الآخذة في الاطراد؟ (الجواب):هناك صحفيون وكتاب استطاعوا أن يضعوا حدودا دقيقة بين الصحافة والإبداع، هذا الصنف من الصحفيين يستحقون كثيرا من الاعتراف والاحترام، لأنه يجب أن نعترف بأن التفريق بين لغة الصحافة ولغة الأدب ليس سهلا أو مسألة بسيطة، ولذلك لا يحقق ذلك إلا قلة نادرة" وقد مر هذا الخبر بين أيدينا ولم نستثمره في نقاشاتنا حول الرواية الجزائرية لنؤسس عليه رأيا نقديا يسهل علينا فيما بعد سبل تصنيف الأعمال الرواية بحسب الإجادة في التعامل مع اللغة. ذلك لأننا نقرأ الخبر والرأي ثم نطويه سريعا ولا نحفل به. وإن علقنا عليه، فسيكون التعليق من قبيل الانطباع العاجل الذي لا يُخلف في النص ولا في النفس أثرا. كما أننا نتحاشى دوما فتح ملف الرواية والصحافة لأننا نخشى تعليقات الصحفيين التي ربما تكون جارحة، كردود أفعال على الرأي النقدي الصريح.. ومن ثم نجد بوطاجين يتقدم خطوة أخرى رادا على سؤال محاوره -الذي استشعر خلفيات هذا الموقف الحرج- : "هل هذا يعني أنك ترفض أثر الصحفي على المبدع لغويا؟ (الجواب):" أعتبر كل من لم يستطع وضع حدود بين لغته الصحفية والأدبية بلاء على الأدب. نجد هذا أكثر في الرواية، وهؤلاء خطر على فن الرواية. والرواية إن لم تكن لغة وبلاغة، فما الذي يبقى منها بعد سنوات؟ أحداث الرواية إذا لم تكن مطعمة ببعد فلسفي، فستموت، وهي عابرة، وإذا ما استمرت الظاهرة في الجزائر فسيشكل هؤلاء خطرا على الرواية الجزائرية على مستوى أدبية الأدب." فمثل هذا الموقف الذي لا يترك للقارئ ريبة في أننا -ومنذ فترة طويلة - أمام مشكلة لغوية وإبداعية مردها إلى الانتقال من الصحافة إلى الأدب، من غير أن يكون لذلك الانتقال من تأطير معرفي جمالي، وتحضير نفسي وأدبي ونقدي، وتجريب كتابي تسلس معه الأداة اللغوية، وتتخلص من شوائب الأثر الصحفي في حرفها وكلماتها ، و تتخلص من أثر الخبر الصحفي، وسبل تسجيله، لأنه موجه للاستهلاك الآني السريع الذي يدور مع الأحداث في دورانها الجنوني، على خلاف الأدب الذي ينحو نحو الانفلات من الإخبارية إلى ضرب من التعلق بالقيم التي تروم -بدورها- الثبات والاستقرار في وجدانات الناس.. وهي مسألة يوضحها سعيد بوطاجين قائلا: "الناقد الروسي ''بيلنسكي'' يقول إن ما يضفي على الأدب قيمة فنية رغم أنه تاريخي هو الجانب الجمالي، وهو وحده من يعطي للفن الديمومة وليس الأحداث.كل المنتجات الأدبية تتقاطع في التاريخ، ونجد رواية أحسن من أخرى، الأعمال تتناول الموضوع ذاته، طريقة الكلام والكتابة تبقى شيئا جوهريا تعطي للأدب جماليته." فليس الضامن لنجاح الرواية هو عدد الأحداث التي تتضمنها، والتي تكتظ بها ساحة السرد، ولا الإثارة التي نجدها في بعض الأخبار العجيبة والغريبة أو الشاذة، ولا التحدث عن اليومي العابر بلغة شفافة عارية.. وإنما الأدب في ارتفاع بالخبر إلى مستوى القضية الإنسانية التي يصح للرواية حملها ومناقشتها. والتي تضمن للنص الروائي امتداده في عمر القراءة، وبقاءه في أيدي القراء.
هذا الحوار الذي مر بيننا في 2007. كان يجب أن يثير فينا سيلا من التساؤل، وسيلا من الردود، وأن يدافع الصحفي الروائي عن موقفه ولغته، وأن يرد الناقد عن رأيه وملاحظاته. بيد أننا في واقعنا الثقافي نترك القضايا المهمة تنسرب بين أيدينا كما ينسرب الرمل بين فروج الأصابع، ثم نتحصر بعدها أننا نفتقد إلى النقد الجاد، وأننا نلحظ التسيب في طرائق الكتابة والتجريب.. ثم يأتينا السؤال الكبير لماذا تخيب الرواية الجزائرية في قوائم البوكر؟ وتغيب في الجوائز العالمية الأخرى؟؟؟؟؟

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الهدم البنّاء و مفهوم الزائل في الفن المعاصر لمحراب التشكيل / محمد فارس

أعلام الموسيقى والغناء في العالم العربي الشيخ العربي بن صاري (1863-1964) / محمد بن عبد الرحمن بن صالح

آعـظـم 100 كتاب فـي تـاريخ الـبشريـة ... (جميعها جاهزة للتحميل)