الرواية.. والرؤية الصحفية... / حبيب مونسي


الرواية.. والرؤية الصحفية...

حبيب مونسي
حبيب مونسي

الروائي /الصحفي "اسماعيل إبرير"...يشخص واقع السرد الجديد.. أو كما أسماه "سمير قسيمي"" الجيل الثالث " الذي ينتسب إليه.. قائلا:
"تحمل الرواية الجزائرية-الجيل الثالث- هواجس سردية مختلفة عن تلك التي ميزت جيل التأسيس والجيل الذي يليه، وبالتالي فهي تخوض في مواضيع لم تعرفها الرواية الجزائرية من قبل، ويكتب وفق تقنيات يبدو أن انفتاح الروائي الجزائري على التجارب العالمية الأخرى ساهم في ترسيخها. كما لعب الواقع الجزائري سيما في الفترة اللاحقة لما عرف في الجزائر بالعشرية السوداء، دورا في التمكين لرواية الجيل الثالث التي تتشارك في عمومها أسئلة تتعلق بشكل واضح بالوجود، من دون أن ترقى لتكون أسئلة وجودية. "
=======
في تصريح له لجريدة "الجزائر نيوز" يعود إلى يوم " الاثنين 22 نوفمبر 2010" يقول:« يبدو اليوم، المشهد الروائي الجزائري في انتشاء بإصدارات متعددة، وأسماء مختلفة، ونصوص لا تتشابه، ولكنها تتقاطع وتتفق في رغبتها الملحة في التفوق من جهة، وفي استسلامها لرهانات الشكل•» وهو تصريح الصحفي الذي يرصد المشهد الثقافي فيجد فيه ذلك العدد الكبير من النصوص التي تجد سبيلها إلى النشر مستفيدة من مشاريع الدولة في تحريك عجلة الطبع، ومن عزم أصحاب الدور النشر الذين يرون للرواية رواجا في المعارض، وحضورا في المسابقات الوطنية والدولية. وهي ظاهرة صحية في عمومها، غير أنها منفلتة القيد، لا تستند إلى تحكيم دقيق في اختيار النصوص التي تقدم للنشر، ولا يتبعها تدقيق لغوي يصفي نصوصها مما يشوبها من أخطاء تسيء إلى النص، والدار، واللغة، والقارئ.. ففي استعماله لفظة "انتشاء" نلمس كثيرا من حقيقة الواقع الذي يشوبه شيء من "الثمالة" التي تدير الرأس، وتفقد الصواب، وتجعل الأبعاد غير واضحة التخوم، ولا دقيقة الحدود. وكأن الكلمة التي اختارها إنما تعبر عن ذلك التداخل الكبير في وتيرة الكتابة، وسوق النشر. وأن الكلمة تحثنا على إيجاد "حالة من التعقل" ندفع بها " الانتشاء" الذي يخلط بين الصالح والطالح، والغث والسمين، ويطرح كل ذلك على بساط النشر والعرض.
ربما تفسر حالة "الانتشاء" طبيعة النصوص التي تحتل ساحة الرواية الجديدة.. فهي حسب "اسماعيل يبرير" "نصوص لا تتشابه" وهو حكم له خطورته في هذا السياق المضطرب،لأننا نتحدث عن جيل واحد في نسق ثقافي واحد، في بلد واحد، يفترض فيه أن تكون النصوص قريبة من بعضا مضمونا، وشكلا، ورؤية للعالم، لأنها تمتح مادتها من معين واحد.. غير أن الحكم بأنها لا تتشابه يجعلها كلها دون استثناء عرضة "للتجريب". فهذا الأخير وحده القادر على أن يجعل منها نصوصا مختلفة تخضع لأهواء الروائي، ولا تستقر على منوال سابق، تستمد منه بعض ملامحها. مما يجعلها تقع خارج التنظير الروائي الذي يستكتبه النقد الجديد. فكل نص في حاجة إلى نقد خاص، وإلى رؤية نقدية خاصة، لا يمكن إجراؤها على نص آخر قريب أو بعيد..
هذه الحال من "الشتات" في الرؤية النقدية هي التي تربك النقاد والروائيين جميعا، حينما يتعذر على الكل إيجاد أرضية للتوافق بينهم، يدورون عليها أحاديثهم في المعايير والمقاييس الجمالية. لأننا حين نقر بأن النصوص لا تتشابه، لا نقصد مضمونها، وإنما نقصد طبيعة السرد فيها، وطبيعة اللغة المستعملة في الحكي، وطبيعة الأهداف المعلقة بمقاصدها.. ذلك هو بعد الافتراق والاختلاف في نفي عدم التشابه بينها.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الهدم البنّاء و مفهوم الزائل في الفن المعاصر لمحراب التشكيل / محمد فارس

الصورة في الفن المعاصر بين الإدراك و التأويل / محمد فارس تونس

أعلام الموسيقى والغناء في العالم العربي الشيخ العربي بن صاري (1863-1964) / محمد بن عبد الرحمن بن صالح