مرزاق بقطاش... الأدب مسؤولية أخلاقية.. / حبيب مونسي
مرزاق بقطاش... الأدب مسؤولية أخلاقية..
الرواية تكتب السياسة بطريقة أخرى...
في حوار له مع سعيد حمودي.. جريدة الخبر تحت عنوان
الأديب والكاتب مرزاق بقطاش في حوار مطول ...==============
سألته أولا ..عن موقفه : ''إن الأدب مسؤولية أخلاقية، وأن الشعور الديني يمنعك من السقوط في البذاءة...'' كيف تقرأ النصوص الروائية التي تتخذ من الجنس ''موضة''؟
أنا أفهم كلمة (الأدب) بمعناها العربي الإسلامي أولا، وليس بمعناها اللاتيني. في اللغة العربية: (أدبني ربي فأحسن تأديبي)، وفي اللاتينية كلمة الأدب أخذت عن كلمة (ليترا) ثم شحنت بالمفاهيم المتداولة اليوم. وسأظل متمسكا برأيي: الأدب مسؤولية أخلاقية في المقام الأول، كنت أول من كتب عن رواية سلمان رشدي (آيات شيطانية) في أواخر الثمانينيات من القرن المنصرم، وقلت يومها ما معناه إذا كانت الرواية تسمح بالنيل من مشاعر أكثر من مليار من البشر، فأنا لا حاجة لي به. وأعدت كتابة نفس الكلام بعد أن ترجمت هذه الرواية إلى اللغة التركية ومات بسببها 34 شخصا في ضواحي (كنية) في مظاهرات احتجاجية. الأدب رقي بالذوق الإنساني... أما بخصوص قراءة النصوص الروائية التي تتخذ من الجنس مطية لها، فأنا لا أقرأها، لأنها مكررة معادة، اللوحات المحتشمة في تاريخ الفن التشكيلي بعد عصر النهضة الأوروبية أهم وأرفع بكثير من تلك التي تركز على العري، لا توجد مدرسة في هذا الشأن. هناك كتاب يتهافتون على الشهرة حتى وإن هم أسالوا دماء الآخرين.
لا شك أن الهم السياسي لا يفارق أعمالك، كيف ترى علاقة الرواية والأدب عموما بالسياسة من جهة، وحضور السياسة في الرواية الجزائرية، خاصة على مستوى جيلك؟ وهل استطاعت أن تكون بمستوى التراجيديات الراهنة؟
أنا لا أفصل بين السياسة والأدب، هما صنوان متلازمان، أو شقيقان توأمان منذ وجد الإبداع الأدبي. هوميروس يتحدث عن حرب طروادة وعودة (أوليس) إلى (إيثاكه)، لكنه ينظر إلى عالم السياسة من زاوية الأدب. وهذا أهم ما في الإبداع كله. وزهير بن أبي سلمى يفعل نفس الشيء حين يمدح (هرم بن سنان)، ذلك الذي عمل على إطفاء نار الحرب بين القبائل المتناحرة، لكنه يطل على عالم السياسة من زاوية المشاعر النبيلة.. ينبغي أن نضع العلاقة بين الأدب والسياسة في إطارها الصحيح، أي في أصل الكلمة نفسها: ساس يسوس، سواء على مستوى الذات أم على مستوى الجماعة، لا أعتقد بوجود أديب يعيش فوق المجتمع أو في برج عاجي، والمعيار الفاصل في هذا الشأن هو أن تكون مع الإنسان وحقيقته. وإذا كان الروائيون الجزائريون خلال السبعينيات قد وقفوا إلى جانب الثورة الزراعية، فإنما لإيمانهم بأحقية الإنسان الجزائري في أن ينطلق قدما إلى الأمام، وليس في ذلك أدنى عيب، بالرغم مما يحاول ترسيخه بعض الكتبة في أيامنا هذه، الناس الذين يقرأون ويكتبون اليوم هم نتاج ذلك الجهد الجبار الذي بذلته الجزائر كلها، وهم أيضا نتاج جميع ما كتب من أدب خلال تلك الفترة... أفتح القوس، وأقول: ما كنت اشتراكيا في يوم من الأيام، ذلك لأن الاشتراكية تجربة وراءها أنهار من الدماء والحروب الأهلية في مناطق أخرى من العالم، وإنما فرضها البعض علينا فرض.
خاض كثير من الكتاب الجزائريين نقاشات تتفاوت من حيث الجدية والمسؤولية في الطرح، في مقدمتها الأدب الاستعجالي؟
الأدب لا ينضج إلا على نار هادئة، أما حكاية الأدب الاستعجالي هذه، فإنني أعتبرها نكتة ليس إل. تعلمت من تاريخ الأدب العالمي أن الإبداع عبارة عن فلسفة ووجدان وتأمل في حقائق الذات والمجتمع، هناك استثناءات قليلة جدا في تاريخ الكتابة الإبداعية، بل لا يمكن أن تعتبر استثناءات على الإطلاق، لأن وراءها تجربة طويلة ومعاناة عميقة.
تعليقات
إرسال تعليق